رام الله - محمود السعدي
قبل سنوات طويلة، رسمت رشيدة طليب لنفسها أوّل الطريق المؤدّي إلى الحياة العامة، لا سيّما السياسيّة. وتبدو حظوظها كبيرة لتصير أوّل امرأة من أصول فلسطينية عضواً في الكونغرس الأميركي.
تبدو الحاجة مفتية فرح يوسف طليب، أم عيسى، البالغة من العمر 85 عاماً سعيدة لترشيح الحزب الديمقراطي الأميركي حفيدتها ـ ابنة ابنتها - المحامية رشيدة حربي أحمد النجار طليب لعضوية الكونغرس عن ولاية ميشيغن الأميركية أخيراً. وأم عيسى من قرية بيت عور الفوقا الواقعة إلى غرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، مسقط رأس والدة رشيدة. هناك، عاشت عائلتا والدَي الحاجة وكذلك عائلة زوجها. هي لا تدرك أهمية فوز رشيدة سياسياً، غير أنّها تؤكد لـ"العربي الجديد" سعادتها لفوز حفيدتها رشيدة و"آمل أن تصير رئيسة دولة هنا في فلسطين أو هناك في أميركا".
ورشيدة أبصرت النور في الولايات المتحدة الأميركية في عام 1976، لأمّها ابنة الحاجة مفتية ولأب فلسطيني من عائلة النجار من حيّ بيت حنينا شماليّ القدس المحتلة، توفي قبل أشهر عدّة. في عام 1997، تزوّجت رشيدة التي ما زالت مرتبطة بقريتها وتزورها مذ كانت طفلة، من أحد أقاربها لجهة أمّها هو فايز عوض طليب الذي يعمل في مصنع سيارات في الولايات المتحدة، مع الإشارة إلى أنّه لم يحصل على تعليم جامعي. يُذكر أنّ لرشيدة وزوجها طفلَين هما آدم (12 عاماً) ويوسف (تسعة أعوام).
تتابع عائلة طليب ما يجري مع ابنتها رشيدة، ولا تخفي اهتمامها بإمكانية وصول ابنتها إلى عضوية الكونغرس الأميركي. يقول بسام عبد الله عيسى طليب، أبو محمد، (52 عاماً) إنّه ما زال يتابع كلّ تصريحات رشيدة وما يجري معها بدءاً من نشاطها الحقوقي والتطوعي في ولاية ميشيغن إلى فوزها بعضوية برلمان الولاية ذاتها قبل سنوات عدّة وترشيحها لعضوية الكونغرس عن الحزب الديمقراطي المنافس لحزب الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويتذكّر أبو محمد "وقوف رشيدة في وجه ترامب بعد فترة من فوزه بالرئاسة الأميركية في أحد المؤتمرات الصحافية، معبّرة عن رفضها سياساته. فأخرجها رجال الأمن على الأثر وأوقفوها، بعدما صاح ترامب: طليب طليب أخرجوها من هنا".
في ولاية ميشيغن الأميركية التي تضمّ أكبر تجمّع للجاليات العربية والمسلمة، نشطت رشيدة طوال حياتها، خصوصاً بعد تخرّجها من الجامعة مع شهادة بالعلوم السياسية وأخرى بالمحاماة. ويوضح بسام طليب وهو خال رشيدة، أنّها عُرفت بنشاطها التطوّعي الحقوقي والإنساني، وكافحت من أجل العدالة الاجتماعية وواجهت القانون الأخير لترامب بخصوص الهجرة. كلّ ذلك جعلها محط اهتمام أبناء الولاية، ففازت بعضوية البرلمان منذ عام 2008 وحتى عام 2014. وتأمل عائلتها وصولها إلى الكونغرس الأميركي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، كأوّل امرأة عربية - أميركية مسلمة.
وكانت رشيدة قد فازت في الانتخابات التمهيدية في ولاية ميشيغن يوم الأربعاء الماضي، وصارت فعلياً على بعد خطوات من أبواب الكونغرس الأميركي. ومع غياب مرشّح جمهوري قوي قادر على منافستها على مقعد الولاية في الانتخابات النصفية المزمع عقدها في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الجاري، فإنّها سوف تفوز بالتزكية.
بالنسبة إلى خال رشيدة، فإنّه يأمل بأن تصير ابنة شقيقته رئيسة للولايات المتحدة، ويقول: "لقد توقّع والدي الراحل أن تصير رشيدة محامية مذ كانت في الحادية عشرة من عمرها، فهي تتمتع بشخصية قوية وجرأة وطموحها كبير إلى إيصال رسالتها وبلوغ هدفها. وقد أطلق والدي عليها بالفعل لقب المحامية قبل إنهائها مرحلة الثانوية العامة، وحينما أنهت دراستها الثانوية توقّع أن تصير في أعلى المناصب". يضيف الخال أنّ "رشيدة فلسطينية تفتخر بفلسطينيتها، على الرغم من الهجمة الشرسة التي تتعرّض لها والشائعات التي تطاولها. فكلّ ما يُقال عنها لا صحة له، وهي أكّدت لنا أنّها سوف تبقى تدافع عن أهلها وقضيتها وشعبها".
ويوضح الخال أنّ "رشيدة تصرّ على ارتداء الثوب الفلسطيني المطرّز في حفل تنصيبها في الكونغرس الأميركي، على أن تقسم اليمين الدستورية على القرآن بدلاً من الإنجيل، مثلما وعدت والدَيها الفلسطينيَين وأبناء الجاليتَين العربية والإسلامية". ويؤكد أنّ وصول ابنة شقيقته إلى الكونغرس الأميركي هو "إثبات بأنّ العرب والفلسطينيين وضعوا خطواتهم في الكونغرس. فرشيدة المرأة العربية والمسلمة الوحيدة التي وصلت إلى هذا المنصب، وهي قادرة على التغيير، على الرغم من صعوبة ما سوف تقوم به. أمّا نحن فنأمل بأن تحدث تغييراً في سياسات الولايات المتحدة الأميركية".