أثناء عملنا على مجموعة من الوثائق المحفوظة في الأرشيف البريطاني، وقعنا على عدة مذكرات توقيف بحق عدد من الفلسطينيين الهاربين من السجن في الثلاثينيات بتهم متعددة لا سيما الاعتداء أو السرقة وغير ذلك،.. وبعض هذه الوثائق قد كتب عليها باللون الأحمر (أعيد اعتقاله بتاريخ كذا ... ) باستثناء عدد قليل منها كان من بينها مذكرة توقيف سالم محمد السيخ من قرية دوره قضاء الخليل، بتهمة الهروب من سجن عكا المركزي بتاريخ 9/9/1936.
الانطباع الأول الذي تركته المذكرة أننا أمام شخص فارّ من وجه العدالة خاصة أن عدداً من المطلوبين بهذه المذكرات، متهمون بقضايا جنائية. لجأنا إلى ابن قرية دوره، الدكتور محمد عمرو مدير أكاديمية دراسات اللاجئين، عساه يفيدنا بأي معلومة توصلنا للعائلة وإذ به بعد دقائق يحوّل لنا مجموعة من المراسلات التي دارت في مجموعة خاصة بأبناء دوره:
( .. رحمة الله عليه كان قائداً فذّاً ومجاهداً تشهد له جبال الخليل
.. فرّ من سجن عكا وكان محكوماً بالإعدام والتحق بجيش الانقاذ لاحقاً..
..لقد عاش مناضلاً وتوفي على نهج القادة.. )
تيقنت أنني قد وقعت لدقائق في فخ الإنجليز، ونسيت أننا نتعاطى مع مذكرات توقيف صادرة عن الاحتلال البريطاني، ولم تكن سياسته القانونية والإعلامية لتختلف عن سياسة الاحتلال الصهيوني الحالي، بتشويه المقاومة وتصوير المقاومين على أنهم مخربون أو إرهابيون، والمجاهدين المطاردين على أنهم خارجون على القانون.
سياسات الاحتلال واحدة سواء كان بريطانياً أو اسرائيلياً، وخيار الشعب الفلسطيني في المواجهة واحد، ألا وهو مواجهة الاحتلال بكل ما يستحق من مقاومة.
سالم محمد السيخ (1910- 1983) قاوم الاحتلال البريطاني في الثلاثينيات، وقاوم الاحتلال الصهيوني من بداية الأربعينيات وعاش مناضلاً حتى وافته المنية في الأردن.
--