محمد صالح ابو الليل
الموطن الاصلي: قرية الجماسين/يافا
مكان الاقامة: مخيم بلاطه/نابلس
العمر: سبعين سنة
كنا نسمع الأخبار بالراديوهات والجرايد، كانت الجريدة بقرش ونص واسمها جريدة الدفاع وفي جريدة فلسطين كمان، كانوا الناس بالقهاوي يسمعوا عن الخوف، ما كان عنا لا دبابات ولا شي، اليهود كانوا يطخطخوا بهالليل، راحوا جماعتنا اشتروا المارتينه بأربعين جنيه فلسطيني، كنا نروح عيافا مشي من البلد، كانت قريبة كتير، كنا نزرع بطيخ وبندورة وفاصوليا ونروح نبيع ع يافا.
كنا بالقرية أيام الـ48 وكناش لاجئين، اليهود كانت تطخ بالعالم، خشو عبيارة الحج حامد ابو لبن، وطخو عيلة بكاملها، اتنعشر واحد من دار الدباس، في النا واحد من الحمولة برده اليهود طخوه كان رايح عيافا يبيع خضره، وواحد من دار اشتيوي برده طخوه، عبد اللطيف ابو عياش برده طخوه، كان يشتغل مع الثورة، وواحد انقتل من الشيخ مونس دفنوه عنا بالجماسين عند نهر العوجا.
هاجرنا من الجماسين وقعدنا بقلقيلية، قعدنا سنتين، كان هناك الجيش العراقي، كان يطخ عاليهود، جابو اليهود مأسورين واحنا نصفق، وراح الجيش العراقي ع جنين وطهرو جنين، وجابو معهم شهدا عراقيين.
بتزكر ابوي قعدوا اهلي يعيطوا قبل ما نهاجر ويقولوله وين احنا رايحين، قال كلها بالكتيره شهر وبنرجع، وسحبت كل هالسنين واحنا بنرجع، اجت الجيوش العربية ولا عملت اشي واليهود اخدو منا فلسطين. كنا نسمع انه لازم نطلع عشان اليهود احتلوا البلاد وبدنا نترك فلسطين، ونهاجر، احنا معنا كواشين بأراضينا، كنا خايفين، العالم هربت من الخوف، كان معناش سلاح ينفع للمواجهة.
اجينا قعدنا سنيتن بقلقلية، وبعدها صرنا بنابلس وبنينا بيوتنا بالمخيمات، ولسانا بنستنا، ابوي مات هينا بالمخيم، وامي ماتت هينا ومرتي ماتت هينا بالمخيم، هينا عم بنموت بالمخيمات وبالتشرد. احنا هربنا من الخوف، لو كنا متوقعين انه الدنيا هيك مطلعناش، كان ضلينا هناك، هي اهل الطيبة والطيرة هناك، في النا بنت متجوزه بالطيره من عشيرن سنه، عندهم اراضيهم، عايشين ومبسوطين، بلدنا قريبه عالبحر والنهر، شو جابنا عالجبال تاعة الضفة، والله لو بصحللي اروح ع بلدي هلء بروح وبضل هناك.
كنا فقرا مكنش في استعداد للحرب، مكناش نعرف بعلم السلاح، كنا بس نتعلم بالمدرسة قرآن وجدول الضرب، مكناش متعلمين، بس كنا حافرين خنادق، معهم اليهود رشاشات، بس الفلسطينيين معهم بواريد، المارتينه بس احد عشر طلقه بس، هما عندهم رشاشين زي الماتور، كان في عنا مسلحين، سبعه تمنيه من بلدنا انقتلوا من جماعه حسن سلامه، كان معانا يا دوب فرد او مارتينه، احنا حاربنا من الخوف والرعب، راحت سلمه ويازور ويافا والبيارات والأراضي كلها.
كنا نسمع عن تهريب الأسلحة من مصر وسوريا، بليلة وحدة خشو اليهود على دار الدباس وقتلو اتنعشر واحد مره وحده، الاب والأم والأخوة والاطفال، هيك خشو من غير سبب وقتلو العيلة كلها، رحنا الصبح لقينا كل العيلة نايمين مقتولين في اماكنهم، في حين انه الانجليز كانوا يعدموا اللي بلاقو عنده سلاح من الفلسطينيين، كانو تاركين اليهود يتسلحو براحتهم، مرة خشو على صابر ابو رزق، نسيبنا، مسكوه لانه عنده سلاح، حكموه اربع سنين يكسر صخر، كان لابس حطه وعقال، كنا نزوره بالسجن انا وامه في سجن نور شمس.
احنا طلعنا لانهم صارو يطخو علينا، انقتل ناس كتير، ولا ليش هاجرنا، من بلدنا كمان ناس راحو وانقتلو، كانو اليهود لما واحد فلسطيني ماشي يطخوه، وهو نازل الصبح يبيع خضرة، وصالح ابو شتيوي طخوه اليهود. بدهم كانو يخوفونا ويطحونا من البلاد.
عبد اللطيف ابو عياش وستة تانيين من الشباب كانو مدافعين عن البلد، بس بعديها سلمو السلاح لجماعة تانيين من عرب ابو كشك. طخو علينا اليهود كتير، رحنا بالليل حملنا حالنا وركضنا ع قلقيلية، اللي عنده عربايه او حمار حط عليه العفش ورحلنا، طعلنا الصبحيات، قعدو يطخطخو، اول اشي رحنا على عرب ابو كشك والسوالمه، سكنا عندهم ست ايام، بعديها لحقونا واشردوا معنا.
حملنا عالحمار الفرشات وشوية اغراض، كنا متوقعين نرجع، الجاجات ما قبلنا نحملهم، قلنا خليهم لا نرجع، سمعنا عن ناس ضيعت اولادها، احنا وقرى سلمه ويازور والشيخ مونس طلعنا سوى. في ناس باللد والرملة ضاع منهم اولادهم واليهود ذبحوهم وشفناهم لاهل اللد برفيديا لما اتهجرو وقعدو بنابلس وكانوا يعيطو وقالو انه اليهود ذبحو من اهل اللد بالمسجد، وكانت الناس جوعانه وطفرانه وفقيره. اجت الوكالة وصارت تعطينا شويية تموين، اما وجود الجيوش العربية كان عالفاضي، ما نفع بإشي. لولا العراقيين اشتغلو شوية، عندهم مدفعية كان، وكانو يضربو ع تل ابيب الا ان اجتهم الأوامر بالانسحاب، الا اليهود صارو يضربو ع قلقيلية. كنا نشعر بالأمان لوجود العراقيين، سألهم المختار ليش انسحبتو قالو ماكو اوامر، وانسحبو، العراقيين كان لهم مركز لحالهم في قلقيلية، وانسحبو العراقيين.
احنا كنت متوقعين نرجع، هيهم بقرى الطيرة وراس العين وقلنسوة قاعدين بالبلاد. فلسنا واحنا ندفع اجار الدار في قلقيلية، ليرتين كانت الأجرة، كنا متوقعين نرجع، راحت اراضينا، حطونا بالمخيم، وتقاتلنا عالميه برفيديا.
جنبنا كان معسكر رامات جان، قال لنا ضابط يهودي خليكم، بس قلناله ما بدنا، الناس خافت من الهاجاناه، لانهم كانو يقتلو الناس، ما صدقناه كانو لابسين عسكري ومجهزين حالهم، خوذات لابسين، هدا المركز كان للانجليز واليهود.
كنا نروح رحل عيافا بعد النكسه، وشفت بيتي وخلوني اليهود افوت ع بيتي، كنا نروح رحلات بالباصات من مخيم بلاطه عيافا مباشرة، كنا نروح نشوف البيوت، بعرف بيتي هناك كيف كان، ولو انهم غيرو من طريقه، كنا نعمل رحل ع سيدنا علي عالبحر كانو يدبحو الدبايح بالمقام، كنت اتطلع واتزكر البيارات والدور هاي لمين، كنا نروح نصلي هناك، كنت احزن ع هالشوفات، اشتغلت تسع سنين في هرتسيليا بعد سنة السبعه وستين.
احنا كان النا شقفة ارض صغيرة، ما بتنازل عنها، كانو اليهود يشترو الدونم بخمس ميت جنيه فلسطيني، كتير مبلغ كبير، كانو اليهود يغرو الناس بالمبلغ، اللي ما عندوش دين باع ارضه.
اهل قلقيلية صارو يبكو علينا، وقالو لنا انشالله بترجعو، بعديها صارو اليهود يفوتو ع قلقيلية ويطخو علينا وع اهل قلقيلية، الناس عملت بيوت خيش وبيوت تنك في قلقيلية، بعدها اجينا ع رفيديا، وبعدها عالمخيم، وبالشتا البرد كتير وكانت تيجي تلج الدنيا ايامها. اشتغلت تسع سنين في هرتسيليا في (اسرائيل)، حتى بناتنا كانو ينزلو يشتغلو بالنسيج والزراعه، بدنا نعيش، كنت اقول لمعلمي انه هاي الارض النا كان يقوللي انت بتيجي بس بتشتغل هو فش الك ارض ولا بيت هون.
شهود النكبة
روايات شفوية للشهود العيان على حرب عام 1948
اعداد: علاء ابو ضهير