الحاج موسى الخالص رفيق درب الرّعيل الأول من المجاهدين أمثال عزالدين القسام وفرحان السعدي وعبدالقادر الحسيني من مجاهدي فلسطين ورجال ثورة 1936م التي خاضها أهل فلسطين ضد الإنجليز على ثرى أرض فلســطين أرض الإسراء المباركة التي بارك الله بها وبما حولها. والحاج موسى الخالص هذا الرجل المئيني- بل زاد عمره عن المائة سنة - جزء من ذاكرة القدس وتاريخها المسطر بالدم. حمل راية الجهاد دهرا ثم استلم الراية أبناؤه الثلاثة يقودهم ابنه البكر "يوسف" سمِيِّ العفيف سيدنا يوسف -عليه السلام - ولم يخيب يوسف وأخواه ظن أبيهم فقد جاهدوا في سبيل الله حق جهاده، وأذاقوا عدوهم العذاب ألوانًا، ونكلوا به مختلف ألوان التنكيل؛ ولذلك فهم يقبعون في غياهب السجن وظلماته يعدون الأيام والليالي، وحكم على يوسف بالسجن مائة سنة وثلاثة مؤبدات أبو يوسف رمز من رموز الصبر والصمود والإباء في فلسطين؛ فعلى الرغم من فراق أحبته الثلاثة، وغيابهم عنه في غياهب سجون الاحتلال إلا أنك تقف ذاهلا أمام صموده وكبريائه ولا تملك إلا أن تعجب به كل الإعجاب فالسنون لم تفتّ في عضده، ولم تفل عزيمته، لولا تلك الدمعة التي غلبته وهو يتذكر يوسف وأخويه وهو يتحدث لبرنامج بعنوان "القدس وعد السماء" عن أنجاله؛ إذ هاج به الشوق، واستبدّ به الحنين "سجن عكا بيدي بنيته، و بحر عكا من دمعي سقيته، وجاءني مكتوب من يوسف قرأته، وعساه يكون من عند الأحباب". الحاج موسى الخالص ذاكرة أقوى من كل ما حل بفلسطين وأهلها من الأرزاء والنكبات، إنه كالذهب الخالص ولكل اسم من مسماه نصيب أما حثالة التاريخ من يهود فلم يتركوا أبا يوسف وشأنه؛ فهم رغم أنهم قد سرقوا الوطن كله إلا أنهم لن يهدأ لهم بال حتى يسرقوا بيت أبي يوسف الذي يسكنه، ودخلوا معه في سجال ومساومة، وحسبوا أنهم سيربحون فيها ولن تخطئ فيها سهامهم!
فدار بينهم وبين أبي يوسف هذا الحوار:
- أبا يوسف، لماذا لا تبيع بيتك؟ سندفع لك ثمنا كبيراً لا تتوقعه، يكفيك ويكفي أبناءك وأبناء أبنائك مدى الحياة!
-كم ستدفعون؟ -اطلب ما تشاء! -ادفعوا أنتم، هذا البيت غالٍ عندي، وهو أغلى ما بقي لي في هذه الحياة! -أبا يوسف، سندفع لك مائتي ألف دينار "أردني" عداً ونقداً( ثلاثمائة ألف دولار)! -مائتي ألف دينار! هذا مبلغ قليل، إنه لا يساوي شمّة سعوط عندي (السعوط مادة حارة نافذة يصاب من يستنشقها بالسعال الحاد). ندفع لك أربعمائة ألف دينار أردني -- الآن لا تستطيع أن ترفض! -أيضاً المبلغ قليل، ولا يساوي عندي أكثر من شمة سعوط أخرى! -يبدو أن الحوار معك صعب يا أبا يوسف. نريد أن ندفع لك الآن مبلغاً لن تقوى على رفضه وسيسيل له لعابك! هذا شيك مفتوح يا أبا يوسف، واكتب عليه المبلغ الذي تشاء! -أيضاً المبلغ قليل. -ماذا تقول أبا يوسف؟ ماذا بعد الشيك المفتوح ؟
- نعم إنه مبلغ قليل وأقل من قليل.... إذا أردتم أن تأخذوا بيتي فخذوا هذه الورقة، ومروا بها على المسلمين في الأرض كلها، واطلبوا منهم أن يوقعوا لكم على التنازل عن بيتي بما فيهم الطفل الذي عمره شهران، فإن وقعوا لكم فسأعطيكم البيت بلا ثمن
إن الأرض كالعِرض والذي يبيع أرضه كمن يبيع عِرضه، والعِرض لا يُحمى إلا بالسيف. هكذا قال أبو يوسف.
لمشاهدة فيديو للحاج موسى الخالص - القدس
(11) الحاج موسى الخالص - YouTube