الشجرة: قرية لم تغادر أهلها
شهادة الحاجة ضياء صالح أحمد (أم حسين)
حماه – 20/11/2025
هوية – فدوى برية
بعد ظهر يوم الخميس 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، توجّه وفد مؤسسة “هوية” (المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية) إلى مدينة حماه، في زيارة للحاجة ضياء صالح أحمد قاسم أحمد (أم حسين)، وذلك برفقة ابن أخيها أبو حمزة.
في منزل ابنتها أم حمزة، استقبلتنا الحاجة أم حسين بحضور حفيدتها صبا، بابتسامة دافئة وفنجان من القهوة العربية الأصيلة، في مشهد يعكس كرم الفلسطينيين وبساطتهم أينما حلّوا.
من الشجرة… البداية
استهلت الحاجة حديثها بالتعريف عن نفسها قائلة:
“أنا الحاجة ضياء صالح أحمد قاسم أحمد، مواليد عام 1941، من قرية الشجرة، قضاء طبريا.”
وصفت بيت العائلة في قرية الشجرة بأنه منزل عربي كبير يقع في وسط البلدة، مؤلف من أربع غرف، إلى جانب بيت مخصص للأبقار ومخزن للتبن كانت تساعد والدها في ترتيبه. كما تحدثت عن منزل جدتها، حيث كانت تجتمع العائلة والجيران، ومنهم عائلة مطر، وأبناء العم، وبيت المختار محمود درويش، إضافة إلى عائلة الخطباء، إذ كان جدهم مؤذناً وخطيباً في الجامع.
كما أشارت إلى “بيت الكرم” المؤلف من غرفتين بسقف خشبي، تحيط به أشجار الخروب والبطم، حيث كانت العائلة تقضي فصل الصيف.
حياة البساطة والوفرة
تستعيد الحاجة تفاصيل الحياة اليومية في فلسطين، فتذكر كيف كان والدها يصيد الأرانب والحجل، فيما كانت والدتها تقطف ورق الدوالي والبامية والفاصولياء والبازيلاء وتعدّ الطعام. وتقول:
“كنا عايشين بفلسطين أحلى عيشة، متغذيين من كل شي، ولهلأ ما بعاني من أي مرض لأني اتغذيت على أكل فلسطين.”
ما زالت قرية الشجرة حاضرة في ذاكرتها بكل تفاصيلها. تروي حادثة من طفولتها حين ذهبت إلى الكرم وبكت حتى عاد والدها وحملها معه. كما تذكر مشوارها الطويل لإحضار ليتر من الكاز، وكيف أضاعت المال في المرة الأولى وعادت لتنجح في المهمة رغم ثقل الحمل.
معركة الشجرة
تستذكر الحاجة ليلة دخول العصابات الصهيونية إلى الشجرة، واستشهاد أكثر من عشرين من أبناء البلدة. ولا تزال تحتفظ بصورة لشباب معركة الشجرة، ومنهم:
يوسف أحمد العوض، محمود العوض، علي العوض، سعيد العوض، عوض العوض، حسن الصبحة، دايس، حسني، وخالها أبو قاسم، الذين دافعوا عن القرية ببنادقهم وتمكنوا من صدّ الهجوم وإجبار المهاجمين على الانسحاب.
وتروي حادثة مؤلمة عن محاولة قتلها وهي طفلة، حين اقترح أحد الجنود كسر جرة الماء التي كانت تحملها، لكنها نجت، لتستكمل حياتها لاحقاً في طرعان.
من النكبة إلى الشتات
عام 1948، خرجت العائلة تحت القصف وإطلاق النار، مروراً بسمخ، ثم إلى سوريا، حيث عاشوا في بيت من الشعر، قبل الانتقال إلى درعا، ثم دمشق، فالقابون. ومع انقطاع الإعاشة، منحتهم وكالة الغوث أراضي في مخيم الرمدان، قبل أن تتزوج الحاجة أم حسين وتستقر في حماه.
وبدموع تنهمر، عبّرت الحاجة عن أمنيتها قائلة:
“بتمنى من الله تتحقق أحلامي وأحلام كل الفلسطينيين، ويشوفوا فلسطين ويشوفوا حلاوتها، ويحسوا إنه إلهم وطن… وإذا أنا ما رجعت، وإنتم الكبار ما رجعتوا، بتمنى يرجعوا الصغار والشباب ويحسوا بحلاوة فلسطين.”
وكعادة أهل فلسطين، لم تسمح لنا الحاجة بالمغادرة إلا بعد مشاركتها الغداء، ومع نظرة ممتزجة بالحنين والدمع، أوصتنا بالعودة مرة أخرى لاستكمال الحديث عن قريتها الشجرة، التي لا تزال تسكن القلب كما لو أنها لم تُغادرها يوماً.
#هوية
#الشجرة
#طرعان
