خاص صفد برس-نرمين العشي
تفتحت عيناي على بيتنا الصغير ذات جدران التنك وسفايا الرمال، التي كنا نبخها بالماء حتى نتمكن من المشي عليها، ومع كل فصل من فصول السنة كنا نعاني الأمرين كأنه ضيف ثقيل يفرض نفسه عليك، أما أثاث بيتنا الشهير بعض من الفرشات وقطع القماش البالية، بالإضافة إلي أكوام الحطب وأواني الطهي التي عفا عليها الزمن، وكان خير جليس لنا في كل ليلة لمبة الكاز التي بالكاد نري بصيص نورها ، هذا غير مشكلة الماء التي كانت تأخذ أكثر وقتنا لنحصل عليه من مكان بعيد عن مسكننا.
في هذا الجو المعتم عشت أنا رحاب محمد حسين حمزة، المعرفة برحاب كنعان "خنساء فلسطين" التي لفظني المخاض بين أحضان المنافذ وترعرعت بين جمر الشتات، ولدت عام 1952 ذات الطفولة المشوهة الملامح، كنا نعيش ظروف حياة صعبة معزولين عن العالم ولا نعرف وجه آخر للحياة سوي سوى سياسة الحروب و التهجير التي بدأت مع أهلي عام 1948 إلى الجنوب اللبناني في مخيم" برج الشمالي" إلى "الدامور" وهي منطقة مسيحية، في حينها كان الجسم الفلسطيني غير مرغوب فيه، لذلك عشنا حياة صعبة وقاسيه ومن هنا جاء قرار أهلي وأعمامي الإقامة في مخيم تل الزعتر في بيروت العاصمة ليلاقوا قدرهم ويقابلوا ربهم جميعا.
بزوغ الثورة
بعد بزوغ فجر الثورة الفلسطينية وانتفاضنا عن التراب والتنك بدأت ثورتنا سريه عام 1965 والتي بدأت بشكلها الفعلي عام 1969 تحديدا يوم "الحنة" كنت جالسة بفستاني الأبيض المزركش يحوطني كل الأهل والجيران يطبلون ويغنون، حتى دخل أبي فجأة وأخذ الدربكة "الطبلة" بوجه عابس حزين، ومع ثرثرة النساء وارتفاع صوتهم قال أبي التزموا الصمت وإلا فكل واحدة تذهب إلى بيتها حينها كنت في 14 من عمري لم أبلغ سن الرشد فقررت أن اذهب للنوم فورا وفى صباح اليوم التالي بدون زفة ولا عرس ذهبت لزوجي ببدلتي الكحلية كما هو لون حياتي حتى الآن، والسبب بقطع زفافي هو وجود شهيدين من مخيم تل الزعتر، فخيم الحزن على كل بيوت المخيم، لان الشهيد كان آن ذاك له شنه ورنة.
تزوجت وعشت في "جويا" منطقة الجنوب وبعدها عدت إلى شاتيلا، و في عام 1970 رزقت بنتي ميمنة، بعد 3 أعوام أنجبت ابني الحبيب ماهر ، كانت حياتي الزوجية منذ بدايتها صعبة ولكن؛ بعد 8 سنوات ازدادت الخلافات بسبب عدم وجود الوعي لدي وكيفية تسيير أموري في حياتي الزوجية، لأنني كنت دائما اشعر أنني صغيرة وغصبت على زواجي مما أدى إلى انفصالي عن زوجي كانفصال أولي وعدت إلى بيت أهلي في مخيم تل الزعتر .
شعر أبي انه ظلمني وتسرع في زواجي وقال أن أندادي مازالوا يلعبون بالشارع، رغم محاولات الناس للإصلاح لكي أعود لزوجي إلا أن جميعها باءت بالفشل، ذهبت باكية لأمي أترجاها لتساعدني ليوافق أبي على عودتي لأنه من الصعب حينها عليَّ أن أبدي رأيي أمام أبي، وكنت الكلمة التي على لساني أريد أن أرى أبنائي، استسلم أبى لقراري ووافق على عودتي والذي ساعدني بالرجوع هو "الارتباط" مؤسسة شبيهة بالصليب الأحمر، لان حينها نشبت حرب طائفية بين المسلمين والمسيحيين.
فرز الحي من الميت
فور وصولي واختفاء ملامح وجهي بالدموع جريت متوجهة إلي بيت عائلة زوجي وجدت أولادي أمام عيناي ونزلت علي سكينة الله .
