برقوسيا
الاسم والتسمية
برقوسيا، بركوسيا والأشهر تداولاً بين الناس هو بركوسيه، وقد تلفظ عند بعض كبار السن برجوسيه (يلفظ حرف الجيم مثل حرف CH في اللغة الإنجليزية).
قد يكون اسم القرية مؤلفاً من جذرين، هما: (بَـرّ) ومعناه: الأرض اليابسة، و (قوسيا) ومعناه: الخارج، وقد يكون نسبة إلى (قوس) الجذر السامي المشترك، فيصبح معنى اسم القرية: (خارج القوس).
أي: (إطلاق القوس) أو: سهم القوس، وقال آخرون: (بَـرْقُـوس) هي كلمة سريانية ومعناها: ابن القوس (1).
القرية قبل سنة 1948 م
القرية عربية تتبع إدارياً لقضاء الخليل، تقع في شمال غرب مدينة الخليل، على بعد 30 كم تقريباً، وتربطها طرق ممهدة بكل من قرى بعلين، تل الصافي، صمّيل، دير الدبان وتل الترمس.
نشأت برقوسيه فوق رقعة متموجة من الأرض تمثل الأقدام الغربية لجبال الخليل، وأقيمت على أحد التلال التي ترتفع 200م عن سطح البحر، وتنحدر من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي حيث تجري أودية "وطفة " و "أم المكامير" التي ترفد وادي برقوسيه، بنيت بيوتها من الحجر والطين، واتخذ مخططها شكلاً خماسياً. مساحة القرية صغيرة لا تتجاوز 31 دونماً. كان عمرانها ينمو ببطء، وقد امتدت مباني القرية نحو الشمال بصفة عامة على شكل محور صغير بمحاذاة الطريق المؤدية إلى قرية بعلين المجاورة، وامتدت نحو الجنوب أيضاً عندما ابتعدت في أواخر عهد الانتداب إحدى الحمولتين – وهي حمولة خشّان– اللتين كانت القرية تتألف منهما وأقامت مساكنها على مسافة كيلو متر واحد من المساكن في القرية، وكانت المرافق والخدمات العامة قليلة جداً في القرية، إذ خلت القرية من المدارس ومن الأسواق واقتصر الأمر على بعض الدكاكين، وكان أبناؤها يتعلمون في مدرسة تل الصافي، وهناك بئر محفورة في غرب برقوسيه استخدمت مياهها للشرب (2).
أما اقتصاد القرية فكان يعتمد على الزراعة البعلية بالدرجة الأولى بالإضافة إلى تربية المواشي من أغنام وماعز وجمال وأبقار وخيول، ولا تخلو المنازل من الطيور مثل الدجاج والحمام وغيرها، حيث كانت تمدهم بالمؤونة على مدار السنة، بالإضافة إلى بيع الصوف والجميد والسمن في مدن المجدل ويافا والخليل.
كان سوق الفالوجة المصدر الرئيسي لشراء حاجيات أهل القرية بالإضافة لسوق الخليل وسوق المجدل الذي اشتهر بأجود أنواع القماش المنسوج على النول اليدوي.
اعتمد السكان في القرية على زراعة الحبوب بصورة رئيسية، مثل: القمح، الشعير، الكرسنة، العدس وفي اللآونة الاخيرة زرعوا السمسم في سهول القرية الخصبة، أما زراعة الأشجار فقد كانت على نحو محدود، حيث زرعوا الرمان، العنب، الصبر والتين، مع القليل من أشجار النخيل، ولعل أشهرها هي نخلة [جابر خشّان]، التي ما زالت تطرح ثمارها إلى وقتنا الحاضر.
ملكية الأرض والاستخدام
بلغت مساحة أراضي برقوسيه 3216 دونماً، استغل معظمها في زراعة الحبوب وبعض الأشجار المثمرة، وكانت بعض المساحات تستغل مراعي طبيعية للأغنام والماعز في فصل الربيع، واعتمدت الزراعة والمراعي على مياه الأمطار التي تهطل بكميات سنوية كافية (3).
