المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية
#هوية بالتعاون مع أ. زياد غضبان #حلب – مخيم النيرب
السَّبت 2025/9/27
بعد تحديد موعد لقاء
انتظرتنا حفيدته على باب منزله بلوعةٍ متشوّقةً لحضورنا لِسَماعِ كلام جَدّها الذي تجاوز ال 97 عاماً من عمره
حيث كانَ يناديها بصوتٍ خَافتٍ عن موعد زيارتنا حيثُ جَلَس أكثر من ساعة يسترجعُ ذكرياته في صَفَد حتّى أعاده الحنين إلى منزله و نادى حفيدته باسم أخته المُتوفِّية
و عندما حضرنا استقبلنا الشيخ أحمد حسين ساعد برفقة حفيدته أحرَّ الاستقبال و بالتأهيل و الترحيب بعد انتظار
بدأنا محاورة ما قَبل اللقاء عن حالته الصحيّة المتدهورة التي أدَّت إلى تركه إمامةَ مسجد القدس الكائن في مخيم النيرب بسبب الوعكات الصحية في القلب و الأعصاب
و عندما شَرَعنا في المقابلة دَبَّت فيه الحياة و عادَ لهُ صوته المُرتفع مُبَيِّناً شموخه و كبريائه حيث هَبَّ بالحديث عن والده حسين ساعد الذي كانَ كان يملكُ ارضاً و يرزعُ بها الموز و الرمّان و التفّاح و العنب ثمَّ استأنفَ الحديث عن منزله المؤلف من ٣ غرف و ساحة دار و شرح عن غرفة الضيوف المتواضعة و لكنّها تضع الضيف في عُيون آل ساعد و ذكر لنا أسماء جيرانه من بيت ( قاسم الشيخ ، الزهوري ، منصور ... ) ووصف المدينة بأنها مطلّة على جبل الشّيخ و في المنطقة المرتفعة من صفد كهرباء أما شوراع المدينة تُضاء بالقناديل التي تُوقَد من عامل يضيف لها زيت فتُبهرُ المارَّة بنور أهلها كما تحدّث عن أسماء العائلات المتواجدة في مخيم النيرب ومنهم ( عائلة الأوسي ، و الشيخ أحمد ياسين... ) كما نوَّه عن عائلة الصفدي القاطنة في المخيم بأنّ أصولها من قرية عين غزال وتعود أصولهم للجد الأكبر الذي كان يتردّد إلى صفد لجلب الخضرة و الألبان وبيعها في قريته فأصبحوا يلقّبونه بالصّفدي
و بعد سؤاله عن تحصيله العلمي في فلسطين جحظَ عيناه و طافت ذاكرته حول مدرسته كيفية إعطاء الدروس على لوح خشبي صغير ة الطباشير الملوّنة التي زرعت في نفسه ألوان علم البلاد
و متابعة لحديثه عن معالم القرية و الصلوات في مساجدها
ذكر أسماء المساجد ال ٦ في القرية ( جامع السوق الذي يبعد عن منزله ٣جج متر ، الأحمر ، الجورة ، الأكراد ) كما ذكر المقامات التي يتبارك بها الأهالي و منهم مقام الشيخ كويّس
و بابتسامةٍ خفيفة استرجع في مخيّلته مضافة المدينة بمختارها الشيخ سعيد سليمان صاحب الكرم
و عندما سألته عن كيفية الأعراس آنذاك ( أغمض عيناه و ارتسمت ابتسامة على وجهه وقال (( يا سلاااام لا تذكّرني بهديك الأيّام ))
و أكثر شيء مميّز أثناء الأعراس و تظلّ ٣ أيام هو الغناء عن طريق المجوز و مبارزات الشعر مع القرى الأخرى و عند نهاية الدّبكة يجري سباق للخيل و عادات جميلة قبل دخول العريس إلى منزله
و تابع عن الأجواء الروحانية برمضان و كعك العيد العيدين و تكلم عن تآلف الناس
و أكثر ما آلمه بغصّة وحَرقة مسيرة الهجرة من قريته إلى مخيم النيرب عند القصف هاجر مع أهله و افترق و لحق جُموع الناس المهاجرة و ذكرَ بعض من الأهوال و المآسي بامراة تركت طفلها و جلبت وسادة نومه بدلاً عنه و الأطفال الحافين و هو يركض باحثاً عن أهله لمدة شهرين إلى أن وجده أخوه أحمد في قرية بنت جبيل على حدود لبنان و أحضره إلى أهله في بنّش بمحافظة إدلب
و ختم اللقاء و كأنَّ قلبه المكلوم
(( إنّي لأبكي على فِلسطين من قلبٍ مجروح و أنا أمامك و قلبي يخفق و عيني تدمع على فراق فلسطين .. فراق بيت المقدس و الأرواح التي أُزهقَت ، و أدعي على الخائنين، و أسأل الله تعالى أن يردّنا إلى عروسة فلسطين القدس مدينة سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و إن شاء الله منرجع لفلسطين و نفوت بيت المقدس )) و الحمد لله رب العالمين