مع تفاقم الخلافات الأهلية في شاتيلا، أصبت بعيار ناري 500 أعلى الفخذ، في ذلك الوقت كنت ممتلئة البنية فكان تأثير الإصابة ضعيف إلى حد ما، وفور سماع أبي أخباري عن طريق "الهلال" اتصل أبي وكانت آخر محادثة بيني وبينه، فكان ُمصر أن يأتي للاطمئنان علي، ومع إلحاحه اضطررت أن أكذب عليه وأقول أنني بخير وأنني بالسوق لتوفير احتياجات البيت خوفا على أبي من القتل بالحرب الطائفية، كانت مسلم مسيحي على السكين ما بين تل الزعتر وشاتيلا.
قرر زوجي السفر إلى ألمانيا ككثير من الشباب لكثرة الإغراءات التي قدمت لهم من مسكن وراتب شهري حتى يتوفر له عمل فيما بعد، وهي سياسة لتخفيف يد المقاومة، وبعدها صار الحصار علي شديد على تل الزعتر مكان إقامة أهلي وعائلة أبي.
مجزرة تل الزعتر
سمعت بوجود مجزرة في تل الزعتر كنت على يقين انه سوف يموت من شخصين إلى ثلاثة من أهلي خاصة آخى وأختي وأبي، علمت أن أهلي كانوا مختبئين في ملجأ "بوتاجي راس الدكوانه"، وقت المجزرة أقيمت مشفى للطوارئ داخل الجامعة العربية بعد تفريغها وإعدادها لاستقبال جرحي مجزرة تل الزعتر، كل يوم كنت اذهب متلهفة ومتأهبة إلى الجامعة العربية كي أتعرف على أهلي أو أحد من أقاربي من بين الجرحى حتى تعثرت بجار لأهلي سألته وقلبي يتمزق لوعا وخوفا على أهلي، قلت له" عمو طمنى على أهلي" قال يا عمو متصدقيش أي حاجة بتسمعيها واستمر في السؤال عليهم ، حتى وجدت زميلتي في المدرسة سألتها وقلبي يعتصر خوفا وقلقا عن أحوالهم، أجابتني بقوة تفوق قوة الرجال وجرأة تخطت جرأة العجوز قالت، "بدك الحق كل آل حمزة ماتوا ولم يبقي منهم أحد" صرخاتي ودموعي ملئت الجامعة وما استفقت من صدمتي إلا وأنا باكية العينين حافية القدمين من بيروت إلى بيت أختي الكبيرة في صور جنوب لبنان، وقمنا بفتح عزا لكل أهلي "أمي ووالدي وإخوتي 8 واعمامى51 شهيد فقدت من أهلي عام1976 في مجزرة تل الزعتر" بعد أن تم قصف الملجأ المكون من 8 طوابق وكان يضم 400-500 شهيد، ضرب بمجموعة من الصواريخ على الأعمدة ومن وبعدها صاروخ ارتجاجي أسقط الملجأ بأكمله
العذاب بعد الموت
لم يتبقي لي احد من أهلي سوى أختاي اللتان تعيشان في الجنوب اللبناني تحديدا في "صور" وأخ في السعودية, كانت الحياة حينها صعبة مجحفة لا أتحمل الذل والهوان خاصة بعدما فقدت سندي وعزوتي، وبكل تأكيد استحالت الحياة مع زوجي وأخذ مني أولادي مقابل الطلاق وهددني بالقتل، حينها لجأت للقانون، فنصحني القاضي أن أتنازل عن أبنائي واتركهم لأبوهم، لان الأوضاع الأمنية في لبنان كانت صعبة، وممكن أن يقتلني زوجي أو يتسبب لي بعاهة مستديمة وعلى رأي المثل "طاسه وضايعة"، تركت ابني ماهر5 أعوام و قرة عيني ميمنة 9 أعوام ، بعيدا عن نظري بعدما قسي عليا الزمن ولكن فؤادي يعتصر شوقا لقربهم حتى اللحظة... وتم الطلاق.
تزوجت أبا
بعد اقل من سنة ،وفي عام 1980 تقدم لي رجل اكبر مني بحوالي 12 سنه اتخذته أبا لي وأولاده العشرة عزوتي، لأنني كنت بحاجة لقوة الأب وسند الأهل، وبالفعل وعدني وأوفي بعهده أبا ومن ثم أصبح زوجا، كان فلسطينيا يسكن في منطقة الجامعة العربية بالقرب من شاتيلا مسقط رأس أولادي، رغم ذلك لم يتثنى لي ولو لمرة واحدة أن أرى أبنائي أو حتى أتعرف على أخبارهم.
