أجرى اللقاء – رفيق بكري
بقصد أو بغير قصد كثُر حديثنا فيزاوية ذاكرة وطن مع شخصياتمختلفة عن الشاغور، وحصرياً عنقرية البعنة في الشاغور التي كانلها دور مفصلي عام النكبة،وسنوات الحكم العسكري.
التقيت هذه المرّة برجل الأعمال المعروف، إبن قرية البعنة ليمسح عن كاهله غبار السنين وليحدّث القراء عن اهم المحطّات في تلك السنين .. وفي بيته في مدينة عكا بادرني الحديث وقال: إسمع ... أنا متابع دائم لزاوية ذاكرة وطن في صحيفتكم الحقيقة، وبدّي أجرّب ما أرجع على أحداث كُتبَتْ.
وعودات أورباخ لم تنقذ مجد الكروم
في ال 48 كان عمري خمس عشرة سنة، وبهذا الجيل كنت أحمل البارودة وأنزل للحراسة على اللّيات غربي مجد الكروم ... وجيش الإنقاذ كان بسهل مجد الكروم من شرقَه ... وفي ليلة وَحَدِه ما حَدا دَريان فيها إنسحب جيش الإنقاذ، وصارت الناس تركُض عشان تجيب اولادها من اللّيات، لأنّو الخوف من اليهود كان انهن راح ييجو من جهة الغرب.
بس الواقع ... بعد ما اليهود قصفوا ترشيحا، تركو طريق سحماتا مفتوحة للّي بدّو يرحل، وفرقة ثانية من اليهود بعد ما إحتلت عيلبون أجت من جهة الرامة وتوجهت من الشرق ع البعنة ...
أهالي البعنة والدير ومجد الكروم قبعوا الصخور بالبينسات ودحدلوها على الشارع الرئيسي وسكرّو طريق عكا صفد.
أهالي مجد الكروم ما دخلوا المعتقل ... نزلوا لعند الضابط اليهودي .. إسموا أورباخ ... وقالو أحسن طريقة نعمل إتفاق مع اليهود يدخلوا بسلام عالبلد من غير حرب ... وقلهُن اورباخ : إطمئنوا بس لما وصلوا اليهود ع مجد الكروم ... جمعوا أهل البلد بساحة العين وقتلوا أكم واحد قدّامهم ... خافت الناس وإنهزمت من البلد.
قتلوا أربع شباب إثنين من البعنة وإثنين من الدير
في البعنة وصلت سيارة جيب جيش جنب طابون (دار العُكْ) محل بيت جهاد الخازن اليوم ... وقوسوا الجنود بالهوى ونادوا بمكبرات الصوت لكل أهل البعنة ودير الاسد ينزلوا يتجمعوا ع الكراج، بين الدير والبعنة (حد بيت دار ابو نور اليوم) ... وقالوا: اللي بسلِّمْ سلاحو بِسْلَمْ، واللي ما بسلِّمْ سلاحوا منوخذوا ع المعتقل.
كثار من اهل البعنة راحوا سلّموا السلاح لمختار البلد أبو بشارة .. أجا المختار مع حوالي خمستعشر واحد حاملين السلاح وسلموا للجيش، وتجمعت البلدين عالكراج.
قام جندي يهودي طلب من الشباب يتجمعوا في حاكورة، والنسوان ولختيارية ولولاد في حكورة ثانية، واللي جابو السلاح، قعدّوهم عجنب ... إحنا الصحيح فكرنا إنّو الخطر على هذول اللي جابو السلاح.
وفجأة طلبوا من أربع شباب يروحوا يمَلوا ميّ من العين، رفع أكم واحد إيدو، بس الجندي اليهودي صار ينقيّ على كيفو ... والله كأني شايف هذا المنظر إسّا ... واللي نقّاهم اليهودي طلعوا واحد مسيحي واحد مسلم من البعنة وهنّ حنا جريس فرهود الملقب بالدحبور، وعلي محمد عابد، وإثنين من دير الاسد وهنّ صبحي محمود ذباح وواحد من الاسديّة الملقب بالشقّي ... وأخذوهم من بين الزتون بالطريق ع العين، وبعد ربع ساعة سمعنا صوت رصاص، بس ما فكرنا بالأول إنهن قتلوا الشباب ... وقاموا صفو الشباب أربعة أربعة ومرّقونا من قدام الشباب القتلى، كانوا بين الزتون محل بيت دار أبو زيد اليوم ... ساعتها عرفنا إنهن إنقتلوا ... وصلنا فوق البلد عالشارع السلطاني (عكا صفد)، كنا حوالي 500 شخص، حطّو جيب جيش من ورا وجيب بالنّصْ وجيب من قُدّام وشرقنا باتجاه الرامة.
