قوصين قرية فلسطينية مكلومة بالسرطان
ليس وحده الطفل عمر أبو ليلى (10 سنوات) من يواجه خطر الإصابة بمرض السرطان في قريته قوصين إلى الغرب من مدينة نابلس، فحتى الآن وخلال أقل من عامين توفي ستة من أبنائها نتيجة إصابتهم بهذا المرض.
فعمر المصاب بسرطان الدم "اللوكيميا" هو واحد من بين ستة عشر مصابا في القرية، الأمر الذي بات يفسر لدى الأهالي وغيرهم من الجهات المعنية بوجود مسببات تقف خلف انتشار المرض.
وروى عمر للجزيرة نت كيف أصيب قبل ثلاث سنوات وبشكل مفاجئ بالمرض، حيث لم يكن أحد أفراد عائلته مصابا به في السابق، مشيرا إلى أنه تلقى العلاج في مدينة القدس لأشهر متواصلة ولا يزال حتى اللحظة.
وكل ما تمناه هو أن تعمل الجهات المختصة على إزالة كل ما يضر القرية ويسبب التلوث بها، قائلا "ليس من أجلي فقط وإنما كي ينعم نظرائي من أطفال القرية بالخير".
انتشار
وتضاعف مرض السرطان في السنوات الأخيرة وازداد بشكل ملحوظ وبات هاجسا مقلقا للسكان، الأمر الذي دفع الكثيرين منهم للرحيل بحسب حديث أهالي القرية للجزيرة نت.
وعزا لؤي زبادة -عضو لجنة القرية التي نُصّبت لمتابعة القضية- انتشار هذا المرض لوجود ملوثات حقيقية في القرية ومحيطها أدت خلال العامين الأخيرين إلى إصابة 22 مواطنا توفي ستة منهم حتى الآن. وهو ما يعد رقما كبيرا مقارنة بعدد السكان البالغ ألفي نسمة.
وأكد زبادة أن عدد المصابين أعلى من هذا الرقم، وأوضح "البعض يتكتم وآخرون يخشون إجراء الفحوص اللازمة لتخوفهم من النتائج وللتكلفة العالية لكل فحص والتي تزيد عن ثلاثمائة دولار لكل فرد، وأضاف أن هناك مواطنين تُوفوا "دون أن يعرف ما إذا كانوا مصابين أم لا بهذا المرض".
وتحيط بالقرية مصانع لتعبئة غاز الطهي وأخرى لتصنيع الألمنيوم إضافة لأبراج لشبكات الهاتف الخليوي الفلسطيني.
ملوثات إسرائيلية
وتتعرض القرية لملوثات إسرائيلية كأبراج الاتصالات في المستوطنات التي تُحيط بالقرية مثل "كدوميم"، ومصانع كيمياوية بالمنطقة الصناعية المقامة على أراضي المواطنين والمعروفة باسم "بار أون".
وشدد زبادة على أن غالبية المصابين من الشبان لا يعملون في مناطق صناعية فلسطينية أو إسرائيلية أو أماكن ملوثة "وهناك سبع حالات تقطن في محيط أحد الأبراج في القرية".
هاني أبو ليلى قال إنهم بصدد جمع تواقيع لإزالة أبراج الاتصالات ولفت إلى أنهم أطلعوا المسؤولين الفلسطينيين على الأمر، وسيتم خلال الأيام القادمة عمل دراسة علمية تُشرف عليها لجان متخصصة لبحث أسباب انتشار المرض، وسيتم على إثر ذلك رفع قضايا ضد الاحتلال وملوثاته.
وبات أهالي القرية -كما يقول هاني أبو ليلى، عضو المجلس القروي- يعيشون حالة من الرعب والمرض النفسي قبل العضوي جرّاء انتشار المرض.
وأضاف أنهم يقومون بجمع تواقيع من أهالي القرية للمطالبة بإزالة هذه الأبراج "فالأهالي بحاجة لشيء ملموس حتى يرتاحوا نفسيا على الأقل".
معطيات ومطالبات
وحسب مدير مركز المعلومات الصحية الفلسطيني جواد البيطار فإن ما بين ستين و65 حالة مصابة بالسرطان لكل مائة ألف فلسطيني، وأن هذا المرض اعتبر المسبب الثاني للوفيات بفلسطين.
كما تشير بيانات السجل الوطني للسرطان في فلسطين إلى أن السرطانات الثلاثة: الثدي، والرئة، والقولون تشكل أكثر من 40% من حالات السرطان التي تصيب الفلسطينيين.
وقال جواد البيطار إن القرية بلا شك تعاني من هذا المرض لكنه ومقارنة بمناطق أخرى فلسطينية فهي تكاد تكون بمستواها أو حتى أقل قليلا.
المنطقة الصناعية الإسرائيلية تنتج مخلفات وملوثات تضر بأهالي قرية قوصين.
وأضاف أنها تشكل ما نسبته 59 حالة لكل مائة ألف، "ولكن إذا كانت معطيات أخرى لدى المواطنين فسيتم التعامل معها".
من جهته عزا مدير مركز التعليم البيئي الفلسطيني سيمون عوض هذا الارتفاع بعدد المصابين في القرية لوجود الملوثات المذكورة مجتمعة، وخاصة تلك الناجمة عن مخلفات المصانع الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه لا توجد إلى الآن أية دراسات تثبت وجود أضرار لأبراج الاتصالات.
وقال إن الخطر ناجم عن عدم وجود مناطق صناعية فلسطينية بسبب تقييدات الاحتلال، إضافة لعدم معالجة الاحتلال مخلفات مصانعه، ودفنه مخلفات كيمياوية أو نووية في المستوطنات -ومنها تلك المحيطة بالقرية- دون علم أحد.
ودعا أهالي القرية للتوجه للجهات المعنية بوزارة الصحة ووزارة شؤون البيئة لإجراء فحوصات بشأن الإشعاعات الناجمة عن أبراج الاتصالات ومخلفات مصانع الاحتلال والتأكد من سبب انتشار المرض.
المصدر: الجزيرة نت