| المقال |
مقابلة مع السيد محمد رضوان أبو خليفة، من مواليد قرية كفرلام – قضاء حيفا عام 1946
غسان الحاج خليل - اللاذقية / سوريا
ولد السيد محمد رضوان أبو خليفة في قرية كفرلام الساحلية التابعة لقضاء حيفا في فلسطين عام 1946. كان عمره عامين فقط عندما نزحت عائلته قسراً عن قريتهم إثر النكبة. يروي ما حفظه عن والديه وأقاربه من تفاصيل الحياة قبل التهجير، ويقول: “كانت عائلتنا تعيش من الزراعة وتربية المواشي، وخاصة الأغنام. كنا نملك الكثير منها، وكان بيتنا بسيطاً، مؤلفاً من غرفتين صغيرتين، لكنه كان كافياً ومليئاً بالدفء.”
يذكر السيد محمد أن لعائلته أقارب عدة، ومنهم عمه إبراهيم المعروف بـ”أبو عدنان”، الذي اختار اللجوء إلى العراق مع عائلته عام ١٩٤٨، بينما انتقل هو وعلئلته إلى سوريا. يشير إلى أن جده خليل توفي حين كان والده لا يزال في عمر السنتين، فكبر والده يتيماً وكذلك عمه إبراهيم.
عند وصول الجيش العراقي إلى قرية كفرلام، يروي أن الجنود قاموا بتحريرها من العصابات الصهيونية حتى البحر، ثم تلقوا أوامر بالانسحاب. “نقلنا الجيش العراقي بسياراتهم وأنزلونا في قرية الباب، إحدى قرى ريف حلب”، يقول السيد محمد. إلا أن والدته لم تقبل الاستقرار هناك طويلاً. تنقلوا بعدها داخل حلب، واستأجروا بيتاً في المدينة، حيث عاشوا لثلاث سنوات في ظروف صعبة. “كنا خمسة أشخاص فقط: أنا وأخي وأختي مع والدينا، وكانت الحياة في حلب مليئة بالشقاء. كنت أذهب إلى المدرسة حافي القدمين لمسافات طويلة.”
عام 1958، انتقلت العائلة إلى مدينة اللاذقية لزيارة خاله، الذي عرض عليهم البقاء. “قبلنا العرض وانتقلنا للعيش في اللاذقية، فحياتنا في حلب كانت صعبة جداً.” تتحدث ذاكرته عن بداياتهم في المدينة الساحلية: “كانت والدتي تملك عشرين ليرة ذهب. صرفتها على بناء غرفة صغيرة لنا عبر متعهد، وعشنا فيها عشرة أشخاص. شيئاً فشيئاً وسعنا البيت حتى صار كما هو اليوم.”
واصل محمد دراسته في اللاذقية حتى نال شهادة البكالوريا، ثم التحق بالمعهد الصناعي. عمل خلال دراسته في بيع الكعك وأعمال أخرى لمساعدة أسرته. لاحقاً، عمل في معمل للزيوت، ثم في مصلحة خزانات البترول، وخدم في الجيش السوري. بعد فترة قصيرة في العراق، عاد إلى سوريا، وعمل في “الإنشاءات العسكرية” ثم في “الاحتياط”، قبل أن يستقر في مهنة سائق سيارة أجرة لسنوات طويلة.
تزوج ابنة عمه التي كانت لاجئة في العراق، وأنجب منها ستة أولاد، ثم تزوج من سيدة سورية وأنجب منها أربعة آخرين. يفتخر بأبنائه وأحفاده، ويحرص على غرس حب فلسطين في نفوسهم. “أوصيهم دائماً بعدم نسيان فلسطين. فلسطين غالية، وفلسطين عز.”
وعند سؤاله عن حلم العودة، أجاب بحزم:
“أريد أن أعود إلى فلسطين حتى لو اضطررت إلى أن أشحذ لقمة العيش. فلسطين لا تُنسى.”

|
| Preview Target CNT Web Content Id |
|