نابلس 1-1-2021 وفا- زهران معالي
بينما انشغل العالم بمتابعة الاحتفالات بعقد جديد مع بداية عام 2021، من خلف الشاشات بمنازلهم استثنائيا نتيجة جائحة "كورونا"، كان ثمة عائلة فلسطينية تعيش الخوف والفزع، وتحاول صدّ "حجارة الموت" التي تساقطت على منزلها، وكادت تودي بحياة أفرادها.
أرغمت الجائحة التي أدت لوفاة 1.7 مليون شخص على الأقل، ملايين الأشخاص حول العالم على الاحتفال برأس السنة افتراضيا من المنازل، ومتابعة الألعاب النارية دون المشاركة الفعلية، للحد من انتشار الفيروس.
وبينما كانت عائلة معتز قصراوي في بلدة حوارة جنوب نابلس، تتابع أسوة بغيرها، مشاهد الاحتفالات، التي تحولت إلى فزع بين أفراد العائلة، بعد أن هاجم مستوطنون منزلهم بوابل من الحجارة.
يقول قصراوي (38 عاما) لـ"وفا"، إنه أثناء انتظار عائلته احتفالات العام الجديد، هبطت زوجته لينا من الطابق الثالث إلى الثاني لتفقد طفله نور الدين (8 أيام) فتفاجأت بوابل من الحجارة تخترق نوافذ المنزل، أصابت إحداها قدمها.
ويضيف أنه احتمى برفقة عائلته مباشرة في سطح المنزل، حيث تفاجأ بقرابة 10 مستوطنين من مستوطنة "يتسهار" المقامة على أراضي البلدة، يهاجمون منزله بالحجارة، أدت لتكسير نوافذ المنزل، وإثارة الفزع بين أطفاله الأربعة، أكبرهم (13 عاما) وأصغرهم ثمانية أيام.
غادر المستوطنون المكان بعد أن هب أهالي بلدة حوارة لحمايتهم، في وقت كانت فيه كاميرا المراقبة قد وثقت هجومهم، الذي يصفه قصراوي "بأنه منظم ويهدف للقتل، حيث جرى رمي الحجارة بذات التوقيت ويصل وزن بعضها قرابة 2 كيلوغرام".
"كنا ننتظر أن نسرق بعض الفرح من خلال التلفاز، بعد عام من الضغط النفسي بفعل وباء "كورونا"، لكن يبدو أن الفلسطينيين لن يحتفلوا بميلاد جديد في ظل وباء المستوطنين"، تحدث قصراوي لـ"وفا".
وتروي الزوجة لينا، التي لم يمض على ولادة طفلها سوى 8 أيام، أنها "عندما ذهبت لتفقد طفلها في الطابق الثاني الذي كان معتما، ارتطم بقدمها شيء ما فتراءى لها أنها حركات شيطانية؛ كونها في مرحلة النفاس، فسارعت لخطف رضيعها من سريره إلى سطح المنزل حيث تتواجد العائلة، وأدركت أنهم مستوطنون".
"من الليلة الماضية لم يغمض لنا جفن، الأطفال مصدومون أحدهم لم يتكلم منذ أمس، والبنت تعاني من تسارع بضربات القلب، وأنا تعرضت للنزيف وارتفاع درجة الحرارة، كانت ليلة من الرعب"، تؤكد لينا.
وهذا الهجوم الثاني الذي تتعرض له عائلة قصراوي خلال أشهر، حيث تعرض منزلهم لهجوم من مستوطني "يتسهار" في وضح النهار في شهر آذار الماضي.
واضطرت عائلة قصراوي بعد الهجوم الأول لتجهيز الطابق الثاني والثالث بالمنزل، والالتزام بديون لأربع سنوات مقبلة، خوفا من هجمات المستوطنين، وفق ما تؤكد لينا.
ويخشى الزوجان معتز ولينا من تعرض منزل عائلتهم لمصير عائلة دوابشة، التي تعرضت للحرق على يد المستوطنين نهاية تموز عام 2015 في قرية دوما، وأدت لاستشهاد الزوجين سعد وريهام والرضيع علي وإصابة طفلهما أحمد بجروح بالغة.
وخلال العام الماضي تصاعدت اعتداءات المستوطنين بشكل لافت، ازدادت حدتها خلال الأسبوعين الماضيين، وطالت مناطق شمال ووسط وجنوب الضفة، وبينها بلدة حوارة جنوب نابلس التي تقام على أراضيها مستوطنة "يتسهار"، "مركز الإرهاب شمال الضفة الغربية".
ومنذ قرابة الأسبوعين، لم يتمكن المواطن قصراوي من ممارسة حياته الطبيعية والأجواء العائلية إثر تصاعد اعتداءات المستوطنين، فبعد انتهاء عمله في كراج لتصليح المركبات في البلدة في السابعة مساء، يبدأ مرحلة الحراسة والمراقبة الليلية من شرفة منزله المطلة على الشارع الرئيس بالبلدة، خوفا من أي هجوم.
يختتم قصراوي: "باتت شوارعنا خالية من الفلسطينيين، نتيجة تجمع المستوطنين يوميا، أما بعض المركبات التي تمر من الشارع فإن مصيرها التحطيم بالحجارة، هذا رعب حقيقي واعتداءات متكررة باتت مشاهد ثابتة".