محمد عزة دروزة
ولد محمد عزة دروزة آخر شهر يونيو سنة 1888 في مدينة نابلس الفلسطينية، أبوه عبد الهادي بن درويش إبراهيم بن حسن دروزة، وقد سمع من جده أن أسرته تنسب إلى عشيرة الفريحات التي تستوطن قرية (كفرنجة) في محافظة عجلون شرق الأردن. ويبدو أن قسماً كبيراً منها قد هاجر في أوائل القرن الحادي عشر الهجري، واتجه بعضهم إلى نابلس ولقبوا بعائلة دروزة بمعنى الخياطة، حيث كان بعض أجداده يعمل درازاً أو خياطاً.
التحق محمد عزة دروزة حين بلغ الخامسة من عمره بأحد كتاتيب مدينة نابلس ليتعلم القراءة والكتابة وتجويد القرآن، وفي عام 1895 ألحقه والده بالمدرسة الابتدائية الحكومية بعد قيامها مباشرة، ثم انتقل بعد أن حصل على شهادتها إلى المدرسة الرشيدية الإعدادية وتخرج منها سنة 1906، وعلى الرغم من تفوق دروزة في دراسته الإعدادية إلا أن أحوال أسرته لم تسمح له بمواصلة الدراسة في الخارج.
دخل دروزة متمرناً في دائرة البرق والبريد، وما لبث أن دخل سلك الوظيفة في الدائرة نفسها، وتنقل في عدة وظائف: وكيلاً لمديرية بيسان، فمأموراً ووكيلاً لمديرية نابلس، فرئيساً لبيع الطوابع في بيروت فمأموراً متجولاً، ثم مفتشاً على مراكز البرق والبريد المدنية في سيناء، ثم صار سكرتيراً لديوان المديرية العامة في بيروت إلى نهاية الحرب العالمية الأولى. وقد أتاحت له هذه الوظيفة فرصة التعرف على أجزاء كبيرة من البلاد فعرف خان يونس وغزة وبيسان من أراضي فلسطين، وإربد ومأدبا في شرق الأردن، وأذرع والنبك في سوريا، كما أتاحت له هذه الوظيفة فرصة الاطلاع على الجرائد والمجلات التي كانت ممنوعة من دخول الأراضي العثمانية كجرائد المؤيد والأهرام والمقطم، ومجلات المنار والمقتطف والهلال وذلك قبل إعلان الدستور العثماني سنة 1908.
وقد كان لحرمان دروزة من التعليم العالي أثر كبير في نفسه، حيث ولد لديه رغبة وطموحاً كبيرين لتعويض ما فاته من ذلك، فبدأ يطالع كل ما يقع في يده من كتب قديمة وحديثة، عربية وأجنبية. فكان يقرأ لغوستاف لوبون وهربرت سبنسر وغيرهما من رجال العلم والفلسفة الأوروبية، وكان يقرأ للشيخ محمد عبده ورشيد رضا والرافعي وشكيب أرسلان بالإضافة إلى اطلاعه المستمر على ما كان ينشر من مقالات أدبية واجتماعية لجورجي زيدان وشبلي شميل وقاسم أمين وغيرهم.
وقد استمر اهتمام دروزة بالعلم والتعليم ولم تشغله أعباء وظيفته عـن ذلك، بـل كان ـ على حد قوله ـ يحمل صندوق كتبه في كل أسفاره وتنقلاته، وصار لا يترك الكتاب من يده في معظم يومه حتى أنه قرأ في فترة لا تتجاوز الثلاثين سنة ألف وخمسمائة كتاب ومجلد في مختلف الموضوعات من لغة وصرف ونحو وأدب وشعر وقصص وتاريخ وتفسير وسيرة وحديث. غير أنه لم يتلق العلم على أيدي علماء متخصصين إلا لفترات بسيطة ومتقطعة حضر فيها دروساً في الفقه على الشيخ مصطفى الخياط في الجامع الكبير بنابلس، ودروساً في الحديث من كتاب صحيح البخاري على الشيخ سليمان الشرابي، وأخرى في النحو والصرف على الشيخ موسى القدومي الذي كان مديراً للمعهد الديني في نابلس حتى عام 1967.
