أنا حسين محمد سعيد حمادي من قرية سحماتا، عمري الآن (اثناء تسجيل المقابلة) 82 سنة من مواليد 1929.
جدي توفى وأنا بعدني طفل، كان جدي يلبس حطة وعقال واللباس العربي، ذقنه كانت شقراء.
وجدتي نزهة محمد عسقول. والدتي زكية محمد علي حسين علي قدورة.
أذكر عندما كنت بالبلد بدأوا برصف الشوارع بالبلد بحجار صخر، وأذكر حسين الصفدي حيث كان يعمل فيها.
طلعت من فلسطين كنت خاطب عمري 20 سنة تقريباً. أذكر كانوا يأخذوا من كل واحد أصبح عمره 16 سنة ليرة، وأنا كنت دافع الليرة.
والدي كان فلاح، وكنا وحدانيين ليس لنا أحد، نستأجر عمال للفلاحة، كنا نزرع دخان وقمح وشعير وكرسنة، وزيتون، لم نكن نشتري أي شيء من خارج البيت غير السكر والملح.
والدي لم يخرج من القرية. كان يستقبل الناس من خارج البلد من أصدقائه وكان على علاقة جيدة مع كل أبناء القرية، حتى أن هناك رجل مسيحي اسمه مبدّى ناصر من ترشيحا كان صاحب والدي جداّ وكان يزوره بالبلد.
تعلمت بالمدرسة بالصف الرابع، وكنا سنبدأ بالصف الخامس. وأذكر جاء إلينا أستاذ من سخنين اسمه حمد إبراهيم العبد الله ثم لم نكمل الدراسة بسبب الأحداث.
في البلد كان عندنا منشرة وحدادة نقلناها لاحقاً إلى ترشيحا، ودارت الأحداث في ما بعد.
عند حدوث الاقتحام وخروج الناس خرجنا معهم. عمتي توفيت بعدها في لبنان، أمي وأبي كانوا في البقيعة، خرجت أنا وأخي من عمر الـ4 أشهر، ووقتها كان الزيتون حامل، واليهود وضعوا نواطير لتحويشه (لقطفه)، وكان عندنا ساحة كبيرة يضعوا فيها الزيتون. حتى إن الشباب من عندنا ذهب اليهم وإختلفوا مع النواطير، فما كان من النواطير الا أن أخبروا اليهود. ثم جاء اليهود وكنا في شهر كانون (الدنيا برد)، وجاءوا وأخرجوا كل من بالبلد وأخذوهم إلى الحدود وقالوا لهم إذهبوا إلى لبنان.
والدتي توفت بكفر برعم (في الطريق)، وعمتي فاطمة بقيت في فلسطين عند واحد درزي، بقوا بحرفيش 3 سنوات عند الرجل الدرزي إسمه زيدان الغضبان. بعد ذلك طلبوا من اليهود بالسماح لهم أن يذهبوا إلى لبنان، فوافق على ذهابهم إلى لبنان.
قبل الخروج من سحماتا، كنا بيتين من بيت حمادي لنا بيت، ودار يوسف حمادي لهم بيت واحد. كان هناك بيت كبير ودار واحدة، كنا نحن ندخل من نفس المدخل على الدار الكبيرة وبالداخل يوجد حد بين البيتين. كان لنا تبّان بالعريشة يتبعلعمي يوسف وهم لهم تبّان عندنا. يعني دار حمادي كانوا يعيشون مع بعض في بيتين.
واحد من بلدنا قال لي بعد خروجنا من فلسطين أننا نحن بالأصل من شفا عمرو.
عن بعض العائلات
محمود عسقول كان نسيبنا، وبيت عسقول وبيت بلشة أقرباء، فالحاج عبد الله بلشة والحاج أسعد بلشة أذكرهم منذ كنت صغير.
أما علي الحوراني كان جارنا، أذكره كان فقير الحال، ومتزوج وعنده أولاده، له أولاد هنا في لبنان، زوجته حواء موسى، وأولاده حسين ومحمد وأحمد وفاطمة وصبحية.
عندما خرجنا كان علي الحوراني وعائلته خارج سحماتا، ذهبوا إلى البقيعة ثم حُرفيش، وهذا قبل الـ48، وفي أحداث 48 ساكنين بحرُفيش (بحوالي 3 سنوات) ثم لم أسمع عنهم أي شيء.