وصارت الحرب في 1982 وجاء قرار خروج الثورة وجاء نصيبنا أن نعيش تونس مع الشهيد أبو عمار، ذهب زوجي ليجهز لنا بيت نقيم فيه في ذاك الوقت حدثت مجزرة صبره وشاتيلا ولكن كنت حينها في الجامعة العربية، والجدير بالذكر أن شاتيلا مخيم للاجئين الفلسطينيين و"صبرا" مدينة تختلف تماما عن جو وظروف الحياة في "شاتيلا"، فكانت صبرا وشاتيلا والجامعة العربية كلهم علي امتداد شارع واحد.
استشهاد ماهر
وبعد هدوء المجزرة حاولت اسأل علي أولادي ماهر وميمنة في شاتيلا وحينها لم احتمل أن ادخل المخيم أصابتني نوبة عصبيه لأنني تذكرت ما حدث لأهلي في مجرة تل الزعتر، وسافرت إلى تونس دون أن اعرف أي خبر عن أولادي ولكن في 1986 ذهبت إلى لبنان بتصريح للاطمئنان على أولادي، لسوء حظي نشبت حرب بين الشيعة والسنة ولا يوجد أي مجال لمعرفة مصير أولادي.
عدت لتونس وبعد فترة كنت أتصفح مجلة بالصدفة، وإذ بالطامة الكبرى وجدت اسم ابني الحبيب ماهر وقع شهيدا زرفت دموع حسرتي على ابني وعلمت بخبره بعد أكثر من سنة ولكن أنا على تمام الثقة في أي يوم حدث هذا لأنه يوم عرس ابن جيراننا في تونس ابني صرخ قال يما قلبي سمعه، وكان صدري اقتلع من جسدي، يومها أيقنت أن ميمنة ابنتي فقدتها كماهر للأبد.
خنساء فلسطين
أثناء إقامتي في تونس تعرفت إلى إحدى الجارات وعلمت أنني اكتب الشعر، فأصرت أن تعرفني بأخيها كان هو أيضا شاعرا ومحبا للشعر، بما إني فلسطينية وفقدت أهلي وعزوتي في مجزرة تل الزعتر فكان هذا الدافع الأكبر ليعرف العالم بأسره على قصتي، في إذاعة المنستير بتونس كنت أنا بالنسبة لهم قيمة كبيره، يدعونني في كل المناسبات وطنية كانت دينية أو أدبيه، أو يوم الأم والمرأة أيضا.
في إحدى الندوات تحدثت عن معاناتي كامرأة فلسطينية تجسد ألمها مخطوطا بكلمات، فقالوا لي أنت خنساء فلسطين نسبة لخنساء "بنت مضر" التي قدمت 4 أولاد وأخوين، وكانت تقول الشعر وخاصة الرثاء، وأنا قدمت ابن و51 من أهلي واكتب الشعر وأرثي أهلي ووطني، فحينها قالوا أنت خنساء العالم قلت لهم يكفيني أن أكون خنساء فلسطين، ورثيت في هذا....
تشبهونني بالخنساء والخنساء مني
إذ بكت اثنان الأهل وأربعة الفؤاد
فما لبكائي عشرة الأهل والحادي فؤادي
قالوا لي أنت بذلك تصبحين خنساء العالم
فقلت لهم دعوني على مستوى خنساء جرحي وشعبي
***
تستغربون لكثرة شعري بالرثاء
فهل من قدم سواي من الشهداء
خمسة من صلب أبي ذكور
وثلاثة عذارى
ومن حملتني وحملته في الأحشاء
ومن كد عليّ دون عنا
عودتي لأرض الوطن
اعتدت من خالتي في لبنان أن تبعث لي رسائل للاطمئنان عليها ولكن بدون عنوان, ولكن في يوم أضافت إلى الرسالة رقم هاتف، فكنت أحاول مرارا وتكرارا أن اتصل بهم، وللأسف بلا جدوى.
جاء قرار عودتنا للوطن في عام 1994 سبقني زوجي لأنه كان مع مكتب الرئيس ودخلت غزه عام 1995 حينها كنت أنجبت في تونس ولدان من زوجي "..... كنعان" ابناي" سمير وحسين" وكنت قد أنجبت في لبنان ابنتي الكبرى "وفاء".
