المواقع الحضارية في ارطاس
من الطبيعي ان يكون هناك انوية لمراكز حضارية عديدة نتيجة توفر عناصر جذب الحياة البشري في هذه المنطقة ، فالمياه متوفرة بغزارة وتوجد فيها مساحات لابئس بها من الأراضي الزراعية ، علاوة الى موقعها على هوامش صحراء البحر الميت مما وفر درجات حرارة معتدلة في الشتاء تمكن الزراعة المروية ، وفي الوقت ذاته تؤمن الصيف زراعة ناجحا ، لذا فانه بالامكان الاستفادة منها طوال العام ، ومن هذه البقع الحضارية :
خربة الخوخ : تقع شرقي برك سليمان ، وهو موقع اثري فيه عين عطن – عيطام- او عين ايوب – يعتقد ان Etam الرمانية كانت تحت انقاضها .
-2 خربة عليا : تقع غربي برك سليمان ، فيها بقايا أبنية وابار منحوتة بالصخر وقبور .
-3 خربة البصة : جنوب برك سليمان وترتفع عن سطح البحر 676 م ، وهو موقع اثري كانت تحت أنقاضه قرية Bethbeza الرومانية وفيه بقايا ابنية متهدمة، ومدافن محفورة في الصخر .
-4 خربة البيرة : جنوب برك سليمان بجانب طريق القدس الخليل ، وتحتوي على بقايا ابنية متهدمة وعاصر للزيت ، أرضيات فسيفسائي وأحواض وصهاريج، ومدافن منقورة بالصخر.
-5 دير البنات : وهو دير خرب يقع جنوبي برك سليمان بين الجبال الشاهقة عند بداية وادي ارطاس الغربية من الفرع الجنوبي للوادي ، يعتقد ان باني هذا الدير هي القديسة باولا عام 382 م" خلال العهد البيزنطي ليكون هذا الدير ماوى للبنات ، ومن المحتمل ان يكون دمر تماما خلال ثورة اليهود عام 529 م او اثناء غزو الفرس لفلسطيني عام 614 م ، ويحتوي على ابنية كبيرة حجارتها مزموله ، الى الشمال حجارة منقورة في الصخر ، ويوجد قبالة الدير نبع ماء يعرف " بنبع دير البنات " .
قلعة مراد " قلعة البرك ":
ان فلسطين مهد الحضارات والرسالات السماوية الخالدة شهدة منذ اربعة عشر قرنا من اعظم الحضارات التي تركت خلفها بصمات وشواهد اصيلة عريقة هذه الحضارة هي الحضارة الاسلامية واحد معالمها الماثله امام اعيننا هي قلعة مراد " قلعة البرك " والتي صمدت رغم الظروف السياسية والطبيعية اكثر من ثلاث قرون ونصف ففي الاعوام 2623 – 1640 م بنى السلطان العثماني مراد الرابع فاتح بغداد هذه القلعة بجوار البركة الاولى من برك سليمان عرفت باسمه وفي بعض الاحيان يطلق عليها " قلعة البرك " ولقد كانت الغاية من بناء هذه القلعة تحقيق هدفين اساسيين هما :
-1 تامين حماية للمسافرين على الطريق التاريخي الموصل من بيت المقدس الى المدينة الخليل واللصوص وقطاع الطرق .
-2 حماية مصادر المياه المغذية لمدينة القدس وضواحيها والمتمثلة ببرك سليمان وعيون ارطاس وقنوات المياه " الاسلامية – الرومانية " المغذية لمدينة القدس.
موفع القلعة: تقع القلعة بجانب البركة العليا من جهة الشمال ويفصل بينهما الطريق المؤدي الى قرية ارطاس وتبعد عن الطريق التاريخي الموصل بين القدس ومدينة خليل الرحمن حوالي 115 م وهي تقع ضمن اراضي الوقف الاسلامي ، كما تشير الى ذالك احدى الوثائق الموجودة بقسم احياء التراث الاسلامي .
