صندوق 2 الدنيا
العبادلة
جريدة الأهرام المصرية بتاريخ 6/2/1998م
الأستاذ أحمد بهجت.. تحية طيبة وبعد
قد تكون هذه الرسالة متأخرة قليلا، ولكنني اتعشم نشرها تصحيحاً المعلومة أثارت حيرة بين أكثر من ثلاثة ملايين من أبناء قبيلة العبابدة بمصر والسودان والأردن وتونس.
فقد نشرت باحثة في صندوق الدنيا أن قبيلة العبابدة هى من قبائل (البجة) وهى قبائل غير عربية وذلك استناداً إلى دراسة أجرتها هذه الباحثة عن بعض عادات تلك القبائل، والواقع ياسيدى أن قبائل العبابدة هى قبائل عربية خالصة حيث انها تنتمى إلى عبدالله بن الزبيرين العوام ذلك الصحابى الجليل ووالده الزبيربن العوام أحد المبشرين العشرة بالجنة، وأول من أدخل الخيل في الحرب، وهو بن صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشقيقة والده عبد الله بن عبد المطلب ، والزبير زوج أسماء بنت أبى بكر الصديق ، وهو الذى قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم 'اجعل لى شيئا منك يارسول الله'..فقال صلى الله عليه وسلم 'أين القوم منهم'.
وعلى هذا أقول إنه بحساب الأنساب فإن قبيلة العبابدة والتى أصل تسميتها العبادلة نسبة إلى عبد الله بن الزبير هى قبيلة قرشية هاشمية من آل بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام، وبالرجوع إلى المراجع العديدة يتاكد هذا الأمر, وعلى سبيل المثال : كتاب ( القبائل العربية والمستعربة في مصر والسودان ) وهذه القبائل منها أعضاء بمجلس الشعب المصري والسوداني والأردني والفلسطيني ، ففي مصر حوالى ثمانية أعضاء في مجلس الشعب والشورى منهم قيادات ورجال أعمال وأطباء ومهندسون، وهى قبائل تتصف بالشجاعة والإقدام لكون طبيعة حياة الغالبية منهم في الصحراء والبداوة ، ومازالت هذه القبائل تتصف بصفات مغايرة لكثير من صفات القبائل الأخرى، ومازال بعض البدو الرحل في الصحراء الشرقية من تلك القبائل حتى الآن .
هذه نبذة صغيرة عن هذه القبائل آمل في أن تتفضلوا بنشرها في صندوق الدنيا .
هذا نص الرسالة التى وصلت إلى من الأستاذ بشير مصطفى البادى الصحفى المقيم بالسعودية.
أحمد بهجت
العبادلة عبر التاريخ
العبادلة
قد يحتار القارئ عندما يجد كلمة العبادلة تتردد في أكثر من موضع في كتب التاريخ ويسمع بأنهم قبائل وعشائر وجماعات ،، لذا نركز في بحثنا هذا على تعريف وتوضيح لما وجدناه مكتوباً في كتب التاريخ عن العبادلة ونركز بوجه خاص على فرقتين من العبادلة الذين عاشوا في بلاد غزة وتفرقوا منها إلى الأقطار العربية ( إلى بلاد الجزيرة العربية ) سواحل الخليج العربي وبلاد اليمن والذين كونوا هناك حكومة السلاطين والذي ينتهي نسبهم إلى القبيلة القحطانية .
والفريق الآخر من العبادلة ملوك الحجاز والأردن والعرق وامراء بلاد غزة والذين كان لهم الرئاسة والحكم في تلك البلاد والى وقت قريب وصار منهم حكاماً وملوكاً وينتهي نسبهم إلى نسب الأشراف من القبيلة العدنانية .