أما باقي الناس اللي ظلت قالولهن يا لله على سوريا، وكمان مرّقوهم من قدام القتلى وشرّقوا من بين الزتون على (بير الشرق) باتجاه نحف، وقسم منهن بقيوا بساجور.
طريق العذاب من البعنة للمعتقل
لما وصلنا على عين الغنم (على مفرق ساجور اليوم) كان معنا واحد يقولولو أبو عرب إستغل طول الطابور، وبالضبط على اللفّة وقام تخبّا تحت الجسر، ومزط من الطابور وفلّ علبنان. وعِند عين الصرار هجمت الناس بدها تشرب ... قاموا طخّو علينا وقالوا بس أربعة أربعة اللي بدّو يشرب.
الرامة كانت فاضيه ما فيها حَدا ... مشينا وبعد ما طلعنا منها، بدت الباصات تزُقّ بالناس ... ومشّونا باتجاه المغار ... ومرقنا من جنب (كُفر عنان) وكانت النار طالعة منها ومحروقة، وعند المغار صارت الدنيا عتمه، ونقلونا بالباصات على (كَمب) سجن نهلال بتاريخ 30/10/1948 الناس تحت شجر الكينا، وصاروا يُفركو ورق الكينا ويلفوا سواغير.
وهناك كل سبع أشخاص أخذوا رغيف خبز وفجلة. وبعد يومين بديو ينقلونا على (كمب) الجيش في عتليت والمعسكر مقسّم بأسلاك شائكة لمناطق وأقسام، كل قسم إسمو (كيج) يعني قفص ... أنا كنت بكيج نمرة خمسة وهناك التقيت مع معتقلين من عبلين والناصرة وعيلبون والرامة وعرابة ونابلس، وهناك تعرفت على جماعة عصبة التحرّر الوطني ... جمال موسى، ورمزي خوري، ونديم موسى، وحبيب زريق، وحسن بكري، ويحيى الذباح وغيرهن، ومن وقتها بديت أقرّب على العصبة والحزب الشيوعي.
قلنا للمعتقلين: الطَلْعَة من لبلاد والخروج من الوطن خيانة
ولمّا أعلنا الإضراب عن الطعام اللي دام سبع أيام، بتذكر أغمي عليّ من الجوع والعطش، وبعدين أجا توفيق طوبي، وفكّينا الاضراب بشرط تحسين معاملة المعتقلين.
بعدها أخذو قسم من قيادة العُصبّة ونقلوهم على صرفند، وإنقطعنا عنهم، وصاروا يوخذونا كل يوم ع الشغل في كُردانية وموتسكن. ونديم موسى وجماعتو حطوهم بكيج نمرة واحد مع الضباط المصريين إللي كانو في معركة الفلوجة.
ومرّة صار صِدام بين البوليس مع حسن بكري وكمال غطاس وجريس وردِة وذيب زريق، لانهن رفضوا يروحوا عالشغل، وأنا كنت واحد منهن ... بعدها جابوا ظابط ثاني، غيّر معاملتو معنا وصار يعطي كل معتقل سبع سجائر بدل ثلاثة كل يوم، ولكل واحد عشر قروش باليوم، بِغدر يوخذهم معاه بعد ما يطلع من المعتقل.
وبهاي الفترة سأل: مين بعرف إنكيزي رفعت إيدي ... وإشتغلت أنا وواحد من دار عودة من الكبابير، نحسب أجور العمال.
ويوم طلب منا الزابط إندور على المعتقلين، ونقلهم : اللي بدّوا يتحرر وين بدو يروح ... واللّي بوافق يطلع عالأردن وسوريا ولبنان بتحرر رأساً من المعتقل.