في حاله من الزهق كنت ارتب أوراقي بمنزلي الجديد بالصدفة وجدت رقم خالتي، بدون تردد اتصلت بالرقم وإذ يعطي جرسا فارتجفت يداي وقلت بأمل وذهول رهيب علق علق علق الخط وكانت دقات قلبي تتسارع مع رنة الانتظار، فقلت أول كلمة ألووو.. أنا رحاب بحكي من فلسطين، كيف بنتي ميمنة عايشة!! فكانت الإجابة نعم كلنا بخير وأعطيتهم رقم تليفون منزل جارتي ووعدتهم باتصال بعد يومين.
اتصال ميمنة
وفي اليوم التالي صادفت عزومة صديقتي، وأنا انتظر قدومها بين الحينة والأخرى فإذ بجارتي تخبرني بمكالمة لكي، قبل أن ارفع السماعة احدث نفسي أكيد صديقتي تريد الاعتذار، رفعت السماعة وقلت: ألو فأجاب صوت يقول: حبيبتي حبيبتي
فأجبت: لا حبيبتي ولا حاجه
قالت: اشتقتلك كتير
قلت: لا حبيبتي ولا اشتقتلك عيب يا خالتو أديني ماما كل مرة اعتذار
أجابت يا ماما أنا ميمنة
قلت: ميمنة بنتي يا الله...... حبيبتي يا ماما
قالت: ضلك قوليلي يا ماما، أنا أول مرة اسمع يا ماما، أنا لا حقول ولا حيتقالي يا ماما
فانتابني حالة من البكاء الهستيري وجاءني شبه إغماء وأقول ميمنة حبيبتي يا ماما
أول مره اسمع صوت ابنتي منذ 22 عاما منذ طلاقي من والدها، علمت فيما بعد أن ابنتي الحبيبة ميمنة تزوجت وشاء القدر أن لا تنجب أطفال.
تلفزيون المنار
بعد عدة أيام كنت في زيارة إلى الجمعية الفلسطينية اللبنانية التي أنا عضوة فيها وجدت مجموعة من الأسرى المحررين بلقاء عبر الفيديو كونفرنس مع أهاليهم في لبنان مع قناة المنار اللبنانية، فقلت في حينها أنا من أحق الناس لم أرى ابنتي منذ أن كانت بنت التسع أعوام، فعلا اتصل بي تلفزيون المنار للقاء ابنتي عبر الفيديو كونفرنس لأول مرة، وبالصدفة وكانت مديرة مدرسة دلال المغربي أقامت تكريم الأم للمثالية وطلبت مني أن امثل الأمهات قبل اتصال تلفزيون المنار، حاولت الاعتذار من المديرة لأنه يتعارض مع لقاء ابنتي، فقررت المديرة مشكورة أن تقيم الاحتفال في الثامنة صباحا، بالفعل حضرت الاحتفال وشرحت موقفي وسط تصفيق ودموع الأمهات وقلت لهم سوف أرى ابنتي لأول مره اعذروني، وودعتهم وغادرت المكان.
وفي تمام التاسعة والنصف صباحا كنت في انتظار إشارة الإرسال داخل قناة المنار، كنت اشعر بالتوتر الشديد وكانت يداي ترتجف دون أن أسيطر على انفعالاتي وفجأة ظهرت ميمنة وقلت ميمنة بنتي حبيبتي يا ماما قمت من علي الكرسي لاحتضن واقبل شاشة التلفاز، وأنا اكرر ماما بنتي حبيبتي يا ماما، ميمنة ميمنة، وابنتي مصدومة وتبكي بدون توقف ودون استيعاب لما يحدث، وبعد ذلك سألتني المذيعة في آخر دقيقة ماذا تقولي لأختاك، قلت أختي !!؟، شاهدت بجانب ميمنة سيدتين ولكن؛ اعتقدت أنهم من أهالي الأسرى، وعدت البكاء والنواح وبقول خيتا حبيبتي خيتا سامحوني ماعرفتكم لأني منذ 17 عاما لم أراهم، جميع من في المكان من مصورين وعاملين وطاقم كلهم يبكون دون وعي.
قناة أبو ظبي
بالصدفة شاهدت قناة أبو ظبي لقائي مع ابنتي، ودعتني ضمن برنامج لأجلك ولكن في البداية أجريت مع ابنتي لقاء بالفيديو كونفرس مع ابنتي ميمنة في قناة أبو ظبي، وفورا بعد انتهاء اللقاء ولما ترك من أثر قوي عند المشاهدين وخاصة العاملين في قناة أبو ظبي اصدر قرار خلال 72 ساعة أكون مع بنتي في أبو ظبي.