على إن الآمر المهم الذي يجدر بنا ملاحظته ونلفت الانتباه إليه، عدم وجود قبيلة عربية تحمل اسم (( العبادلة )) وتنحدر من صلب رجل اسمه عبد الله سوى قبيلة العبادلة الحالية نسبة الى أمير مكة المكرمة الشريف عبدالله بن الحسن بن محمد ابونمي الثاني وهو الجد الجامع للعبادله الأشراف تولى امارة مكة في ربيع الثاني سنة 1040 هـ 1630 م وتوفى في 10 جمادي سنة 1041 هـ 1630 م ودفن بمكة بالمعلاة (1) , وكذلك قبيلة العبادله ( العبيدلي ) نسبة الى عبيد بن حمود بن حمود بن عبدالله بن حمود السلامي كما ورد في كتاب صهوة الفارس عن العبادله في مشجرة حكام عبيدل أن الجد الجامع للأسرة الحاكمة هو عبدالله السلامي وهو المؤسس الحقيقي لقبيلة العبادله
ويقال انهم من سكان نجد وأنهم سكنوا نجد سنة 860 للهجرة (2) فهذة القبيلة ايضا عربية ومن شبه الجزيرة العربية قبل أن ينتقلوا الى منطقة العديد في قطر سنة 950 هـ 1543 م ومن ثم الى ساحل عمان وعجمان ورأس الخيمة وهم العبدولي الموجودين في وادي العبادله في الأمارات ومنهم من انتقل الى العراق وبر فارس وغيرها من المناطق . ونشير إلى ما أشار إليه أبو العباس احمد القلقشندي المتوفى سنة 821هـ بكتابه نهاية الإرب في معرفة انساب العرب من أن العبادلة بطن من جذيمة، من جرم، من القحطانية، ومنازلهم مع قومهم جرم ببلاد غزة في فلسطين ….، ولهذا القائل نقول:- لقد قطع ابن الأثير الجزري المتوفى سنة 630هـ، في الجزء الأول من كتابه - اللباب في تهذيب الانساب-الطريق أمام من يدعي وجود عشائر تنتسب إلى العبادلة، أو ينتمون إلى جد اسمه عبد الله، وهو يتكلم إلى منتصف القرن السابع الهجري، فقال ما نصه:- العبدلي هذه التسمية تنتسب إلى رجلين وموضع ، فالأول نسبة إلى عبد الله ، وهو بطن من خولان، منهم أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن عمر بن عبد الحكم، وكان صالحاً ثقة، وتوفي في رجب سنة 329 هـ بأرض مصر. و الثاني إلى أبى عبد الله بن كرام، صاحب مقالة الكرامية، انتسب جماعة من أصحابه إلي كنيته، فقالوا عبدلي.وأما الموضع، فالنسبة إلى قرية بأرض واسط العراق يقال له قرية عبد الله، ينسب إليها أبو القاسم محمود بن على بن إسماعيل البخاري الصوفي العبدلي، سكن هذه القرية، كان يعظ في بغداد وواسط، وسمع أبا الخطاب والحسين بن طلحة وغيرهما.
روى عنه أبو سعد السمعاني، وكانت ولادته سنة 480هـ، وكان حياً سنة 537 هـ , وتعقيباً على هذه الآراء التي أوردها كلا من القلقشندي والجزري نقول : إن ما رواه القلقشندي هو إشارة إلى الجماعة التي انتسبت إلي كنية أبى عبد الله بن كرام ، صاحب مقالة الكرامية، فقالوا عبدلي، وهذا الانتساب هو انتساب مذهبي وليس عرقي، مثلما يقال لمن تبع مذهب الأمام مالك، مالكي، وأبو حنيفة حنفي، أو الإمام الشافعي، شافعي، او الأمام جعفر الصادق جعفري.
وابو عبد الله بن كرام، كان من سجستان، ثم خرج إلى نيسابور في أيام محمد بن طاهر بن عبد الله، توفي سنة 255هـ، وبلغ اتباعه في خراسان وحدها اكثر من عشرين ألفا، وكان له مثل ذلك في ارض فلسطين، هكذا قال عنه صاحب كتاب ((الملل والنحل)) محمد بن عبد الكريم الشهرستاني المتوفى سنة 548هـ. فهذه الطائفة قد انقرضت وانتهت، وكذلك النسبة إليها منذ اكثر من ألف سنة. أما بالنسبة إلي عبد الله، من خولان، والذي منهم أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله الخولاني العبدلي المتوفى في رجب سنة 329هـ بأرض مصر. فهذا الآخر قد انتهى ، وبوفاته انقطعت النسبة اليه، ولو كان لعقبه وجود لذكرهم نسّابة مصر في القرن التاسع الهجري أبو العباس احمد القلقشندي ، الذي له ثلاثة كتب تعد من كتب الانساب المهمة وهي، صبح الأعشى ، ونهاية الإرب، وقلائد الجمان .