مَرقنا على نديم بكيج نمرة واحد قلّنا نديم موسى : بتقولوا للكل إنو الطلعة من لبلاد والخروج من الوطن خيانة ... إرجعت على كيج نمره أربعة واجتمعت مع حسن بكري وذيب زريق وكمال غطاس وجريس ضو وغيرهن، والكل سجّل إنّو باقين في الوطن.
علي الدرويش من البعنة كانت مَرَتو بنت قاسم العابد بلبنان، كان بين حيره يطلع علبنان ولا يبقى ... وبالآخر قرر إنّو لازم يبقى في البلاد.
وأجا دور كيج نمرة إثنين ... دخلت عليه أنا وإبن عودة، لاقينا الناس بتصلي ... وبعدما خلّصوا بديت أحكي إنو لازم يبقوا في البلاد وما يرحلوا ... سألت أول واحد قال: أنا ع الشريف عبد الله ... الثاني نفس الشي .. بعدين نَرفزْت وقلت: الشريف عبد الله خاين الوطن ولبلاد تشردت ... قام أكم واحد هجّمو بدهن يضربوني ... طلع إبن عودة أذكى مني وقال: إحنا منحترم الشريف عبد الله ... وهدّا الوضع .. واحد منهن أخذني على جنب وقللي: هذول ولادهن ونسوانهن برام الله ... شو عم تحكي؟! ... وبعد فترة روّحنا كلنا من المعتقل وكانت البعنة والدير كلها في استقبالنا.
قررنا إنو ممنوع يفوت الحاكم العسكري ع البعنة
أبو يعقوب كان يسترسل من قصة لقصة، ويرويها بحرارة، لأنّو عايش كل لحظة فيها قلت لأبو يعقوب إحكيلي عن الهويات الحمرا.
قال: كنت نشيط في الحزب الشيوعي وخاصة في معركة الهويات الحمرا... بديو اليهود يوزعوا الهويات الحمرا المؤقتة في مجد الكروم، وفرق اليهود صاروا ينعزموا، وكل يوم الغدا عند واحد ... إحنا في البعنة حضّرنا حالنا للمقاومة ... وقررنا إنّو ممنوع الحاكم العسكري وجماعتو يفوتوا عالبلد على أساس البعنة مستقلة.
يوم وإلا جاي ساطي العفو وقللي: معاك خبر ... هذا مصطفى ومعو نمر الامين من مجد الكروم جايين عالبعنة ... سألتو وين هنّ؟ ... قال في حارة الشونة ... رُحت لهناك وقلتلهن: إنتو كيف بتيجو لهون؟ ... ودار جدال بيني وبينهن ... ممنوع ... مش ممنوع ... دفشتهن، وظلوا نافدين ع مجد الكروم ... المهم بعد يومين أجا خبر إنو فرقة جيش فايتي ع البعنة ... تجمعنا عند طابون دار العُك ... وأنا وقفت عالزاوية ... والا مصطفى النجم بأشّر عليّ .. مِسْكوني وأخذوني على (كمب) مجد الكروم وبعدين على عكا وأنا بالسجن بتاريخ 4/1950 مات أبوي ... أجا إبراهيم بشارة طلّعني عشان أحضر الجنازة ... وخضنا معركة قاسية في البعنة ضد الهويات الحمرا.
في الـ 1957 فصلوني من سلك التعليم
أمي راحت سجلتني بدار المعلمين في يافا، وهناك التقيت بنمر مرقس، وفريد جهجاه، والياس دلّة وغيرهن، وكنت انا الوحيد فيهن قريب من الحزب الشيوعي. وعلّمت كمعلم رسمي سنة 1951 في طمرة ... وكان مطلب العرب في هذاك الوقت ... الدخول للهستدروت العامة، وإحنا كنّا منظمين في نقابة المعلمين العرب، وبالمقابل كانت إتحاد عمال فلسطين اللي بتتبنّاها (المباي). وكان نضالنا ومطلبنا تغيير مناهج التعليم اللي بتكرّس التعليم عن اليهود بالمهجر أكثر من تاريخ العرب، وقلنا: هاي سياسة (تتريك) نسبة الى تركيا وتهدف الى طمس الهويّة العربيّة.