دير راهبات سيدة الجنة المقفلة " ارطاس " :
في عام 1895 م زار القرية الاسقف Moriono رئيس اساقفة مونت فيديو رئيس مجموعة اديرة الراهبات اخوات مريم ، وهو عايا ارغواي من ارميكا اللاتينية ، وقد اعجب كثيرا بالمكان وسحره بالاضافة الى ماضيه العريق ، حيث قرر جمع الاموال لشراء الارض ليقيم عليها ديرا تابعا لمجموعته ، عاد الى ارطاس عام 1897 م وشترى قطعة الارض ووضع حجر الاساس واستمر البناء لمدة اربعة سنوات 1901 م ورجع الاسقف الى فلسطيني ودشن البناء وسلمه الى الاخوات ، وحتى وقتنا الحاضر تدير المبنى راهبات الجنة المقفلة ، وتضم كنيسة ، وميتم ، وورشة للاطفال وعيادة .
جامع عمر بن الخطاب – القديم:
يقع في وسط القرية شرقي عين ارطاس ، وهو من الاثار الاسلامية الاولى ، ولايوجد تاريخ محدد لمسجد عمر ولكن من المرجح تم بناءه في الفترة الاسلامية الاولى ، وقد سمي بهذا الاسم نسبه الى الخليفة عمر بن الخطاب .
وقد ذكر Baldensperger ان الجامع الموجود في ارطاس كان مكرسا انفس الخليفة عمر بين الخطاب كما هو الحال في الجوامع الموجودة في الاراضي المقدسة .
بقي الجامع يسنخدم من قبل سكان القرية حتى عام 1969 م ، حيث اقدم سكان القرية وللاسف على هدم المسجد لبناء مسجد كبير يستوعب التزايد السكاني في القرية ، وتم البناء .
وادي ارطاس :
ووادي ارطاس هو الموقع التقليدي لحدائق سليمان المعلقة الواقعة على مشارف بيت لحم الجنوبية ، وهو احد وديان الهضبة الكنعانية الوسطى الواقعة غربي البحر الميت وشرقي السهل الساحلي للبحر الأبيض المتوسط ، والممتد شمال من شمالي اورشليم اليابوسية حتى جنوب مدينة حبرون الكنعانية ، والتي يزيد طولها على خمس وثلاثين ميلا ويتراوح عرضها ما بين 14- 17 ميلا منتهية من الغرب بحافة السلسة الجبلية حيث تبدأ المنحدرات المعروفة سابقا بالأرض السفلى حتى الساحل ومنتهية من الشرق بالصحراء الشرقية به وقد عرفت هذه الهضبة والصحراء لاحقا وصحراء برية القدس ، وفيها كانت تقع اهم المدن كما كان فيها معظم السكان ، وارطاس محاطة بسلسة من هذه الجبال المتميزة بعريها ، وهي ذات رؤوس مدببة عريضة تفصلها وديان منها الواسع ومنها الضيق ، ومعظم هذه الجبال والوديان قابلة للزراعة والاستيطان.
ان هذا الوادي ( وادي ارطاس )والذي يتراوح ارتفاعه عن سطح البحر ما بين 750 مترفي طرفه الغربي حتى يصل عند نهاية طرفه الشرقي إلى ارتفاع 640 متر عن سطح البحر محاط كما ذكرنا بسلسلة من الجبال المحيطة به من جميع الجهات مما اكسب هذا الوادي بالإضافة الى خصبه وكثرة ينابيعه منذ القدم اسم الواحة او الجنة المقفلة ، حيث يحيط به من الشمال الغربي جبل مغارة خالد الذي يرتفع عن سطح البحر عند قمته 854 مترا ومن الجنوب ظهر بقو 904 مترا ومن الجنوب الشرقي سفوح جبل البوزيد التي ترتفع عن سطح البحر 854 مترا ، ومن الشرق راس جبل هندازة التي ترتفع قمته 770 مترا .
وتشمل اراضي ارطاس الزراعية حاليا المناطق التالية من الغرب والشرق " بيت سكاريا – الحبيله – واد شخيت _ السميكه _ عين ابو زيد _ بين العرقان _ ابو الحراذين_ المطينة _ وادي غنيم _ المطلع _ باب البرك _ حسنات _ مسطاح ثبرة _ وادي ثبره _ النحله _ بقو _ واد ابوعميرة _ خلة القطن _ جبل ابو زيد _ البستان .
السجن (الحبس)
أن زعماء ارطاس في عهد المماليك كانوا قد أعفو عن جميع الأعباء ، ولم يملكوا استقلا فقط ن بل وقد تمتع زعماء ارطاس بحق القضاء والعدل في القرى والقبائل المجاورة وهو حق مارسوه خلال سيطرتهم يجعلوا التجارة تمر من طرقهم ، وكانوا يملكون قصر العدالة إلى الشيء منه ، وقبل أربعين عاما كنت تستطيع ترى جزءا من البرج المحصن والحلقات الحديدية الضخمة التي كان يربط بها المساجد وستمر استخدامه في الفترة العثمانية من قبل زعماء ارطاس.