هذا كان في أوج الانتفاضة الثانية حين اصدر قرار لقائي بابنتي وعندما عرض عليا الأمر قلت تريدوني أن أطفئ نار وأشعل نار أخرى، وأجابوني ما هو طلبك ؟، قلت أريد أن اصطحب أولادي الثلاثة، وبالفعل وكأنها طاقة القدر فتحت أمامي، بمقدار شربي لفنجان القهوة في مكتب الجوازات كنت قد استلمت جميع الجوازات، ولان قدرة الله نفذت كان معبر رفح الحدودي مفتوح، فكان هذا أمر عسير في ذلك الوقت.
عند وصولي المطار أتساءل على ابنتي وأسأل جميع المرافقين من قناة أبو ظبي والضباط، أين ميمنة؟، أين ابنتي؟، دون جواب مطمئن من أي احد منهم، دخلت الغرفة في الأوتيل وقلت أكيد حلاقيها بتستناني داخل الغرفة، وحينها أصريت أن افتح الباب بنفسي، عندما دخلت فلم أجدها انهمرت بالبكاء كالطفلة الصغيرة، وفي اليوم التالي كان ميعاد لقائي علي الهواء مباشرة في استوديوهات قناة أبو ظبي، حينما دخلت الأستوديو سألتهم أين ميمنة؟، أين ابنتي؟، قال المذيع "جابر" يما إحنا حاولنا كثير وعملنا جهدنا تكون معنا ولكن إحنا مش تاركين الموضوع متابعين، حينما سمعت هذه الكلمات أخذت ابكي بدون وعي ، وأثناء حواري معه، وضعوا صورة ابنتي على الشاشة حين وصولها نفس المطار الذي نزلنا به ، فقلت ميمنة .. ميمنة.. بنتي.. بنتي.. بنتي هان .. بنتي هان، وإذ ميمنة أمام عيناي، وكانت الصرخة.
بكي جميع العالم على مشهد لقائي مع ابنتي، جلست معها 21 يوما تحت نفقة قناة أبو ظبي، وبعدها عاد كل طير إلى مستقره، وبعد 10 سنوات تثنى لي أن أسافر للبنان لأشاهد ابنتي الحبيبة مرة أخرى...
كلمة عتاب
لا اخفي أن الهلال الأحمر الإماراتي قدم لي ولابنتي كل منا 5 آلاف دولار، ووالدة حاكم دبي سابقا قدمت لي ولابنتي كل منا ألف دولار، عدت على غزه بعد 21 يوم بستة آلاف دولار فقط ولكن؛ أبناء شعبي ضربني بصخره اعتقدوا أنني طلعت الإمارات وعدت بالمليارات.
حتى لقب خنساء فلسطين أصبح يطلق علي أي امرأة وأصبحن كل النساء خنساوات، أريد امرأة واحدة فقدت أكثر مني شهداء وسوف أتنازل عن اللقب، لقب الخنساء نسبة ل"خنساء بنت مضر"، ولأنها كانت ترثي أولادها وأنا رثيت أهلي ووطني، اشعر بغاية الأسى والحزن حين أخرجت ما بداخلي بخصوص هذا الجانب من حياتي.
مؤلفاتي
بعض مؤلفات لا الحصر كان منها ديوان البسمة المجروحة في تونس 1995 قبل العودة بأشهر، وأصدرت رواية تاريخية عن مخيم تل الزعتر منذ نشأته من عام 1950 مملكة التنك ، جمهورية الثوار شاهد على التاريخ عام 2001.وديوان شلال الفصول الثمانية عام 2006.
من قصائدي عرس الشهيد، أمي، أبي، رحيل الزهور، الكيروان، أنشودة حب لتونس، شلال الفصول الثمانية، رسالة من الجنة، شموخ اللوز، تهاليل الفجر، أيلول الأحمر، أرجوحة السفر، عنقاء أنا،وقصائد أخرى وطنية وسوف اختتم بجزء من قصيدتي "القدس في عيون اليمامات"
كم من صرخة نادت
يااااقدس... يااااقدس
فجرت ينابيع عشقها ترطب ثراك...
ورسمت اسمك في العلا
بأحرف من نور الآلهة
يااااقدس .... لا تتأوهي
إن استباحوا البراءة، وبتروا شفتيها على صفحات الكتب
فأنت عطر الحروف، سيدة الأبجديات
ستبقين لؤلؤة في عيون اليمامات
ودم البراءة
امتداد لشعلة الانتصارات..
عن موقع صفد برس