واصدرنا جريدة المعلم الديمقراطي مقابل جريدة نقابة المعلمين اليهود صدى التربية ووصلنا لمرحلة سيطرنا فيها على فرعين عكا والناصرة، ولمّا فصلوا شفيق خورية ورياض العبوشي وبهيج خليف من سلك التعليم من منطقة الناصرة ... إحنا بفرع عكا تبنيّنا الإضراب، وقتها إنتبهوا إنّو النقابة بطلّت بايديهن، وحلّوا نقابتنا وضموها للنقابة العامة وهذا كان مطلبنا من الأول. ودخلنا الانتخابات وإنتخبنا أربع ممثلين عنّا ... بس عشان نخوض الانتخابات كان بدّنا أربعين توقيع من المعلمين ... وقسم من اللي وقعوا فصلوا من سلك التعليم مثل: قمر خوري نشاشيبي، وناهدة بولص (أم يعقوب – زوجتي) وآخرين.
بعدها نفونا من ضمن التعليم ... أنا حطوني بصندلة ولمقيبلة على حدود جنين، ونمر مرقس ببرطعة، وفريد جهجاه بجت المثلث، والياس دلة ببير السكة.
وبعدين بسبب عملية جراحية بظهري طلبت نقلي ... قالو لي نقّي وين بدّك ما عدا بشارع عكا صفد، وكملت هذيك السنة في المزرعة ورجعوني ع البعنة ...
حاولوا يطلعوا دعاية إنهن نقلوني ع البعنة لأني تعاونت معهم بس ما زبطت معهم، وزدِت من نشاطي في بيت لمعلمين وبتوزيع جريد المعلم الديمقراطي.
وفي آخر سنة 1957 فصلوني من سلك التعليم وبعد سنة فصلو نمر مرقس والآخرين.
إميل حبيبي قال: مجزرة كفر قاسم أثارت الشفقة على العرب بهذه البلاد ... وحوادث الـ 58 أثارت الإحترام للعرب في الداخل
ورأساً إشتغلت فترة محترف في الحزب الشيوعي ومسؤول عن الشبيبة الشيوعية، وصرت أزور فروع الشبيبة في المنطقة، وكان مقرّي في الناصرة. وفي ال 1958 لما بديت التحضيرات لمظاهرة أول أيار في الناصرة، إعتقلوا كل قيادة الحزب المعروفين قبل ثلاثة أيام، وعلى رأسهم فؤاد خوري وتوفيق زيّاد وسليم القاسم ... وبقي إميل حبيبي لانو عضو كنيست وكان سكرتير المنطقة.
الحاكم العسكري قرر ما يعطي هذيك السنة رخصة لمظاهرة أول أيار، وفي نفس الوقت سمح لمظاهرة الهستدروت.
إجتمع الحزب وحط خطّة لتسهيل خروج المظاهرة غصبن عن البوليس ... في ليلة أول أيار إتصلنا بفروع الحزب بالقرى ... قسم كبير من الجماهير حضرت بالليل، ووزعنا هذا العدد في محيط مكان إنعقاد أول أيار.
أنا وجوزيف ذيب ومنقذ الزعبي وواحد من دار جرار وأوديت نمر وعدد من الرفاق وصل عددنا حوالي أربعين بقينا بمقر الشبيبة الشيوعية قريب من الجامع الابيض.
ولتحويل أنظار البوليس نِزل جمال موسى من مقر الحزب، وقف وبدي يهتف يسقط الحاكم العسكري ... ورأساً إعتقلوه، نزل توفيق كناعنة وقال: يعيش جمال عبد الناصر ... وأُعتقل ... وبديَتْ تحمَى ... بعتنا أوديت نمر للي أجو من القرى عشان يبدو يتحركوا ... قام حنا إبراهيم قال: وبلكي هي جاسوسة!! ... راح بولس أخوي وقال لحنا ابراهيم : هاي أوديت نمر .. أنا بعرفها ... وبِدي ضرب الدَمَشْ عالبوليس من كل الجهات... وبهاي اللحظة والطوشِة علقانة طلبنا من الشبيبة تنزل عالكراجات عند مظاهرة الهستدروت، ونزلنا وقف توفيق طوبي يُخطُب، وقامت الشرطة أخذتو بالسيارة بالقوة وهذا أثار الناس إمشينا بالمظاهرة وصرنا نهتف شعبنا شعب حي دمنا ما بصير ميّ ... شباب الناصرة تحمّسوا، وصارت المظاهرة شعاراتها إلنا.