كان دروزة في مقتبل عمره عنصراً متفتحاً، يفتح له علية القوم مجالسهم ويشترك معهم في المجالات السياسية والوطنية والعلمية، وقد أتاح له عمله الوظيفي فرصة التعرف على كثير من المتنورين من أبناء جيله وكانت له صلات كثيرة مع أولئك بحكم عمله في أماكن مختلفة وفي وظائف متباينة، فقد عمل في دائرة البرق والبريد حتى أصبح سكرتيراً لديوان المديرية العامة للدائرة نفسها في بيروت، والتحق بعد ذلك للعمل سكرتيراً في ديوان الأمير عبد الله بن الحسين، ثم صار مديراً لمدرسة النجاح الوطنية الثانوية في نابلس من سنة 1922ـ 1927، ثم صار مديراً للأوقاف الإسلامية في فلسطين من سنة 1933 إلى سنة 1937 وهو أعلى منصب شغله في حياته. وفي خريف هذه السنة وضع الإنجليز يدهم على الأوقاف الإسلامية، والمجلس الإسلامي الأعلى الذي كان يشرف على هذه الأوقاف بسبب الثورة الفلسطينية التي اندلعت سنة 1936 فأقالوه ولم يعد بعد ذلك موظفاً.
عمل دروزة في الأوقاف لفترة طويلة أحدث تغييراً ملحوظاً في اتجاهه الثقافي العام، ففي حين كان اهتمامه منصباً على النواحي السياسية والقومية في فترة العشرينات، فإنه مع بداية الثلاثينات اتجه إلى التحديد والتركيز على النواحي الدينية، فانكب يطالع ما يقع تحت يده من كتب التفسير والفقه والحديث، وظل هذا الاتجاه يتعمق تصاعدياً حتى بداية الأربعينات ليبدأ بعدها مرحلة الإنتاج والتأليف. هذا بالإضافة إلى المصادر والمؤثرات الأولى التي أثرت في تحديد إطاره الفكري وتوجيهاته الإسلامية منذ البداية وأهمها نشأته في أسرة متدينة محافظة، وثقافته الصوفية التي اكتسبها من انضمامه إلى الطريقة النقشبندية، واتصاله بمشايخها في مجالسهم ودروسهم وحلقات أورادهم وهذا فضلاً عن ثقافته الاجتماعية الواسعة التي اكتسبها من تجاربه الذاتية وعلاقاته الاجتماعية وتجواله المستمر في المدن والأرياف بحكم عمله في دائرة البريد في بداية الأمر، وبحكم انتمائه إلى بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية في مرحلة لاحقة.
بدأ محمد دروزة نشاطه السياسي عقب إعلان الدستور العثماني سنة 1908، فقد انتسب في بداية الأمر إلى نادي جمعية الاتحاد والترقي في نابلس ولكنه سرعان ما انفصل عنه بعد أن تبين له أن القائمين عليه تنكروا لوعودهم، ثم سارع مع نفر من أصدقائه في مدينة نابلس إلى تأسيس فرع لحزب الائتلاف والحرية الذي تأسس في الأستانة ليكون معارضاً لأفكار جماعة الاتحاد والترقي، وتسلم دروزة سكريتيرية هذا الفرع الذي كان له دور ملحوظ في إحباط أحد المشاريع الاستيطانية المبكرة في غور نابلس.
وفي سنة 1912 قام دروزة مع عدد من رفاقه من ذوي الميول القومية بتأسيس فرع لحزب اللامركزية المؤسس في مصر والذي كان من جملة أهدافه الاستقلال المحلي عن التبعية العثمانية، غير أن الدولة ما لبثت أن انضمت إلى محور ألمانيا، وأعلنت الطوارئ وحالة الحرب فتجمد نشاط الفرع.
كان دروزة قبل ذلك قد اندمج في حركة المطالبة بالإصلاح وفي حركة المؤتمر العربي الذي انعقد في باريس سنة 1913، وفي سنة 1916 انضم إلى جمعية العربية الفتاة السرية، وقد انتخب مرتين في الهيئة المركزية لهذه الجمعية.
عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1918، ودخل الملك فيصل دمشق مع الإنجليز، كان دروزة وقتها في بيروت، ولما احتلت فرنسا لبنان اضطر دروزة للعودة إلى نابلس حيث أسهم مع رفاق له في تأسيس (الجمعية الإسلامية المسيحية) وانتخب سكرتيراً لأول مؤتمر عربي فلسطيني انعقد في القدس سنة 1919. وقد أقر المؤتمر ميثاقاً وطنياً يحدد مطالب البلاد التي تتلخص في المناداة باستقلال فلسطين وسوريا كجزء من الأمة العربية، ورفض وعد بلفور والهجرة اليهودية. كما انتدبه المؤتمر ليذهب ممثلاً له إلى سوريا، ولكن الإنجليز منعوه من السفر. وفي هذه الأثناء دعا الحكم الفيصلي إلى مؤتمر سوري ليعرض مطالب أهل سوريا على لجنة الاستفتاء الأمريكية، فانتدب دروزة لتمثيل نابلس في المؤتمر. وقد اختاره المؤتمر السوري سكرتيراً له، وكان من أعضاء المؤتمر الذين اختيروا لمقابلة اللجنة الأمريكية.
وعندما أسس حزب الاستقلال الذي كان بمثابة واجهة سياسية للحكم الفيصلي في سوريا، كان دروزة عضواً مؤسساً لهذا الحزب ومقرراً للدستور فيه، غير أن فترة العهد الفيصلي لم تدم طويلاً فقد تم الاتفاق الإنجليزي الفرنسي بجعل سوريا تابعة للنفوذ الفرنسي، وتخلت بريطانيا عن فيصل الذي دعا إلى المؤتمر السوري لإعلان استقلال سوريا من طرف واحد، وكان دروزة أحد الذين اشتركوا في صياغة هذه الدعوة بصفته سكرتير المؤتمر، وهو الذي تلاها على الجماهير السورية المحتشدة يوم 8 آذار 1920 من شرفة البلدية بدمشق، وأدى ذلك إلى تدخل سريع من فرنسا حيث غزت قواتها سوريا وأسقطت الحكم الفيصلي فيها في 24 تموز 1920، ثم أصدرت المحاكم العسكرية أحكاماً بالإعدام على عدد كبير من رجال العهد الفيصلي من سوريين وفلسطينيين من بينهم محمد عزة دروزة.
رجع دروزة إلى فلسطين، وأخذ ينشط مع رفاقه في النضال والمقاومة في وجه الحكم الإنجليزي والخطط الصهيونية فعاد إلى سكرتيرية الجمعية الإسلامية المسيحية التي تحولت باسم الجمعية الوطنية، وظل سكرتيراً لها إلى نهاية سنة 1932، وكتب العديد من المقالات التي تنبه إلى خطورة القائمين على أمر الحركة الصهيونية الذين يلجؤون في سبيل تمرير مخططاتهم إلى التمويه والخداع لحجب نواياهم وأهدافهم.
وفي هذه الفترة كانت الدعوة إلى إنشاء نواد تضم شباب المسلمين قويت في بعض البلدان الإسلامية، فقرر شباب فلسطين أن ينشئوا جمعيات باسم جمعيات الشبان المسلمين، وقامت في نابلس جمعية انتخبت دروزة رئيساً لها وكان ذلك سنة 1928، وكان خلال هذه الفترة عضواً في المؤتمرات الفلسطينية ولجانها التنفيذية، كما كان عضواً في المؤتمر الإسلامي العام المنعقد في القدس وسكرتيراً أول له.
وفي سنة 1932، أنشأ دروزة مع عدد من رفاقه الاستقلاليين القدماء حزباً جديداً في فلسطين هو حزب الاستقلال العربي الفلسطيني تجديداً لذكرى حزب الاستقلال الفيصلي في سوريا، وكان من أهداف هذا الحزب: مواجهة الانتداب البريطاني لأنه أصل الداء وأساس البلاء، ومقاومة الصهيونية ومحاربة مخططاتها الاستيطانية في فلسطين، والعمل على استقلال البلاد العربية ووحدتها بما فيها فلسطين التي هي جزأ لا يتجزأ من سوريا الطبيعية، كما عمل على تشجيع الصناعات الوطنية وطالب بمقاطعة البضائع المستوردة.
