كانت القرية تقع في رقعة مستوية من الأرض في السهل الساحلي. وكان طريق يافا- طولكرم العام يمر على بعد 2.5 كلم إلى الشرق منها، كما كان خط سكة الحديد الممتد بين حيفا واللد يمر على بعد 1.5 كلم إلى الشرق، ويشكل الحدود بين أراضي كفر سابا وأراضي قلقيلية. وكانت طريق فرعية تصل القرية ببلدة قلقيلية، التي تبعد عنها 3 كلم إلى الشمال الغربي. وكانت طرق فرعية مماثلة تربطها بالقرى الأخرى في المنطقة.
وقد أنشئت كفر سابا على بعد 4 كلم جنوبي شرقي خربة سابية (141177) التي عدت قائمة في موقع كفر سابا (Caphar Saba) الرومانية. وكانت القرية تعرف باسم كفرس (Kapharseb) أيام الصليبيين.
أتى نفر من الجغرافيين والمؤرخين العرب والمسلمين إلى ذكر كفر سابا. فمن ذلك أن المقدسي، الذي كتب في سنة 985م، وصفها بأنها قرية كبيرة فيها مسجد على طريق دمشق. وجاء في رواية الرحالة ناصر خسرو، الذي كتب في سنة 1047م، أن كفر سابا بلدة غنية بالتين والزيتون، وتقع على طريق الرملة. في سنة 1596.
كانت كفرسابا قرية في ناحية بني صعب (لواء نابلس)، وعدد سكانها 231 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل.
ويشهد اللقيمي، الرحالة الصوفي المصري، على استمرار وجود القرية؛ فقد كتب في سنة 1730 أنه زار كفر سابا وشاهد مقام بنيامين (المسمى أيضاً مقام النبي يمين).
في أواخر القرن التاسع عشر، وصفت كفر سابا بأنها قرية مبنية بالحجارة والطوب على تل قليل الارتفاع، وقدر عدد سكانها ب 800 نسمة. وكان فيها مسجد، وتحف بها بقاع رملية، وكانت بساتين الزيتون تشاهد شماليها. وكان إلى الشرق والشمال الشرقي منها بضعة ينابيع، كان أحدها يمد سكان القرية بمياه الشرب. وكان شكل القرية أشبه بالمربع.
وقد نمت القرية في قترة الانتداب البريطاني، وامتد بناء المنازل نحو طريق طولكرم- يافا العام، على الأراضي غير الزراعية، بينما كانت الأراضي الزراعية الجديدة تستغل إلى الغرب من موقع القرية. وكان سكان كفر سابا من المسلمين، لهم فيها مقامان: مقام النبي يمين المشار إليه سابقاً، ومقام آخر للنبي يحيى. كما كان فيها مدرسة ابتدائية. وكان سكان القرية يزرعون القمح والبطيخ والخيار والخضروات. ف
ي 1944- 1945، كان ما مجموعه 1026دونماً من أراضيها مخصصاً للحمضيات والموز و 4600 دونم للحبوب، و 355 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين؛ منها 30 دونماً حصة الزيتون.
كانت كفر سابا إحدى القرى الواقعة شمالي يافا، في منطقة مزدحمة بالمستعمرات اليهودية. وقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن زعماء من كفر سابا اجتمعوا إلى زعماء المستعمرات اليهودية، في وقت مبكر من كانون الأول - ديسمبر 1947، وأن الفريقين تعهدا بالحفاظ على السلام. لكن، لما كانت سياسة القيادة العامة للهاغاناه تقضي بوجوب إخلاء المنطقة من سكانها العرب قبل حلول 15 أيار - مايو 1948، فقد كلف لواء ألكسندروني مهمة احتلال كفر سابا؛ وبناء على ذلك، هاجمت وحدات منه القرية واحتلتها في 13 أيار - مايو؛ وذلك بحسب ما روى المؤرخ الإسرائيلي بني موريس.
كما جاء في "تاريخ الهاغاناه" أنه "نظراً إلى طبيعة المنطقة (أودية وبساتين) نفذت العملية في ساعات النهار."
ويدعي التاريخ الرسمي للواء ألكسندروني أن المقاتلين النظاميين، التابعين لجيش الإنقاذ العربي والمرابطين في القرية، جعلوا سكان القرية يدفعون رسماً قبل أن غادروها. إلا إن سجلات جيش الإنقاذ العربي تظهر أن الوحدة المكلفة الدفاع عن كفر سابا أمرت السكان بالعودة بعد هجوم سابق قامت الهاغاناه به، وذلك قبل بضعة أيام فحسب؛ وهذا خبر يعززه موريس.
ويقول قائد جيش الإنقاذ، فوزي القاوقجي، إن هذا الهجوم "المباغت" وقع في 10 أيار - مايو، وإنه صد "منذ البداية".
ويعلق القاوقجي على ذلك قائلاً: "أظن أن الغرض من الهجوم كان الاستطلاع واستكشاف أماكن مواقعنا وقواتنا، وأن الهدف كان قلقيلية. وقد خلف هذا الهجوم غير المهم الذعر في صفوف سكان كفر سابا.."
في 13 أيار - مايو، دون القاوقجي هجوماً آخر وقع على محور شمالي جنوبي يتجه من طولكرم إلى كفر سابا، وقال إن التقدم صد بعد أن تكبدت الهاغاناه خسائر جسيمة، وإن القتال كان لا يزال دائراً. والأرجح أن السكان فروا، أو طردوا بعد الهجوم الثاني، وأن وصولهم إلى قلقيلية أدى- بدوره- إلى إخلاء البلدة مؤقتاً.
كانت بلدة كفار سابا (141157)، التي أسست في سنة 1903، والتي بلغ عدد سكانها نحو 5000 نسمة في سنة 1948، تقع جنوبي غربي القرية عشية الحرب. ولما كان عدد سكانها الآن 45000 نسمة تقريباً، فقد امتدت لتشمل معظم أراضي القرية. أما مستعمرة بيت بيرل (143178)، التي أنشئت في سنة 1947 إلى الشمال الغربي من الموقع، فتقع على أراضي القرية. كما إن مستعمرة نفي يمين (144175)، المسماة تيمناً بالنبي يمين، أنشئت في سنة 1949 شرقي موقع القرية، على الأرض المحيطة بمقام النبي يمين. كذلك أنشئت مستعمرة نير إلياهو (144178) في سنة 1950 على أراضي قلقيلية المجاورة؛ وهي تقع على بعد نحو كيلومتر شمالي شرقي موقع القرية. استخدم موقع القرية لبناء أحياء سكنية جديدة داخل منطقة صناعية باتت جزءاً من مستعمرة كفار سابا. وقد سلم بعض منازل القرية القديمة من التدمير، وهو يقع اليوم داخل المستعمرة؛ ويستعمل عدد من هذه المنازل لأغراض تجارية، قد بقي المقامان والمدرسة وحطام مقبرة القرية. وللمقامين مداخل مقنطرة، وتعلوهما قبتان. أما الأراضي المحيطة بالقرية فيحرثها الإسرائيليون*.
* وليد الخالدي وآخرون، كي لا ننسى: قرى فلسطين التي دمرتها إسرائيل سنة 1948 وأسماء شهدائها، ترجمة حسني زينة، بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2001، ط3، ص448- 449.