نقش الطاحونة :
يقع النقش في الواجهة الشرقية من الطابق الأرضي للمسجد الذي كان وإلا يزال يستخدم في الوقت الحاضر كعيادة طبية ، وهو يمين المدخل ،أما الوقع الأصلي فقد كان في مبنى الطاحونة الواقعة إلى الجنوب الشرقي ن الجامع على بعد حوالي 30م ، ولم يبقى فيها اليوم سوى وأختها الشمالية وهي تقع بالقرب من ألقناه القادمة من العين باتجاه البستان ، ما يؤكد أنها كانت تدار بقوة المياه ، وكما هو معروف منذ القدم إن مطاحن بلاد الشام إلى عهد قريب كانت عبارة عن حجارة قديمة دائرية تدار بقوة المياه . وقد وضعة في زمن الناصر صلاح الدين الأيوبي الذي أمر بوضع هذا الحجر يعود تاريخها إلى 15 ذي القعدة عام 706ه . 713سنه .
نقش كتابي في قرية ارطاس:
بوجود هذا النقش في إحدى بيوت ارطاس ، يقع نقش في واجهة الغرفة الوسطى ، وقد وضع هذا النقش بشكل مقلوب مما يدل على انه ليس بمكانة الأصلي وقد تم العثور على صورة لهذا النقش في تحف روكفلر قسم الأرشيف ولكنه غير مقروء ويعتقد أن هذا النقش يعود للفترة ألناصريه الممتد من 359 إلى 465 ه/ 979 ـ 1072م
المضافة (علية شرف)
تقع شمال غربي المسجد وهو عبارة عن بيت قديم يعود إلى 1898ـ 1900م مشرف على جميع معالم القرية ألقديمه ، واستخدام مدة تزيد على سنة عقود كساحة ومضافة الأهلي القرية وضيوفهم ، وقد استأجرت من قبل المركز نفس الغرض.
بيت الست الويز:
يقع غرب عين ارطاس ويقع في منطقة تدعى شعب الست لويز ، من عائلة ، بالدنسبيرجر الفرنسية القادمة من مقاطعة الالزاس سنة 1850م ويقع في قطعة ارض مساحتها 3 دونما وتضم 8 غرف واستخدم البيت مركزا للبعثات الروبية في ارطاس حتى عام 1936م وهناك بنية استخدامه كمركز للأبحاث الصغيرة
الوضع الزراعي في ارطاس :
تمتاز قرية ارطاس بأنها واحدة من القرى التي تحتوي على مصادر مائية دائمة في محافظة بيت لحم وتتركز أراضيها الزراعية في الوادي حيث تصل مساحة الأراضي الزراعية التي 1859 دونما ويزرع منها 1673 دونما وتصل عدد الحيازات الى244 حيازة وتمتاز بصغر حجم الحيازة حين أن 201 حيازة تصل مساحتها إلى اقل من دونما ويتم ري الأراضي الزراعية للقرية من عين ارطاس وعين عطان وعين صالح كما يزرع 21 نوع من الخضروات إضافة إلى 11 نوع من الأشجار المثمرة
يتبع أهل القرية العروات الزراعية حيث يتم زراعة بعض الأراضي لأكثر من مرة خلال العام وبالتالي ترتفع المساحة المزروعة إلى 213 دونما أي بزيادة 28 % من المساحة الحقيقية . وهذه تتركز فقط في الأراضي المزروعة بالخضروات . وبهذا يمكن وصف مزارعي قرية ارطاس بالخبز المميز والقدرة على التطوير . كما أن التنوع الكبير في المحاصيل التي تزرع في القرية الخس ، السبانخ . الفول الأخضر . الفجل . الملفوف . والفلفل القرنبيط اللفت وهي محاصيل العروة الشتوية . بينما الباذنجان ، الخيار البندورة الكوسة والفقوس والملفوف والفلفل والفاصوليا والقرنبيط هي من أهم محاصيل العروة الصيفية.
من أهم المحاصيل الزراعية الشجرية المزروعة في القرية العنب والبرقوق المشمش والزيتون الرمان واللوز الأجاص والتوت الجوز والاسكدنيا والتين.
