الشيخ عواد سالم أبوشارب وانتفاضة 1933 .
لقد عرف الشيخ عواد سالم أبوشارب بحبه لفلسطين وعشقه لأرضه بئر السبع , وقد ظهر نشاطه السياسي والاجتماعي أبان دخول البريطانيين الأراضي الفلسطينية , فقد اشترك بأكثر من حراك ثوري على المستوى الحزبي والشعبي , وقد كان صديقا مقربا من موسى كاظم باشا الحسيني , الذي كان آنذاك رئيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني , تعرض للقمع والسجن كثيرا , لكنّه لم يأبه بكل ذلك وظلّ يدافع عن قضيته وقضية شعبه , ومن الأحداث التي كان له فيها دور بارز , تنظيمه ثورة ضد الاستعمار البريطاني عام 1933 في بئر السبع بالاشتراك مع أكثر من جهة في عدة مناطق بفلسطين , تعتبر هذه السنة من أبرز سنوات النضال الشعبي الفلسطيني ،وهي تعد من سنوات المخاض لانطلاق الثورة الفلسطينية الكبرى .
بدأ تحركه مع التحرك الشعبي في يافا بانعقاد مؤتمر الشباب الأحرار ،في آذار من السنة المذكورة ، وفي شهر تشرين الأول اجتمعت اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني ، واشتركت مع أغلب الحركات الشعبية الفلسطينية , ومن هذه الحركات حركة شباب أحرار بئر السبع برئاسة الشيخ.
عواد سالم أبو شارب , وقد تبنّى أفكار مؤتمر الشباب بتوجيه المقاومة ضد الاستعمار البريطاني ، ودعى إلى سلسلة تظاهرات ،وإضراب عام والامتناع عن دفع الضرائب , بالاتفاق مع موسى الحسيني .
بعد أيام من اجتماع اللجنة التنفيذية ، التي كان يحضرها الشيخ عواد سالم انطلقت تظاهرة حاشدة في القدس سار على رأسها كاظم موسى ، وتظاهرة ببئر السبع سار على رأسها عواد سالم أبوشارب , صاحبها إضراب عام في جميع أنحاء فلسطين ،واشترك في تظاهرة القدس وبئر السبع جميع أعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني ،الذين جاؤوا من جميع أنحاء البلاد ، حتى فاق عدد المشاركين في القدس 30,000 متظاهرا , وفي بئر السبع ما يقارب 15,000 متظاهر .
اصطدمت تظاهرة بئر السبع بقوات الاحتلال البريطاني،لتختلط أصوات طلقات الرصاص بنشيد الجماهير :
نحن جند الله شبان البلاد
نكره الذل ونأبى الاضطهاد
فارفعوا الأعلام وامشوا للجهاد
حيث أعدائنا تمادوا في الغرور.
ووجه البريطانيون الرصاص إلى صدور المتظاهرين واندلعت اشتباكات بين الشبان الذين يحملون العصي والسكاكين ، وبين رجال البوليس البريطاني في غير حي من أحياء بئر السبع ،فيما كان جنود الجيش البريطاني يطلقون الرصاص عشوائيا ، ، مما أسفر عن استشهاد تسعة من الشبان الفلسطينيين ،وجرح عدد أخر ،بلغ نحو خمسين في الاشتباكات مع البريطانيين .
في الأيام التالية شهدت مدينة بئر السبع إضرابا عاما أغلقت فيه المحال التجارية أبوابها ،وشهدت الحركة في المدينة خفوتا كبيرا جدا قياسا إلى الأيام العادية ،وعمدت سلطات الانتداب البريطاني إلى عزل المدينة عن العالم ،بعد أن طوقتها بشكل كامل ومنعت الدخول إليها والخروج منها.
لم تكن هذه نهاية الانتفاضة عام ألف وتسعمائة وثلاثة وثلاثين ،فقد جرت مظاهرات أخرى في الخليل ونابلس ،وامتد إضراب الموظفين لأسابيع ،فيما قامت بريطانيا المحتلة ،بمحاكمة أعضاء اللجنة التنفيذية وفرضت عليهم غرامات قاسية , وسجن الشيخ عواد سالم سنتين لاقى فيها أوج العذاب والتنكيل , وكانت هي آخر مشاركة سياسية له , فلم يشارك بالثورة الفلسطينية الكبرى ؛ بعد أن تدهورت حالته الصحية نتيجة ما لقاه من العذاب والتنكيل من الجيش البريطاني , فرحمه الله , عظيما , ترك الدنيا وفي عينه ألم وحسرة .