كان دروزة يشترك مع رفاقه أعضاء الحزب ثم أعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر الفلسطيني في تنظيم مظاهرات وقيادتها، وقد شج رأسه من قبل خيالة الإنجليز في إحدى هذه المظاهرات التي قامت في يافا في 27/10/1933، ثم اعتقل وحكم عليه بالسجن عشرة أشهر مع الأشغال الشاقة.
في أوائل سنة 1936، أُعلن الإضراب الكبير في فلسطين، الذي انبثقت عنه حركة ثورية ضد الإنجليز واليهود، وشكلت نتيجة لذلك لجنة عليا مؤلفة من ممثلي الأحزاب برئاسة الحاج أمين الحسيني، مثّل حزب الاستقلال فيها المحامي عوني عبد الهادي، وعندما اعتقل حل محله دروزة ليصبح عضو اللجنة العربية العليا لفلسطين وسكرتيراً لها، ولكنه اعتقل بعد ذلك لمدة ثلاثة أشهر.
ولما طالت مدة الإضراب العام، ولحق الضرر بمصالح الشعب تدخل الملوك والحكام العرب بإيعاز من بريطانيا ووجهوا نداءهم الشهير من أجل إنهاء الإضراب، وانتدبت اللجنة العليا العربية محمد عزة دروزة وبعض رفاقه لمقابلة ملكي بغداد والرياض لشرح وجهة نظر اللجنة العليا ورئيسها، وإطلاع العرب على حقيقة موقف الإنجليز. كما انتخب دروزة عن اللجنة العليا لحضور المؤتمر العربي الذي انعقد في بلودان عام 1937 من أجل الحصول على تأييد عربي لرفض التقسيم، وألقى كلمة فلسطين في المؤتمر. ثم سافر دروزة إلى العراق لإنشاء لجنة الدفاع عن فلسطين، وفي أثناء وجوده في بغداد سنة 1937، انفجرت الثورة في فلسطين ثانية، وأعلنت السلطات حالة الطوارئ ووضعت يدها على الأوقاف الإسلامية وعزلت دروزة، ونفت بعض زعماء الثورة إلى جزر سيشل، وأصدرت قانوناً منعت به دروزة ومن لم يكن موجوداً من أعضاء اللجنة العليا في فلسطين من العودة، وظل هذا القانون نافذاً إلى آخر أيام الانتداب البريطاني، عندها سافر دروزة إلى دمشق، وهناك التقى الحاج أمين الحسيني، واشتركا معاً في إدارة الثورة وتمويلها، وكان ذلك سبباً لاعتقاله من قبل السلطات الفرنسية، حيث حكمت عليه بالسجن خمس سنوات، قضى منها أربعة أشهر في قلعة المزة، واثني عشر شهراً في قلعة دمشق، ثم أفرج عنه مع المسجونين السياسيين السوريين إثر هزيمة فرنسا في نهاية عام 1940 بمساعدة من صديقه الرئيس شكري القوتلي.
بعد الإفراج عنه بثلاثة أشهر ولدى دخول الإنجليز والديغوليين سوريا غادر دروزة مع عدد من رفاقه سوريا لاجئاً إلى تركيا... غير أن السلطات الإنجليزية لم تتركهم وشأنهم في تركيا بل لاحقتهم بتقاريرها وجواسيسها حتى قررت الحكومة التركية نفيهم إلى الأناضول أو تسفيرهم إلى أوروبا، فاختار دروزة النفي، لكنه عاد إلى سوريا ثانية بعد أن نالت استقلالها عام 1945، وأخذ ينسق مع الحكومة السورية واللجنة العسكرية التي تولت مهمة إعداد المتطوعين الفلسطينيين وتدريبهم، وقد ساهم دروزة في حث عدد كبير من الشباب للإقبال على التسليح والتدريب.
وفي خريف سنة 1948، اشتد على دروزة مرض المرارة، فأدخل المستشفى الأمريكي في بيروت حيث أجريت له عملية جراحية خرج على أثرها منهوك القوى، وكان قبل ذلك قد أصيب بثقل في سمعه مما اضطره إلى الاعتكاف في بيته في دمشق والانصراف بالدرجة الأولى إلى التأليف والتدوين والنشر. وكل ما كان له من نشاط بعد ذلك: الاشتراك في المؤتمر الإسلامي العام في دمشق سنة 1954 الذي دعت إليه لجنة إسلامية خاصة من أجل فلسطين والمقدسات الإسلامية فيها، ثم الاشتراك في المؤتمر الشعبي القومي الذي عقد في دمشق سنة 1956 بمناسبة العدوان الثلاثي على مصر.