البوليس فهم غلطتو وعرف إنو مظاهرة الهستدروت إنقضى عليها وقف عجنب حتى تُمرُق المظاهرة وهجم ع لمظاهرة، واللي بالمظاهرة كلهن فاتو عالحارة الشرقية، وإشتبكوا مع البوليس، وبِديَت الاعتقالات، ويومها إعتقلوا 700 معتقل ...
رُحت لاقيت حبيب زريق حد نادي الصداقة، قللي لازم ولاد القرى تطلع من الناصرة لأنو في حملة إعتقالات واسعة.
كان يوم مشهود وحياة إميل حبيبي قال عَنّو: مجزرة كفر قاسم أثارت الشفقة على العرب بهذه البلاد ... وحوادث الـ 58 أثارت الإحترام للعرب في الداخل.
وبأيلول 1958 توفيّ أخوي لكبير يعقوب، فطلبت من الحزب إعفائي من الاحتراف وتوجهت للأعمال الحرّة. في نفس السنة إنفصل نمر مرقس والياس دلة من التعليم، وإستلم نمر وظيفة محترف الشبيبة مكاني.
أكلت قَتلِه للعمى مثلها ما ذُقت بحياتي
قلت أبو يعقوب : شو أكثر شغلة تضايقت منها ؟ ... قال: أنا إنحبست ثلاث حبسات ... كنت أوزع الاتحاد في الدير ومجد الكروم، ونصل نحف، وَحدِه من المرات وزعناها بيوم الثلجة بمجد الكروم.
مرّة رُحنا أنا وصالح إدريس (تيتي) نوزع الاتحاد في نحف، ولانو الدنيا شتى مشينا طريق الشارع الاسفلت ... ومن فوق كرمئيل اليوم ولاّ سيارة بوليس ضربت بريك ووقفت ... كنا حاملين الجرايد عأيدينا بشكل تظاهري ... نزل منها واحد وقلنا يللا إطلعوا ع السيارة.... أخذونا لبوليس عكا، عند ظابط المركز (ديامون)، فوّتونا لعندو والا هو بعتلنا ثلاث بوليصية ... وأخذونا على إصطبل الخيل وقال واحد منهم: بدكوا تنظفوا الاسطبل ... قلت: ما منِشتغل إشي ... راحو البوليسية وظلينا لحالنا مع السايسْ في الاسطبل ... صالح إدريس وَضعو حِرِج بعدو ما أخذ هوية ... وأنا مش مِفرقة معي ... بعد ما نظّف السايس الاسطبل .. رِجِع البوليس وقال: شو إشتغلوا؟ قال السايس: ما قِيلوا يشتغلوا ... قلت: ليش نشتغل!!! إحنا ما بدنا نشتغل ... أخذونا ع الكراج وحضّروا المي والصابون وطلبو منا تنظيف أرضية الكراج ... كمان رفضنا نشتغل ... حِمِل البوليس العصاي وقال: إشتغلوا. قال صالح إدريس: إذا بتشتغِل بَشتغِل .. وأنا قلت: مش راح أشتغل ... قام البوليس بالبوكس وضربني ... حاولت أقاوم ما قدِرت ونزلولي ضرب وين الجنب اللي ما بوجعك ... نهنهوني ... وحبسوني أكمّ يوم ووجهي مورّم. وِصل الحكي للحزب وبديو يعملوا حركة، وإتصلوا بحنا نقارة، وطلّعوني من الحبس ... يعني كان هدفهم يذلونا ... وأكلت قتلِه للعمى مثلها ما ذُقت بحياتي.
هزّ أبو يعقوب رأسَهُ بمرارة وقال : كانو يِنجَنّوا من المقاومة وفي هذاك الوقت كان بسّ الحزب الشيوعي واقف ضدهُن.