أراضي اللاجئين بالمجان للشركات الإسرائيلية
شرعت العديد من شركات العقارات الإسرائيلية في بيع أراضي اللاجئين الفلسطينيين وطرحها بمناقصات في المزاد العلني لجميع سكان إسرائيل ومن ضمنهم فلسطينيو 48، وذلك بعد أن حصلت تلك الشركات على الأراضي بالمجان من المؤسسة الإسرائيلية بموجب قانون "خصخصة أراضي الدولة" الذي شرعه الكنيست عام 2009، فضلا عن التعديلات على "قوانين الأراضي" التي أجازت نقل الأراضي من ملكية الدولة ووصاية ما يسمى "حارس أملاك اللاجئين" إلى القطاع الخاص للمتاجرة بها.
ويتضح من خلال الوثائق والمستندات التي حصلت عليها الجزيرة نت، أنه تم في السنوات الأخيرة وتحت جناح من السرية وبتفويض من المؤسسة الإسرائيلية، تسجيل مساحات واسعة من أراضي اللاجئين الفلسطينيين -دون الإشارة إلى أنها أراضي لاجئين- بدائرة الطابو على اسم وملكية العديد من شركات العقارات تحت بند "بيع الأرض بدون مقابل"، لتقوم هذه الشركات مؤخرا بطرح عشرات آلاف الدونمات المصنفة على أنها زراعية للبيع في المزاد العلني.
وتلتزم هذه الشركات -التي تتخذ من تل أبيب مقرا لها- للزبائن بتحويل الأراضي الزراعية حتى فترة أقصاها سبع سنوات إلى أراض معدة للبناء والإسكان أو التجارة والصناعة، وذلك من خلال المخططات والخرائط التفصيلية التي تقدمها إلى لجان التنظيم والبناء.
وتنسجم هذه الصفقات بحسب النائب بالكنيست جمال زحالقة، مع تطلع المؤسسة الإسرائيلية إلى تصفية حق العودة وشطب قضية اللاجئين، كما تلغي أيضا إمكانية استعادة اللاجئ الفلسطيني الأراضي والعقارات في حال أي تسوية سياسية مستقبلية، وبالتالي تتملص إسرائيل من أي مسؤولية قبالة المجتمع والقانون الدولي.
ودعا زحالقة منظمة التحرير ودولة فلسطين إلى العمل -بالتنسيق مع جامعة الدول العربية- لفضح هذه الإجراءات، والتوجه إلى القضاء الدولي للعمل على استصدار قرارات دولية تلغي شرعية هذه الصفقات التي تقوم بها الشركات. وقال للجزيرة نت إن بيع أراضي اللاجئين للأفراد وتسجيلها كملكية خاصة للإسرائيليين، سيقطع العلاقة بين صاحب الملك الأصلي وهو اللاجئ الفلسطيني وبين حقه التاريخي وملكيته للأرض.
تكتم وانتهاك
ويستدل من تسجيل تقسيم الملكيات على الأراضي بين العرب واليهود في فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني عام 1945 -حسب مذكرة أعدها مركز "عدالة" الحقوقي- بأن مساحة فلسطين بلغت نحو 26 مليون دونم، أي أن نحو 48% من مساحتها كان بملكية العرب في حين أن 40% منها كانت غير مأهولة بكثافة عالية من السكان في صحراء النقب وقطنها البدو الرحل ولم يحسم أمر الملكية عليها، في المقابل كانت 6% فقط من الأرض مسجلة بملكية يهودية.
وقالت المحامية سهاد بشارة من مركز "عدالة" إن إسرائيل ما زالت تتكتم على حجم عقارات وما تبقى من أراض للاجئين تحت سيطرتها والتي تقدّر بنحو 800 ألف دونم، وذلك لاعتبارات سياسية تفاوضية مع الجانب الفلسطيني.
وأضافت أن إسرائيل اعتادت حتى عام 2009 على تأجير عقارات اللاجئين فقط وجني الأرباح منها، لكنها في العامين الأخيرين فوضت ما يسمى "دائرة أراضي إسرائيل" بنشر مناقصات لبيع أملاك وعقارات ومبان. وحتى الآن بيعت قرابة 300 مبنى يعود للاجئين، أما في الوقت الحالي فقد فوضت شركات عقارات ببيع أراضي اللاجئين في المزاد العلني.
وأوضحت بشارة أن بيع أراضي اللاجئين يعتبر انتهاكا فظا لمعاهدة جنيف الرابعة بخصوص قوانين الحرب البرية لعام 1907 والتي تنص على ضرورة احترام حق الملكية الخاصة، كما يتعارض مع القانون الإسرائيلي الذي حوّل أراضي وعقارات اللاجئين إلى سلطة ما يسمى "حارس أملاك اللاجئين".
ثوابت وحقائق
بدوره، دعا منسق لجان حق العودة في الداخل الفلسطيني المهندس سليمان فحماوي منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني إلى التجند دوليا لإبطال ما تقوم به إسرائيل، وإدراج حق العودة على أجندتها واشتراط بدء أي مفاوضات مستقبلية بحل قضية اللاجئين.
وشدد فحماوي على تمسك اللاجئين بجميع الثوابت ورفضهم مبدأ التعويض وإصرارهم على العودة إلى وطنهم وأرضهم.
وفي رده على سؤال للجزيرة حول موقفه من فتح المجال لفلسطينيي 48 بالتقدم للمناقصات وشراء أراضي اللاجئين، أكد أن بيعها في المزاد العلني خرق فاضح لحقوق اللاجئين الفلسطينيين، لكن بدلا من تسريبها لليهود فليكن المشتري فلسطينيا سيحتفظ بالأرض حتى عودة صاحبها الأصلي.
المصدر: الجزيرة نت