وقد اختير عام 1964 عضواً في المؤتمر الوطني المنعقد في القدس من أجل إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية ثم أسهم بعد ذلك في تكوين جمعية رعاية أسر الشهداء في دمشق، وبعد نكسة حزيران 1967 واصل دروزة مساعيه القلمية والشخصية في سبيل تقوية العمل الفدائي وتوسيعه وتوحيده حتى يصبح حركة تحرير شاملة تستمر إلى أن ينهار بنيان الدولة اليهودية وتعود فلسطين إلى حظيرة السيادة العربية.
محمد عزة دروزة أحد أكبر المفكرين العرب والمسلمين، وهو مؤرخ مرموق، بدأ نشاطه العلمي في الكتابة والتأليف في سن مبكرة عقب إعلان الدستور العثماني 1908، حيث كتب نحو عشرين مقالاً في جريدة الحقيقة البيروتية تناول فيها شئوناً متنوعة في الأخلاق والسياسة والاجتماع والأدب. كذلك ألف رواية بعنوان (وفود النعمان على كسرى أنوشروان)، وفي عام 1913 ألف رواية السمسار، بين فيها خطر السماسرة الذين كانوا يسعون في شراء الأرض لصالح اليهود. وأثناء توليه إدارة مدرسة النجاح ألف روايتين بعنوان (صقر قريش) و(آخر ملوك العرب في الأندلس)، وقد ألف دروزة الكتب المدرسية في التاريخ القديم والمتوسط والحديث، وطبعت هذه الكتب أكثر من مرة في الأردن وفلسطين ومصر والعراق ودرس بعضها في مدارس الأردن وفلسطين.
كما كتب مقالات عدة اجتماعية وتربوية وأخلاقية نشرت في مجلات عربية مختلفة وترجم كتابين عن الفرنسية أحدهما رواية (لامارتين) للكاتب الفرنسي روفائيل، والثاني (دروس في التربية للمربي الفرنسي كومبرة).
وعندما سجن دروزة سنة 1939 حفظ القرآن الكريم، وبدأ يكتب مسودات كتبه الثلاثة (سيرة الرسول) و(عصر النبي) و(الدستور القرآني). وعندما خرج إلى تركيا استغل فترة مكوثه أربعة سنوات فعمق ثقافته الدينية واطلع على الكثير من التفاسير وكتب الفقه والحديث في مكتبات الأستانة، وكانت ثمرة ذلك كتابة مسودة التفسير الحديث، ومقدمة تفسيره (القرآن المجيد) وكتابيه تركيا الحديثة وحول الحركة العربية الحديثة.
وقد انتخب دروزة سنة 1960 عضواً في المجلس الأعلى للفنون والآداب في القاهرة ومقرراً للجنة التاريخية فيه، لكن ثقل سمعه وحالته الصحية جعلته يعتذر عن الاستمرار في هذه العضوية. وكان قبل ذلك قد انتخب عضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية في القاهرة سنة 1956، ورأى أن هذا لا يتطلب منه جهداً كبيراً فقبل ذلك وعده تشريفاً له.
والطابع الغالب على مؤلفات دروزة هو الطابع الديني والطابع التاريخي، وهو يمتاز بغزارة إنتاجه حتى بلغ ما كتبه حوالي (100 ألف صفحة)، طبع منها أكثر من عشرين ألف ورقة، وما يزال الباقي مخطوطاً قيد الطبع، وقد واصل الكتابة والتأليف حتى في سن الشيخوخة بالرغم من ضعف بصره وفقد سمعه، وكان ينوي نشر مذكراته التي شرع في كتابتها قبل وفاته بوقت طويل والتي بلغت صفحاتها قرابة عشرة آلاف صفحة، لكنه قضى دون تحقيق هذه الغاية. توفي محمد عزة دروزة سنة 1984.
وفيما يلي ثبت بكتبه المطبوعة والمخطوطة:
أولاً ـ مؤلفاته التاريخية والقومية:
1. كتبه المطبوعة:
ـ مختصر تاريخ العرب والإسلام.
