أنا من لوبية قضاء طبريا.
لوبية حولها صفورية ونمرين وحطين.
نحن كان عنا كرم زيتون، هربنا إليه (وفيه مُغر صغير إختبأنا فيه) عند هجوم الإنجليز سنة النكبة.
وقال لنا جيش الإنقاذ أخرجوا من البلد مدة أسبوع وتعودون بعد ذلك، فخرجنا الى نمرين ومررنا بصحراء ثم عيلبون، وثم على تلة صغيرة، فجاءت الطائرة وقصفت الزيتون تحت، وكنت أنا وأخي نشاهد الحريق، وكان معنا فراش. ثم وصلنا عند المسيحية الساعة 11 بالليل وأحضروا لنا الطعام لنأكل. ثم صباحاً قالوا لنا أبعدوا عن البلاد فجئنا الى وادي السلاّمة، ولكن قبل وصولنا الى الوادي، وجدت جارنا حميّد العلي وقلت له أني أضعت أخي فاقتربت وأخرت وأنا أبحث عنه ولم أجده، فذهبت مع جارنا حميّد العلي، على الحمار وهو يبيع قمح بين القرى ووصلنا وادي السّلامة وتحت حروبة وجلسنا وبعد قليل أختي أم عمر مرّت، فذهبت لألحقها ولكن أم إبراهيم قالت لتأخذ خبز وتأخذهم معاك، فلحقت أختي وهي تبعد وأنا ألحق بها، فأكلت الخبز ولكن لم أبق عند أبو إبراهيم، ولم ألحق أختي.
كان عندنا مدرسة، والشيخ علي يُدرّس الصف التمهيدي وفي مدرسة الحكومة. وكان عندنا جامع قريب علينا، وشيخها الشيخ علي، ومختار لوبية أبو دهيس، وعنده مضافة.
وكان عندنا دكاكين لبيع كل شيء، من أصحاب هذه الدكاكين: ماضي وحمادة. أيضاً كان في حلاّق متجول. ولا أذكر إسمه. وكانوا يذبحوا جِمال وبقر ويبيعونه بعظمه.
كان في المضافة تَجَمُّع كل كبار السن.
والبيت له بابين، والبيوت كان فيها قناطر، وعنا 3 قناطر بالبيت، والبقر نضعه بالأرض الواطية، وعنا غرف (إسمها المصطبة العالية) والواطية نضع فيها الطرش. ومرّة كانت البقرة بدها توَلِّد فجاء أبي ليرى البقرة وإذ بها تضع مولودها.
من عائلات لوبية، عصافرة، عطوات، سملّوت، وكانت كل عائلة لها مختار.
من ألعابنا ونحن صغار، البناتر والكورة.
لم تصِلنا الكهرباء وكنا نُضيء البيوت بالسراج والفتيلة.
أنا زرت طبريا وحمام طبريا، كان في عندنا حُمَّة وعندما نتحمم بالماء تروح (مثل المرض).
كان في سيارات قليلة ولكن ننتقل غالباً ع الدواب والجمال.
كانت تحصل مناوشات بين اليهود والمقاومين، وكنا نضع حراس على الطريق بين الناصرة وطبريا، لوبيا تقع بين الناصرة وطبريا، وكنا نعمل سدّ لدبابات الهاغنا التي تذهب الى طبريا، وإستشهد لنا العديد من المواطنين.
ثم قالوا لنا أخرجوا كم يوم وبترجعوا، هذا الإتفاق كان مع جيش الإنقاذ.
فذهبنا الى نمرين وإلتقيت بحميّد العلي (أبو إبراهيم) جارنا وكما سبق وذكرت لم ألحق بأختي ولم أبق مع أبو إبراهيم، فوصلت عند مصلبية وطلعت على دير القاسي ومشيت، ثم نمت هنا تحت التينة وإذا بأختي ندى تأتي من بعيد فوجدتها ورأتني وذهبت معها وكنت فرحان جداً لأني وجدت أختي. وسألت عن أهلي وهم كان بوادي سلامة حينها.
ثم جئنا الى مارون الراس وجاء الصليب الأحمر ووضعوا الشوادر ووزعوا الطعام، ثم أخذونا الى بنت جبيل وأطعمونا، ثم أخذونا إلى عنجر، وفي الطريق توقف الباص الذي كان يقلّنا، فعبئ بالبنزين ليكمل الطريق الى عنجر. وكان الجو باردا جداً، فمرضَت أمي وتوفيت، وكان معي أخي صغير ومن البرد أفلت مني على الأرض الباردة، وتوفي.
كنا ببيوت ولكن ليس لها أبواب وشبابيك... والناس تموت من البرد... تعذبّنا كثيراً.
بقينا 7 سنوات وإختلفنا مع الأرمن فذهبنا الى مخيم برج الشمالي، وما زلنا اليوم هنا.
عند الهجوم على القرية كنا بالمغارة، والثوار يمرّون من جانبنا، فقالوا الثوار لنا أخرجوا الى القرى التي حولنا، فخرجنا ولم نعد الى القرية.
لقد علمنا أن اليهود هاجمت البلد من الشرق بين لوبيا وصفورية وجاءوا على بركة مسكّنة، ومن ثم على طبريا.
18 شخص إستشهدوا ووضعوهم بالمغارة. كان في ثوار وإستشهد منهم ناس كثير، وكان معهم سلاح. وأخذنا دبابة هجنه وأخذناها على البلد.
عندما خرجنا من لوبية لم نُخرِج شيء معنا سوى الفراش، وطلعنا مشي على الأقدام والجو كان صيف.
ونحن على الطريق كان في ناس يهود علىالطريق، وفي ناس غيرنا تعرّضوا لمضايقات من اليهود، فسلكنا طرق مخفية.ي
الحياة بعنجر كانت صعبة، ولم يكن هناك مساعدات جيدة، طحين وأغطية فقط.
لم يرجع أحد الى البلد، ومن بقي بالبلد بقي، ولكن الذين خرجوا لم يرجع منهم أحد.
ومن عنجر رجعنا الى مخيم برج الشمالي، وكان شوادر والأرض بلاّن.
وبعد ذلك أحضرنا أحجار حول الشادر، وعند الشتاء كانت الشوادر تهبط علينا من الشتاء القاسي.
وبعد 64 سنة، ما زلت أريد العودة على فلسطين، فهي أرضنا ووطننا، نريد زراعتها زيتون وبطيخ وقمح.