هناك محمد نايف ريمي (أيضاً كان جارنا)، إسم جدته ريمي، وإسمه محمد نايف فايز. زوجته لطفية علي عمر أبو شاهين، وهو أكبر مني وعنده ولد واحد اسمه نايف وعنده بنات.
دار الحجار كانوا يقطنون بالحارة التحتا، أذكر محمد الحجار توفى في فلسطين قبل خروجنا، ومحمود ومصطفى وعلي أولاده محمد الحجار، كان رجل عاقل وعنده رزانة، كانوا بالصيف يذهبون ويجلسون تحت الزيتونة ويتحدثوا عن الحرب العالمية.
بيت خضّور اخوالي، محمد سليم الخضّور هو كبيرهم وأحمد سليم الخضّور، ومحمود سليم الخضّور إخوة. ربما هم من بيت قدورة، إمّ أحمد وإمّ محمود جدتي (والدة والدتي نجيبة قدورة) ومحمد من أم ثانية، كانوا يسكنون مع بعضهم في دار واحدة، في الحارة التحتا، وعندما خرجوا كانوا مع بعضهم البعض، وعاشوا في بعلبك. كلنا أول ما طلعنا على بعلبك وفي عام 1963 طلعنا إلى الرشيدية.
أذكر من بيت الصالح واحد إسمه علي النسر (هو من بيت الصالح) كانوا في طرابلس، زوجته زهية أسعد زيدان. وهو أكبر مني بكثير.
كذلك أذكر أحمد اليافاوي أولاده عوض وخليل، من دار سمعان بعرف منهم مسيحية، كانوا عنا بالبلد لا يمكن أن تميزهم إذا كانوا مسيحيين أو إسلام وكان المسيحيون يحترمون المسلمين كثيراً، في شهر رمصان كانوا لا يأكلوا أو يفطروا أمامنا وإذا حصل شيء بالبلد الكل يقف سوية الى جانب بعضه البعض.
أذكر المختار جريس وأبوه قيصر وأخوه سمعان وحنا كان يعملون في البوليس وإلياس ومبدّا طنوس وفهد عيد. أما خليل سلّوم تُوفي في 48 عندما ضرب الطيران.
كنا في المدرسة رفاقاً مع رزق قيصر وشكري ومبدّا طنوس وأسعد سليم.
مرة واحدة طلعنا عالبقيعة مع أولاد المدرسة رحلة.
كانت بلدنا من أغنى القرى، كان يوجد فيها أربع معاصر وبابور، إشتغل سنة واحدة، إشترته الحاجة ريّا وهي خالت إمي من عائلة قدورة، وبابور طحين. وكانت بلدنا مشهورة بالزيت والزيتون وزراعة الدخان وبالأغلال.
البلد كان فيها سكان من 500 إلى 600 شخص، أعلى بلد بالمنطقة هي جبلية وعبارة عن حارتين وبينهم مساحة كبيرة، تقام فيها الأفراح والدبكة.
كان حول سحماتا قرى ترشيحا، معليا وكفر سميع، البقيعة، سبلان، حُرفيش، دير القاسي، وفسوطة. وفيها طريق رئيسية كانت تدخلها سيارات للنقل. وكان في باص يأتي إلى البلد مرتين قبل ما نطلع من فلسطين بـ15 سنة، كان في سيارات، الباص الاول يأتي في الصبح والأخرى في الظهر، الناس تذهب إلى عكا، وكانت باصات عكا لقضاء عكا، فقط ممنوع عليها أن تذهب إلى حيفا، وكذلك بالنسبة لباصات حيفا لقضاء حيفا فقط.
أعرف من جيراننا محمود مصطفى، يوسف حمادي، حسين موسى، محمد نايف، محمود الحجار، علي الحسين عبد الله الحسين، محمد علي، علي عمر، سعيد يعقوب، نايف محمود، نايف حمودي، حسن الشبلي، البيوت كانت بجانب بعضها.
كبار البلد كانوا يناقشون كل المواضيع، كانوا ينزلون الى الحارة ويجلس نحو 8 -10 رجال. وكان في جريدة تصدر من عكا، إسمها "دفاع فلسطين"، يجلس رجل يقرأ الجريدة والختيارية تسمع له، كان توفيق العبد هو من يقرأ الجريدة للكبار (وهو من بيت قدورة).