أما ملكية الأرض والاستخدام قبل سنة 1948 م، فقد كانت على النحو التالي بالدونمات (4):
- ملكية عربية: 3214
- ملكية يهودية: 0
- مشاع: 2
المجموع: 3216
- مزروعة بالحبوب: 2460
- مزروعة مروي أو بساتين: 28
- مبنية: 31
- بور: 697
المجموع: 3216
السكان والعائلات
بعيداً عن الأصول الكنعانية (4500) ق.م، التي ينحدر منها سكان فلسطين، فقد سكن قرية برقوسيا عائلات وعشائر، قسمت إلى حلفين هما: عبدالله و خشّان.
حيث ضم حلف عبد الله العائلات التالية: مصلح، رضوان، مسلّم، أبو عمر.
أما حلف خشّان فقد ضم العائلات التالية: خشّان، علقم، عرب، أبو زريق.
أما في وقتنا الحاضر فإن المعظم من حلف عبد الله باتوا ينتسبون إلى جدهم "أبو القاسم الجنيد" ليشتهروا باسم عائلة القواسمي*.
أما أعداد السكان والمنازل إلى سنة 1948 م، فقد كانت على النحو التالي.
-1922 م، بلغ عدد السكان 158 نسمة.
-1931 م، بلغ عدد السكان 258 نسمة، وكانت المنازل تقدر بحوالي 53 منزلاً.
-1945 م، بلغ عدد السكان 330 نسمة، وكانت المنازل تقدر بحوالي 65 منزلاً(7).
-1948م، بلغ عدد السكان 383 نسمة، وكانت المنازل تقدر بحوالي 78 منزلا (8).
احتلالها وتهجير أهلها
احتلت برقوسيه في أثناء الهجمات التي شنت في سياق عملية تسمى [أن – فار]، وقد حدث ذلك على أرجح الظن في 9/10/1948 م، في خلال الفترة الفاصلة بين هدنتي الحرب، وفي الشهر التالي سارع الصندوق القومي اليهودي إلى التخطيط لإقامة مستعمرة في الموقع، وفي آب/أغسطس 1948 م، سلّم الصندوق السلطات الإسرائيلية خطة تظهر مستعمرتين على أراضي برقوسيه وقرية صمّيل المجاوة، ونصت هذه الخطة على أن تحل مستعمرتان سمّيتا "سغولا" و "نحلا" محل القريتين وهذا استناداً إلى المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس(9).
أصبح أغلب أهالي القرية بعد النكبة لاجئين في الأردن [عمان، الزرقاء، إربد، الرمثا، مأدبا]، وبقي البعض في فلسطين [الخليل، القدس].
لا مستعمرات إسرائيلية على أراضي القرية، أما مستعمرتا سغولا ونحلا، فتقعان إلى الجنوب الغربي على أراضي قرية صمّيل، عبر الحدود بين قضائي غزة والخليل، يشاهد في القرية اليوم بعض المنازل المهدمة، وبعض القبور التي يفصل بينها نبات ذيل الفأر، الخبيزة والخرفيش، وفوق بعض القبور شواهد كتب عليها نقوش باللغة العربية (10)، وهي:
- الشاهد الأول: عثمان عبد الهادي القاسمي.
- الشاهد الثاني: أحمد محمد علقم خشان القواسمه.
-* أبو القاسم الجنيد المتوفى سنة 297هـ، أصله من نهاوند، ولد ونشأ بالعراق، وهو تلميذ الحارث المحاسبي، وهو قطب وعلم من أشهر أصحاب الطرق الصوفية (5).
- القواسمي أو القواسمة، من أشهر عائلات الخليل، منسوبون إلى الفقيه شرف الدين قاسم بن علم الدين سليمان بن شرف الدين قاسم الحوراني، نزيل القدس، كان موجوداً سنة 696هـ، ولهم زاوية ذكرها صاحب كتاب "الأنس الجليل" بقوله: القواسمي الجنيدي من ذرية أبي القاسم الجنيد وهو مدفون فيها (6).
المرسل : محمد مصلح
aamer982@yahoo.com