الحاجة بيكة وحفيدتها نور آغا
دينا آغا – صيدا
بدأت رحلتي مع ( هوية ) يوم الإثنين 21/2/2011 عندما توجهت لزيارة الحاجة بيكة خليل الخواص البالغة من العمر 73 سنة، والمولودة في قرية أم الفرج / فلسطين التي أخرجت منها مع أهلها بعد نكبة عام 1948 .
ذهبت بصحبة الحاجة صباح آغا والحاجة حليمة عوض لترشداني إلى منزل الحاجة بيكة الكائن في مخيم عين الحلوة، في الشارع التحتاني ( كما يتعارف عليه الناس ) قرب حي حطين. وبعد مشوار طويل في طريق مليئة بالحفر، وبعد المرور بزواريب ضيقة ومظلمة وصلنا إلى منزل الحاجة بيكة التي كانت تقوم ببعض أعمالها المنزلية، ثم توجهنا إلى منزل ابنها نعيم آغا وزوجته هدى اللذين يقطنان في الطابق الثالث من المنزل نفسه، وهناك كان لنا جلسة مطولة مع الحاجة بيكة .
ذاكرة الحاجة بيكة لم تعد كما كانت ومع ذلك فقد روت لنا بعض المشاهد من مأساة الخروج من أم الفرج واللجوء إلى لبنان:
" كانت والدتي تعجن ولجن العجين أمامها عندما دخل عليهم بعض الغرباء وقالوا لهم أنهم يريدون إحصاء أهل البلدة، ووضعوا الناس في الـ ( ترين ) أي القطار ونقلوهم إلى منطقة بعيدة ورموهم بين شجر الزيتون ، فلم يعرفوا إلى أين يتوجهون وظلوا يسيرون بين الأشجار والبساتين حتى وصلوا إلى عمان وبعدها كانت رحلة أخرى إلى الشام حيث قدم لهم بعض الناس التمر والمياه ". رغم هذه المعاناة تشكر الحاجة بيكة ربها على الوصول إلى الشام بسلام دون أن يتعرض أي من أفراد العائلة للأذى خلال عملية التهجير.
من الشام انتقلت العائلة إلى مخيم الرشيدية في مدينة صور جنوب لبنان ، وهناك ( نمنا في أول أيامنا في الشوارع ومن ثم بنينا الخشش وكانت تصلنا بعض المساعدات هي عبارة عن لحم جمال )، وبعد أن طال بهم المقام في الرشيدية شرعوا بتطوير تلك الخشش وبنوها من الطين .
في الرشيدية لقي والداها حتفيهما، أما هي فقد تزوجت من حسين آغا ابن قرية أم الفرج أيضا ولكن هجرته وأهله قد أوصلته إلى مخيم عين الحلوة.
لم تتجاوز الحاجة بيكة العاشرة من العمر عندما حلت النكبة، ولكن مشهد أم الفرج المزروعة بالزيتون والعنب والرمان لا يغادر ذاكرتها.
تتذكر كذلك بعضاً من بيوت أعمامها المجاورة لبيت أهلها وتتذكر بعضاً من الرجال الذين كانوا يعملون في الزراعة والفلاحة إضافة إلى زوجاتهم اللاتي كن يساهمن في زراعة الأرض. وتشير إلى أن مهنة أخرى عملت فيها كثير من نساء أم الفرج وهي الخياطة، وتخبرنا أن والدها خليل ابراهيم خليل قد باع بقرته الوحيدة كي يعلمها الخياطة .
لا تتذكر الحاجة بيكة كثيرا من تفاصيل أحداث عام 48 وما تلاه ولكنها استطاعت أن تذكر لنا جزءا مهما من شجرة عائلة خواص/أم الفرج ابتداء من جدها خليل وأبنائه الأربعة : إبراهيم ، فضل ، علي وخليل .
عند هذه المرحلة انتهى لقائي مع الحاجة بيكة وأنجزت رحلتي الأولى في مسيرة توثيق جذور العائلات الفلسطينية وقد حصلت على قدر مهم من المعلومات، دفعني للمضي بالعمل والتحضير لزيارات أخرى لسماع المزيد من الحكايات عن الوطن وكيف اقتلع أجدادنا منه مجبرين، لأننا لانزال مصممين على العودة إليه يوما ما، وعساه يكون قريبا .