المدرسة
المدرسة في سحماتا كانت أهم من مستشفى ترشيحا، ليس أمامها شيء المدرسة الفوقا كان فيها 7 جسور حديد وفيها بئر ماء، فيها أيضاً بيت دجاج وجنينة وحمام، نزرع فيها أنا وأبو حسيب جبر حسن (قدورة) ومحمد إبراهيم خليل (قدورة)، نحن الثلاثة لنا حصة في الارض نزرعها، فيها مشمش وسرو ولها درج وعليها مصطبة يقف عليها المدير.
كان الأساتذة خالد القاضي (ترشيحا)، محمد محي الدين (ترشيحا)، كان عنا معلم أثناء ثورة 36 إسمه فوزي الشهابي من لوبية، أخذوه الإنجليز، وأحضروا أستاذ بديل عنه من ترشيحا، عادل الطاهر، نهاد كمال، أحمد سعيد الطيبي.
من أصحابي بالصف الرابع جبر حسن (قدورة)، محمد إبراهيم خليل(قدورة)، خليل عزام، علي عبد الرحمن (قدورة)، حسن الشاويش (حسن عامر)، أسعد كامل، صالح حامد (خشان)، مصطفى عارف (اسماعيل)، حسن محمد توفيق، إبراهيم حسون. كان الصف الأول والثاني بالمدرسة الفوقا والثالث والرابع بالمدرسة التحتا، أذكر مما تعلمت بالصف الرابع عند الأستاذ شوكت دلال:
جزاء الوالدين:
مالي مرضت وكم أقاسي من ألم
|
ركضت في مهدي وكم أشكو وكم
|
أواه من وجع أراه أصابنــي
|
فهتفت يا أماه قالت لي نعم
|
جاءت على عجل بلون شاحبٍ
|
وحنين صوتٍ هاج من قلبٍ لثم
|
رسمت خدودي رحمةً ومحبةً
|
وجرت تجيء بالماء تخفف لي الألم
|
عادت تسليني بعذب حديثها
|
وتقص لي خبر البلاد مع الألم
|
حتى سمعت على السلالم ضجّة
|
وكلام أشخاصٍ ووقع للقدم
|
هذا أبي وبجنبه طبيب
|
لكن يعالجني قدم
|
قاس الحرارة حسّ نبضي بعدها
|
ورجا لي البرِ السريع من السقم
|
حضر الدواء فشربته
|
ووجدته مرُّ ولكن فيه مشف للغمم
|
فرحت بي أمي وداعبني أبي
|
ونشطت حتى من سروري لم أنم
|
هنا حنان الأم من أجل إبنها
|
وكذلك حب أبي فما هذا النعم
|
فجزاء هذا الحب في طاعة
|
وحبة ما شاء ربي والنعم
|
من بعض بيوت العتابا أذكر:
نزلت عالبحر تا أصلي شباكي
|
لقيت الموج شي ضاحك شي باكي
|
سألت الموجة قلتلها شو باكي
|
قالت لي أنا عا فراق الحب باكي
|
زماني كالسرو إحنا ومالي
|
ناديته بالوما شح لي ومالي
|
خذوا ما تملكو يدي ومالي
|
وردوني على أيام الشباب
|
نشاط القرية
المسجد، كان الشيخ يحيى يحفظنا قرآن فيه، توفي بنفس السنة اللي طلعنا فيها هو توفى بسحماتا.
الطبابة، وقت المرض كانوا يأخذوا المريض إلى معليا. وعند الكسور كان في واحد إسمه ميخائيل جمعة (مسيحي) يحضروه ويجبر المريض (من معليا). وكان في دكتور إسمه ناجي كان في فلسطين بمدينة عكا، كان كل نهار أربعاء يأتي إلى ترشيحا، وكان مستأجرا غرفة عند نمر الدقاق كان المطهر يأتي من خارج البلد، إسمه علي درزي وكان شاطر.
الداية في البلد إسمها ستي سعدية عبد الوهاب، التي تخلف 8 أيام تغسل الولد وتلبسه وتحممه.
كان في برك وفي سنين ما تنشف البركة عنا، واحدة إسمها البركة الجوانية كنا نسبح فيها، كل الأولاد في البلد يعرفون السباحة.
