أنا صبحية حسن دياب، من مواليد 1929، قرية سحماتا. كان والدي عنده ماعز ويمشي وراهم، وعندما كبر أخي صار يساعده، أخذنا خظيرة دار فاعور وصار يبيّت الماعز فيها.
أبي لم يكن يزرع، ولكن امي كانت تساعده وتزرع. كانت تعمل عند عبد الرحمن حسين علي والحصيدة كانت تذهب عند الناس تساعدهم، تعجن وتخبز.
البيت الذي كنا فيه لأهل أمي، فيه ست عمدان كبيرة مع أولاد أخوها، عبد ومحمود وسعده قسمته بين أولاد أخوها وبيننا عندما تزوجت والدي.
هذا البيت موقعه عند دكانة الحاج عبد الله، كان يسكن فيه أبو سليمان وامرأته وعندهم 7 صبيان وبنتين. كان دار مصطفى الحسين ودار محمد علي وراءهم ودار عبد الرحمن حسين وأبو عمر الحاج، لكنهم كانوا جيراننا أيضاً.
في البيت كان فيه الصبي الذي توفي وهو يوسف وأمي وأختي أم فخري، وأختي نوخة، أمي كان لها ولد اسمه حمزة (توفى وهو صغير).
أختي تزوجت قبلي بفلسطين وأخي تزوج نجية بنت مصطفى الحسين، أنا وأختي ما زلنا عايشين والباقي توفي.
والدي توفي في عيتا الفجار ونحن خارجون من كفر شمس، كنت مولدة ابني عطاف (البكر) قبلها بـ40 يوماً.
أذكر يوم عرسي، كان في رحبة، يضيئون اللوكس ويضيئون الرحبة وعزموني دار جميل الحاج، والسحجة، وبيت عمي كبير (بيت صالح الاسعد)، رزق سحماتا معظمه له. كان عمي يعمل بالجمرك وعنده مهرة، وخيل. وأنا وزوجتي كان بالرزقا، خطبني هو وظريفة الزيدان.
كانت بنت محمد عبد الغني وخديجة بنت عبد الوهاب وزهرة بنت الشخ مصطفى، كانوا من جيلي وخديجة عبد (أخوها حسن عبد الوهاب) كانوا معي ليلة عرسي.
عند زواجي جلست على السدة عند بيت عمي، وهو متزوج إمرأتين، زوجي كان بالوظيفة، تزوجنا ليلة واحدة وذهب إلى حيفا، أمي وعمر زوجي 6 سنوات، كنا نذهب نخطب ونشب وننقل حطب مثلنا مثل الفلاحين، أنا أخذني زوجي الى عكا عند امه (حماتي) (مع زوجها الثاني) من أخوته، عادل ومحمد وأنور وبنات (9 أخوات).
نحن هربنا تحت الزيتون، قلت أريد ان أعود إلى البيت لأحضر الذهب، فقالوا لي أن العصابات الان يطلقون النار عليك، فقلت: اريد أن أذهب لأحضر ذهبي، فأحضررتهم، وفي طريقي أطعمت الدجاج. نحن لم نرَ اليهود أبداً، كنا فقط نسمع صوت الطائرات، لم نر أي يهودي ولكننا هربنا الى الزيتون، نمنا بالزيتون ليلتين، وليس معنا حتى شربة ماء.
ثم عدنا الى الزيتون ثم طلعنا الى الرميش وبنت جبيل وأبي أخرج الماعز وباعهم كلهم. خرجت أنا وزوجي وأختي ودار عمي طلعوا قبلنا، أخذوا الجمال وبعض الاثاث، ولكنا خرجنا أنا وزوجي وليس معنا شي سوى الذهب، ونحن طالعين ذهبنا الى الشام، فصرفت الذهب بعتهم لنأكل ونشرب.
حتى عندما حان وقت الولادة، ليس معي شيئ للأكل، أخذ زوجي بارودة من جارنا، واذا به يحضر غزال، ثم ذبحه وقطع منه، ودعاني لكي آكل، ولكن لم يكن لي شهية للأكل، ولا يوجد حكماً ولا أحد.
قالوا أن في بعلبك يوزعوا أكل للناس، فقال زوجي بدنا ننتقل الى بعلبك، فرحنا هناك ونقلنا الى بعلبك.
غرز الباص فينا أثناء انتقالنا، بجانب عيتا الفخار، كنت أنا وأختي وأمي ووالدي مات بالباص، أخذوه أهل عيتا الفخار وغسلوه وجهزوه للدفن.
أخذوا بنتي مني وغسلوها ولبسوها. طلعنا الى عيتا الفخار كل الذين كان بالباص وبقيت انا وابي قبل وفاته وبنتي على الكرسي. كان يقول والدي، بدي أشرب فكنت أخذ ثلج من الشباك الباص واضعه بالابريق ومع بابور، اشعله ليذوب الثلج واسقيه، حتى طلع النهار فإذا به توفي.
فجئنا إلى بعلبك بالأواويش، تفضل بيتنا بالباطنيات ستار.
أمي ماتت بالزعتر، ماتت موت ربنا، وكان أخي معمر البيت، أختي التي طلعت سبقتنا. أضاعونا وأنامونا حتى جاء باص آخر وذهبنا إلى بعلبك .
أنا لم أرجع الى فلسطين، عبد الوهاب ظل هناك وتوفى هناك وابن عبد الرحمن (محمد)، أوقفوه بجانب البركة وأطلقوا النار عليه امام والديه.
سحماتا صورتها ما تزال في خاطري، بامكاني أن أصفها لك كلها، البيارة والارض، والارض أعرفها كلها.
أعطاني عمي زيتون وقال لي هذه تعملي منها زيت وزيتون، وتجلسين هناك. كان عمي يعطينا كل شي. وفيها نبات بلا شوك. أما والدي فكان رجلا ضخماً، كان يلبس حطة وعقال وقنباز.
يا ريت أذهب الى سحماتا، أختي ذهبت الى سحماتا بقيت 6 أشهر، وقالت عندما مريت بجانب الكوربا في زيتون وجلست فيه، حتى اقول اني ذهبت الى زيتون سحماتا. كنا نحطب أنا وصديقاتي، معظمهم توفوا الآن.
اذا رجعت الى سحماتا، اول محل بدي أزوره هو بيتي. أبنائي لا يعرفون سحماتا، فقد ولدتهم في بعلبك أغلبهم، صالح ومحمد وبسام، وخلفت منصور والاربع نبات بالزعتر، عطاف خلفتها بلبنان وكنت حامل فيها بفلسطين.
إن شاء الله ربنا يعطينا يعطينا الصحة لأذهب وأموت هناك.