بالإضافة إلى عدد محدود من الأشجار الزيتون.
أما الثروة الحيوانية في ارطاس حاليا فعدادها محدودة ولا تتعده (1950 ) دواجن بياضه و9 رؤوس من البقر إضافة إلى (129) رأس من الغنم والماعز على الرغم من أن ارطاس كانت تعتبر وحتى عام 1993 27/3/1993 حول الثروة الحيوانية في ارطاس فقد تبين أن أهالي ارطاس يملكون : 85 رأس بقر حلوب و13عجل للتسمين و2400 دجاجة بياضه و2100 دجاجة لحمة و366 رأس من الغنم والماعز 444 طيرا مختلفا (حمام ـ بط ـ إوز ـ حبش ) بالإضافة إلى الأرانب.
المشاكل البيئية :
إن تلك البقعة الجميلة بحضارتها وبيئتها الغنية والمتنوعة تتعرض حاليا لمشاكل خطيرة تهدد استمرار الطبيعة الخلابة بسحرها وعمق حضاراتها وعلى قمة تلك المشاكل مصادرة الأراضي من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي قلص من أراضي ارطاس لتوسيع المستوطنات التي أصبحت تحاصر منطقة بيت لحم وليس قرية ارطاس فقط وهذا سيخلق مشكلة تكبر مستقبلا في عدم تمكين أهالي القرية من التوسيع العمراني الأعلى حساب الأراضي الزراعية التي تتقلص بتفتت ملكيتها هذا عدا حاليا عن النقاط العسكرية التي تقبض على أنفاس المنطقة بأهلها وحتى طيروها وتتراكم المشاكل البيئية في تلك الجنة المقفلة فمشكلة المجاري التي تخرج من العديد من البيوت مباشرة إلى الشوارع صيفا وشتاء فالروائح الكريهة والأمراض الكثيرة وأشكال عديدة من البعوض والذباب الذي يسبب وينقل الكثير من الأمراض الخطيرة أن هذه المشكلة معقدة حيث المنطقة الجغرافية للقرية تحتوي على كثير من الانحدارات وبالتالي حتى من لديهم حفر امتصاص تسيل مياهها إلى البيوت المجاورة المنخفضة في حال امتلائها وهنالك بيوت لا تستطيع سيارات لنضح الوصول إليها هذا عدا عن تلوث مياه الينابيع والمحارق التي تلوث . إن قرية ارطاس تعاني من تلك القمامة أكثر من المدن التي حولنا لدم وجود تنسيق مع بلديات المحافظة وخاصة انه لا يوجد مكب للنفايات في بيت لحم وخاصة في الوقت الحالي حيث تبقى القمامة أية لنع التجول والحواجز العسكرية التي تفصل المحافظة عن العيزرية التي يوجد فيها كب نفايات محافظة بيت لحم
ولا ننسى التراث العمراني . فهناك العديد من البيوت التي تحتاج إلى ترميم للمحافظة على بصمات أثارها التاريخية والتي تعبر عن حضارة المنطقة كما انه لا بد من إنقاذ بعض الغرف القديمة المهجورة من الغرف من جراء استخدامها وحفر امتصاص حفر امتصاص بديلا وفي هذا السياق لا بد من ذكر مشكلة البناء العشوائي على حساب الأراضي الزراعية إضافة إلى عدم تنظيم للشوارع وعدم وجود تخطيط للبناء يؤخذ بعين الاعتبار مصادر المياه والمشاريع المستقبلية والتراث العمراني والطبيعة الخلابة هذا عدا عن مشاكل الرعي والصيد والحرائق التي تقضي على الحياة البرية في المنطقة من الأجدر بها أن تكون محمية لهذه الحياة البرية كما أن مدخل قرية ارطاس وخاصة المدخل الشرقي مليء بهياكل السيارات القديمة لدرجة أن هذه المنطقة والتي كان يذهب الناس إليها للتمتع بناظرها الطبيعية الجميلة أصبح المرء يخاف من المرور من مداخلها وطرقها إضافة إلى فقد أنبا المركز الجمالي للبيئة أيعقل أن تكون تلك الجنة في طبيعتها محاطة بكل هذه المشاكل التي تهدد جمالها وكيانها.
ارسلها: محمود عبدالله محمد ابوصوي