الإنارة كانت بالكاز (بالسراج) كان يأتي أحد الاشخاص بالكاز من الشركة. إسمه محمد يوسف الست (من ترشيحا)، يملأ 8 براميل كاز بالساحة لواحد إسمه أبو رياض سلمون.
أما الدكاكين كان في أربع دكاكين لأبو رياض (سلمون)، وعلي الحج أسعد(بلشة)، والحاج عبد الله (بلشة)، وأحمد خليل(قدورة)، فيها أرز وملح وسكر، ليس فيه طحين أو بيض لأن كل هذه الأشياء موجودة في البيوت.
كان في لحّامين، أبو رياض (محمد عبد القادر سلمون) كان لحام، ومحمد إبراهيم الحاج قدورة، وأبو قاسم (محمد توفيق قدورة) كان لحام. أنا كنت أحضر الذبح كيف كان يتم، كان كل لحام يذبح رأس واحد فقط لأن البلد كانت صغيرة نسبياً.
المخبز عمله جميل عبد الله (بلشة) وإشتغل فيه وعنده واحد يخبز فيه.
والحلاق كان خالد مُرة والشيخ بدر (قدورة)، كان في نجار إسمه الدربي من ترشيحا، لم يكن في حداد من يريد يذهب على ترشيحا. ومبيّض الطناجر كان يأتي من لبنان يعمل بالقرية. لم يكن هناك وقت فراغ، كل الناس في شغلها.
كان في حزب إسمه حزب النجادة، كان واحد مسؤول من حُرفيش، إسمه عامر وهو صاحب لأبو عدنان.
اما أهم انواع المزروعات فهي الزيتون والدخان والقمح والشعير والكرسنة (للحمام والدواب) علف للدواب والعدس.
كانت المزروعات على بعل، لا تُسقى، كان عنا 4 معاصر على الدواب، كان أبو حسن (أحمد نعمان) ومعصرة الحوش ومعصرة دار الحاج حسن. عند عصر الزيت، كان يوضع بعلب التنك ويُنقل على الرأس.
والطحين كان يُطحن بالبابور عنا بالبلد، كانت القرى تأتي لتطحن عنا، كان للحجة ريا (قدورة) كان يشغله واحد إسمه عبد العزيز (غريب ليس من البلد). ثم أصبح محمد حسين قدورة(أمه أخت أحمد نعمان) وقاسم محمد يوسف يديروا البابور.
البيوت
البيت لم يكن فيه شبابيك، فيه سدّة والسدّة يعملوا لها شباك والمدخل باب واحد، البيت الشرقي له شباك. ولكن كان البيت منوّر. وفيه دار للطرش وعريشة ننام تحتها.
الأوراق المهمة والأوراق الاخرى، ظلت بالبقيعة عند واحد إسمه موسى عيشة، كان عنا ورقتين ورقة بخلّة حسن وورقة للكرم الأحمر أثناء الحكم التركي.
أحداث
كان في نقطة للإنجليز بثورة 1936 في المدرسة التحتا، جاء الليل وهاجموا الثوار المدرسة وأخذوا الموجودين فيها وقتلوا واحد إسمه دعيبس (كلهم ولاد عرب).
قيل لي أنه كان بالبلد في ذلك الوقت. وخرجنا والرصاص موجود بسقف المدرسة. ثم جاء الجيش وضرب البلد بالقذائف، خلط الزيت بالطحين والقمح، وهدمت بعض البيوت. وإذا كانوا يريدون حبس شخص عليه حكم كان يُؤخذ إلى ترشيحا وعكا.
وصلت الى حيفا لنجمع المال من الدخان الذي نبيعه مع جدي محمد علي حسين قدورة (أخو الحاج هاشم). كان هناك شركة خاصة للدخان، المزارعين يحصدوا الدخان ويقسموه الى رزمات، فيأتي الأشخاص من الشركة يزينوه الرزمة 25 – 30 كيلو، ثم يبعثوا سيارات ويأخذوا الدخان إلى حيفا، ويقولون لنا في يوم معين تأتون إلى حيفا لتأخذوا حسابكم، فنذهب وننتظر 2 – 3 أيام بحيفا ونأخذ حقنا. في ذلك اليوم كنا نايمين بأوتيل النابلسي وحينها جرى قتل واحد فلسطيني كان رئيس جمعية العمال اسمه سامي طه (عام 1946)، كان في جمعية الكف السود هم من قتلوه (جمعية الكف الأسود كانت ضد الإنجليز).