ـ دروس في التاريخ المتوسط والحديث.
ـ تركيا الحديثة.
ـ حول الحركة العربية الحديثة.
ـ مشاكل العالم العربي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ـ الوحدة العربية.
ـ تاريخ الجنس العربي في مختلف الأطوار والأقطار من أقدم الأزمنة.
ـ العرب والعروبة في حقبة التغلب التركي.
ـ عروبة مصر قبل الإسلام وبعده.
ـ نشأة الحركة العربية الحديثة.
2. مؤلفاته المخطوطة:
ـ تاريخ العروبة والإسلام تحت راية العباسيين.
ـ تاريخ العروبة والإسلام في الأندلس.
ـ تاريخ العروبة والإسلام في جزيرة العرب.
ـ تاريخ الكويت والخليج العربي إبان فترة الحكم العثماني.
ـ رسالة موجزة عن الوحدة العربية: مقوماتها وضروراتها.
ثانياً ـ مؤلفاته في القضية الفلسطينية.
1. الكتب المطبوعة:
ـ تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم.
ـ مأساة فلسطين.
ـ جهاد الفلسطينيين.
ـ الجذور القديمة لسلوك وأخلاق بني إسرائيل.
ـ قصة الغزوة الصهيونية.
ـ في سبيل قضية فلسطين.
ـ عبرة من تاريخ فلسطين القديم.
ـ الجزء الأول والثاني من كتاب العدوان الإسرائيلي القديم والعدوان الصهيوني الحديث على فلسطين وما جاورها.
2. المؤلفات المخطوطة:
ـ في سبيل قضية فلسطين والوحدة العربية.
ـ مجموعة مقالات في القضية الفلسطينية.
ـ مذكرات دروزة خمسة وتسعون عاماً في الحياة (1888 ـ 1982) تعتبر من أغنى الوثائق بمادتها العلمية والتاريخية، ففيها تفاصيل حضارية للبيئة والمجتمع والحياة والطبيعة في البلاد الفلسطينية إضافة للأحداث السياسية التي رافقت الانتداب الإنكليزي والاستيطان الصهيوني ونهوض الفلسطينيين لمقاومتهما، وفي المذكرات تفاصيل الحالة في أواخر الدولة العثمانية ومحاولات العرب الوحدوية وترجمات لعشرات الرجالات العرب البارزين الذين التقى بهم وعايشهم لسنين طويلة أيام التدريس والجهاد والنفي والعمل لأجل قضية فلسطين والوحدة العربية.
ثالثاً ـ مؤلفاته في الفكر الإسلامي:
1. كتبه المطبوعة:
ـ عصر النبي وبيئته قبل البعث.
ـ سيرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من القرآن الكريم.
ـ القرآن والمرأة.
ـ القرآن والضمان الاجتماعي.
ـ القرآن المجيد.
ـ الدستور القرآني في شؤون الحياة.
ـ التفسير الحديث.
ـ المرأة في القرآن والسنة.
ـ الإسلام والاشتراكية.
ـ القرآن والمبشرون.
ـ القرآن والملحدون.
ـ الجهاد في سبيل الله في القرآن والسنة.
2. المخطوطات:
ـ خمسون حديثاً إذاعياً ألقيت في إذاعتي مكة ودمشق في سني 1954 ـ 1957 في مبادئ الجهاد العربي في القديم والحديث.
ـ مجموعة محاضرات دينية وتربوية وأخلاقية ألقيت في المدارس الثانوية والأندية الفلسطينية في القدس ونابلس ورام الله.
ـ مجموعة مقالات في شؤون إسلامية متنوعة نشر بعضها في مجلات الوعي الإسلامي وحضارة الإسلام والمجتمع العلمي وهدي الإسلام.
المراجع:
ـ (محمد دروزة)، حسين حمادة، صفحات من حياته وجهاده ومؤلفاته، دمشق، طبعة ثانية، 1983، ص(87).
ـ (من أعلام الفكر في فلسطين)، حسن عبد الرحمن سلوادي وآخرون، القدس، طبعة أولى 1991، ص(37ـ61).
ـ (موسوعة السياسة)،عبد الوهاب الكيالي وآخرون، المؤسسة العربية للنشر، بيروت، طبعة أولى 1990، ص(92).
عن: مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستشارية