جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
كانت لنا قرية بعد مرور 63 عاما على نكبة شعبنا في فلسطين، لم ينس الحاج محمود دهشة (ابو علي) مشهد طرده من بلدته طيطبا ـ قضاء صفد، الواقعة في إصبع الجليل على الحدود الجنوبية للبنان، قسرا تحت ضغط المجازر والترهيب، في ذلك الوقت لم يكن عمره يتجاوز السنوات الخمس.. لكن النكبة حولت أبناء فلسطين إلى «سوبر» أطفال، يحملون في ذاكرتهم الفتية المشهد كاملاً وحقيقياً ومؤلماً. يستعيد المشهد شارحاً تفاصيل ذاك اليوم: «لقد دارت معارك شرسة في بلدة الصفصاف المجاورة لنا، وبدأت الناس تترك منازلها بعد معارك قوية وكر وفر انتهت بسقوط القرية والقرى المجاورة بعد عدة مجازر، فحملنا امتعتنا وتوجهنا جنوبا، على امل العودة بعد ايام قليلة وتحديداً (15 يوماً)، لكن الايام باتت سنوات والسنوات أضحت عقوداً.. هي ساعة العرب.. تحتاج إلى إصلاح» ويضيف: «العمر في آخره، واليوم ادركنا أن مؤامرة عربية اوقعت بفلسطين اسيرة وتحت الاحتلال وما زالت حتى اليوم.. بتآمر منهم». ويضيف: «ما زلت أذكر من البلدة التي تحولت الى ركام اليوم عن بكرة ابيها منازل اهلها المتواضعة والمبنية من الطين والمسقوفة بالزينكو، الى جانب حقول التين والزيتون ونبع المياه، وقد ردد والدي امامي مرارا من لم يأكل او يشرب من خيرات ومياه فلسطين كأنه لم يأت الى هذه الدنيا، ما زال حلم العودة يروادنا في كل حين، وكما حملني والدي امانة العودة حملتها الى ابنائي، لن ننسى الامر وكذبت غولدمائير حين قالت: «الكبار يموتون والصغار ينسون»، اشعر ان احفادي يعشقون فلسطين أكثر منا». ولا ينسى الحاج ابو علي كيف حث الخطى مسرعا الى مارون الراس عند الحدود اللبنانية حينما تحرر الجنوب اللبناني من الاحتلال في ايار 2000، بتأثر يقول وقفت دامع العينين، تنشقت هواء فلسطين وامتلأت أملاً: «اليوم الجنوب وغدا ان شاء الله فلسطين كل فلسطين من النهر الى البحر وما زلت انتظر الوعد». ما زالوا يسكنون طيطبا! «أبو علي»، كسائر العائلات الفلسطينية في مخيم عين الحلوة يسكن حي طيطبا، مع باقي العائلات التي تنحدر من القرية، على غرار باقي أحياء المخيم التي تحمل أسماء القرى التي ينحدر منها لاجئوه، وهي طريقة أخرى للتعبير عن التشبث بالحق وبالهوية التاريخية لفلسطين.
من مقالة: طيطبا.. الكبار يموتون والحق يحافظ عليه الصغار
إعداد ذكيه قرنفل