عند وفاة أحد الأشخاص في بلدنا كل الأهالي كانوا يشاركون في العزاء من دون استثناء، كانت الناس يداً واحدة بالافراح والأتراح.
بالنسبة لموسم الحج، أذكر الحاجة ريا (قدورة) والحاج أسعد قدورة والحاج سعيد الدوخي (خشان)، هؤلاء ذهبوا الى الحج، كانوا يذهبوا بعد رمضان مباشرة، كانت الفترة طويلة لغياب وسائل النقل الحديثة، وكان الحاج قبل ذهابه يُودع الناس. ولما يأتي الحجاج كانت كل البلد تخرج لإستقبالهم بالبلد.
أما في الأعراس فكان كل شباب البلد يحملوا الحطب على أكتافهم ليولعوا نار للسحجة، حتى يضيؤوا الرحبة.
في ثورة 1936، كل شباب البلد شاركوا، وكان ثوار من مناطق أخرى يأتون إلى البلد ويناموا عندنا ويأكلوا ويشربوا. وكانوا يخرجون دوريات عندما يسمعون أن الإنجليز سيأتون الليلة ويطوقوا البلد حراسة وحذراً من الجيش الإنجليزي الذي كان يأتي ويداهم بعض البيوت في سحماتا.
كان الإنجليز يأتون ويأخذوا الرجال إلى المعتقلات، واستشهد محمد فتح من شدة الضرب ونايف مبدى (ابن أخو نعيم موسى) توفي أيضاً.
بينما في العام 1948، الدول العربية هي التي سلمت فلسطين لليهود. كانت الناس كلها تبيع كل ما تملك لتشتري بارودة، وصل سعر البارودة 110 ليرات فلسطيني (ليست ليرة بل جنيه فلسطيني).
ووالدي أيضاً اشترى السلاح، كنا نطلع دوريات للحراسة، كان احمد اليماني حاكم عنا (جيش الإنقاذ جعله حاكم)، كان إبناء الـ16 سنة يشاركون في الدوريات أيضاً الى قرحاتة مسافة 4 كلم عن البلد ليلاً.
جيش الإنقاذ جاء من سوريا، والعراق أرسل جيشاً ولكنه لم يصل. وعندما جاء جيش الإنقاذ استقر في البلد بسحماتا، جاءوا إلى المدرسة، وكانوا يجمعون لهم فرش. عند بدء المعارك والقصف جاء كثير ناس من القرى المجاورة ومن الساحل الى سحماتا مثل الكويكات والكابري.
عند القصف على البلد، كنت أنا موجوداً فيها، جاء الطيران في وقت الظهر، ضرب الطيران فتوفى محروقاً رجل مسيحي إسمه خليل سلوم، أنا عندما أردت فتح الباب (كان الباب سميك) فلم يكن يفتح الباب، فضربته بيدي فسقط من ضغط القصف. أبو حسن فضة أصيب بالقصف أيضاً وكذلك خليل عبود أصيب.
عندما خرجنا، خرجنا إلى البقيعة، لم نأخذ معنا أي شيء من البيت، ثم نادوا أهل البقيعة: يا لاجئين ممنوع البقاء بالبقيعة، فاضطررنا للخروج إلى لبنان الى بلدة الرميش. بعض الناس ذهب الى حوران وبعضهم بالسيارات ذهبت الى بعلبك.
كنا في البداية ننوي الذهاب إلى طرابلس، لكن نزلنا في صيدا، ومن ثم ذهبنا الى جباع بالنبطية، بقينا شهرين، ثم ذهبنا الى بعلبك، وبقينا حتى جئنا الى الرشيدية.
العيشة ببعلبك كانت صعبة جداً، كثير من المسنين توفوا من شدة البرد، ليس لدينا أغطية كافية، ولا وسائل للتدفئة. كانوا يطبخوا طبخ عدس نصفه حجارة والخبز قليل جداً.
أحن كثيراً الى سحماتا مازلت أتوق لأيام التين حيث تكثر العصافير في ذلك الوقت، كنا نشتري دبق ونصيدهم أحياناً، ما زلت أذكر البلاطة التي كنت انام عليها تحت الزيتونة وكأنها الآن أمامي.أنا مستعد لأرجع ماشياً من هنا الى سحماتا وبدون خرائط.
هوية – تعلبايا / لبنان