كما لم يتـطرق لذكر هذه الجماعة أي مؤرخ أو نسّاب بعد ذلك التاريخ.أما بالنسبة إلى الموضع ، فهو إلى قرية عبد الله، ولا تعد النسبة إلى المدن أو القرى او المواقع نسباً عرقياً، بل لقباً جغرافياً، شأنه شأن ألقاب الحرف والمهن، وقد يتكأ على مثل هذه الألقاب من يجهل اصله ونسبه من الشعوبيين والعناصر غير العربية ، وقرية عبد الله المذكورة ، من قرى واسط، كانت مدينة صغيرة ، عرفت بهذا الاسم نسبة إلى عبد الله بن طاهر بن الحسين، وهو من اصل فارسي مجوسي.
ولعلها بمكان قلعة سكر الحالية ، وهذه القلعة في بداية أمرها قلعة من الطين شيدها سكر بن مشلب رئيس عشيرة الطوقية سنة 1290هـ /1873م، على شاطئ الفرات الأيسر. هكذا قال عنها شيخ المؤرخين العراقيين المرحوم عبد الرزاق الحسني برائعته – العراق قديماً وحديثا ًص171. وبإسقاط هذه الذرائع والآراء لم يبق أي دليل علمي يوحي بوجود قبيلة كبيرة تنتمي إلى جد ، بل علم من أعلام الأشراف الحسنيين في القرن الثاني عشر الهجري ، أو غيرهم بهذا الاسم سوى قبيلة العبادلة الأشراف التي ترجع بنسبها إلى الشريف عبد الله بن الشريف حسن بن الشريف محمد أبو نـميّ الثاني، وعبد الله هو الجد الجامع لجميع العبادلة.
وهذا لا يعني عدم وجود أشخاص بأسم عبد الله ، برزوا في مجالات شتى، وقد خلدهم التاريخ ، ولكن لم تنحدر من أحدهم قبيلة قد أشتُق اسمها من اسمه فهناك تسمية لقبيلة العبادلة ومفردهم العبيدلي وهي قبيلة معروفة على مستوى الخليج العربي ويعود نسب هذه القبيلة الى عبده من شمر نسبة الى عبيد بن حمود بن عبدالله بن حمود السلامي وأن الجد الجامع لهذه الأسرة هو عبدالله السلامي وهو المؤسس الحقيقي لهذه القبيلة وقد سكنوا نجد سنة 860 هـ فهم أصلا من شبه الجزيرة العربية.
فالعبدلي الصميم لا يلاقي أو يجد أي صعوبة في ربط نسبه بالجد الأعلى الشريف عبد الله لقرب عهده، فكما ذكرنا فقد كانت وفاته في جمادى الآخرة من سنة 1041هـ كانون الثاني 1632 م.مخلفاً وراءه تسعة أولاد، ولكل منهم أعقاب، وقد اعتنى المؤرخون وكتاب السير والتراجم وعلماء الانساب بذكرهم، وذكر ذراريهم الى وقت قريب جداً،
كما ذكروا تواريخ هجرة من هاجر منهم سواء إلى البادية أم البلاد الأخرى. ولا يحتاج من يريد إيصال نسبه إلى أحد أولاد الشريف عبد الله التسعة سوى ذكره لأسماء أجداده التي تلقاها من أسلافه بشكل حقيقي، ويكفي لهذا التواتر، وإذا كانت هناك وثائق تؤكد صحة الأسماء وتسلسلها، فهذا زيادة في اليقين.
ومن الميزات الحسنة التي تستخرج من الوثائق أو القسّامات الشرعية أو الوقفيات هي معرفة تواريخ بعض الحوادث، كالوفيات والولادات وغيرها، فضلاً عن الشيء الأهم وهو معرفة اتباع العبادلة ممن دخلوا فيهم وانتسبوا بنسبهم، وهم في الحقيقة ليسوا منهم، بل من عبيدهم ومواليهم، وقد عثرنا فعلاً على أمثال هذه الحالات في بعض الوثائق.
وهناك جماعات أخرى تسموا بالعبادلة ، نورد ما ذكره المؤرخون عنهم والى أي القبائل يكون انتماؤهم ، ومصادر معرفتنا عنهم .
___________________
(1) جاسم العبدلي – مقالة في منتدى السادة الأشراف وموضوعها العبادله والعبيدليون والعبادل
(2) القبائل العربية في الساحل الفارسي _ لمحمد الشيباني