'بيت سكاريا' جزيرة في بحر مستوطنات
إلى الجنوب الغربي من بيت لحم؛ وفي قلب مجمع مستوطنات 'غوش عتصيون'، تقع قرية بيت سكاريا أو 'خربة زكريا'، المكونة من خمس تجمعات سكنية: (بيت سكاريا، وخلّة البلوطة ، ووادي شخيت، وخلة عفانة، ومنطقة الشافعي).
تقطعت أوصال القرية منذ العام 1967، مع أولى لبنات إنشاء التجمع الاستيطاني، الممتدة على أراضي القرية أذرعه العشرة: (كفار عتصيون، والون شيفوت، ومجدال عوز، ونافي دانيا، وجبعوت، وبيت عين، وروش تسوريم، وبيتار عيليت، وإفرات، وايلي عازر).
رئيس مجلس قروي بيت سكاريا إبراهيم سعد بيّن أن المساحة الأصلية للقرية تبلغ 9 الآف دونم، صودرت ألفان منها لـ'أغراض عسكرية' ولبناء المستوطنات وتوسعتها.
أول ما يلفت الزائر للقرية سمة بناء البيوت، المكونة من جدران الطوب القديم وسقوف الصفيح أو الإسبست، ما خلا بضعة بيوت من أصل ستة وثلاثين بيتاً، يؤوي إليها 650 نسمة هم سكان القرية.
البيوت ضاقت بالعائلات الكبيرة في حجرات صغيرة، دون أن يتسنى لأهلها تطويرها وتوسعتها، بناء على قرار سلطات الاحتلال بحجة عدم الترخيص، علاوة على هدم سبعة بيوت منذ العام 2007.
الحاجة ندية سعد 'أم طارق'، تعيش مع أسرتها في بيت مكون من غرفتين تندمج إحداهما مع المطبخ، تتشح جدران المنزل بسواد الرطوبة.
تقول أم طارق: 'بيتنا في الصيف حار وفي الشتاء بارد، وإذا اعتلاه أحدهم قد يُكسر سقف الاسبست، فتتسرب مياه الأمطار إلى داخل المنزل'.
وكذلك هو حال مدرسة القرية، اضطرت لدمج طلاب صفين في حجرة واحدة، لتستطيع استيعاب طلابها الخمسين.
مع انتصاف النهار، يرتفع صوت الأذان في مسجد بيت سكاريا، الفاقد لمئذنته بعد وقف بنائها بموجب أمر عسكري إسرائيلي، صدر عام 1981.
'حيّ على الصلاة .. حيّ على الفلاح' تملأ السماء، رغم اصدار المجمع الاستيطاني قرار منع رفع الأذان، لأنه يزعج المستوطنين، وما يسري من قوانين منع البناء والترميم على بيوت القرية، تسري على المسجد، الذي يعتقد أهل القرية استنادا إلى روايات تاريخية؛ أن بداخله مقاماً دفن فيه النبي زكريا عليه السلام.
تحاول بيت سكاريا بأهلها وفريق الحماية، المكون من عدد من شبان القرية وفتياتها الحاصلين على دعم جمعية الشبان المسيحيين “YMCA”، من خلال برامج لدعم صمود القرية، في مجالات الزراعة وتربية الحيوان، وتوثيق اعتداءات المستوطنين.
وتوضح نورا سعد أن الفريق تلقى ثلاث عشرة دورة، أهمها تناول كيفية توثيق الاعتداءات، إما بشكل يدوي مكتوب لتكوين سجل من المعلومات الأرشيفية، أو من خلال التصوير التلفزيوني أو الفوتوغرافي، يحفظ لدى رئاسة المجلس القروي.
بضعة كيلومترات تفصل بين مباني مجمع مستوطنات 'غوش عتصيون' بما رصد لها من ميزانيات ضخمة، وبين بيوت بيت سكاريا، التي يعيش أهلها على ما تبقى من أراضيهم بالزراعة وتربية المواشي، عاقدين العزم على البقاء مع أبسط مقومات الحياة، في قريتهم المحاصرة بمحيط من المستوطنات، على الطريق الواصل بين مدينتي الخليل وبيت لحم.
المصدر: وكالة وفا