"القرى المغلقة" وصف ينطبق تمامًا على ثمانية قرى في محافظة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة تعيش في "جيتوهات" مغلقة منذ عام 2003 عقب إقامة جدار الفصل العنصري، فمواصفاتها كما السجون لا تدخل إليها ولا تخرج منها إلا من خلال بوابات.
ومنذ 11 عاما يعيش 7356 مواطنًا في بلدات ظهر المالح، وأم الريحان، وخربة عبد الله اليونس، وخربة الرعدية، وتجمع سعد الله في العمرة، وبرطعة الشرقية، وخربة برطعة، وتجمع بدوي عرب الحمدون في ظروف بالغة السوء تدخل المعاناة فيها بكل تفاصيل الحياة.
ويوضح رئيس مجلس قروي ظهر المالح حسن الخطيب أنهم يخضعون لشروط قاسية ومأساوية وعدوانية عندما يريدون مغادرة قراهم والعودة إليها عبر البوابات العسكرية المقامة على مداخلها، ولا يستطيعون المرور والتحرك إلا بتصاريح وساعات محددة يتم فيها فتح البوابات العسكرية.
ويقول: "إن المعبر العسكري المقام فوق أراضي برطعة الشرقية جنوب غرب جنين، يفتح يوميا من الساعة الخامسة صباحا وحتى العاشرة مساء أمام أهالي القرية للدخول والخروج من وإلى قريتهم، ولا يسمح لأي شخص بالعبور منه سوى سكان القرى المعزولة".
ويلفت إلى أن السكان يحصلون على تصاريح تجدد كل سنتين، بينما التجار والعمال يحصلون على تصاريح عمل لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
وتحاصر القرية المستوطنات من جهاتها الثلاث، وبحسب الخطيب فمن الشرق مستوطنة "شاك"، و"حنانيت" من الشمال، ومن الغرب يحيط بها حاجز كبير يسبب إزعاجا لأهالي القرية بشكل شبه يومي، ومن الجنوب جدار الفصل العنصري.
ويشير الباحث الحقوقي في مؤسسة الحق طارق الحاج إلى أن سكان تلك المواقع يطلقون على البوابات الوحيدة التي يدخلون ويخرجون منها بوابات "جهنم"، "فهي تخضع لقرارات صارمة ومن يخالف يسحب تصريحه".
ويضيف "فالبوابة تفتح في فترات معينة وعلى كل مواطن أن يبرمج حياته وفق المواعيد التي تحددها قوات الاحتلال".
ويبين أن بوابة ظهر المالح تفتح من الساعة السابعة صباحا وحتى العاشرة، ثم يجري إغلاقها لساعتين، على أن يعاد فتحها من الساعة الثانية عشرة ظهرًا وحتى السابعة والنصف مساء.
ويمكن في أي لحظة، وفق الحاج، للجنود أن يحتجزوا أي مواطن من تلك القرية، ومنعه من العودة إليها بذريعة المنع الأمني غير المبرر، والذي يحتاج لإجراءات ومعاناة كبيرة لمعالجته.
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال تمنع بناء مسجد ومدرسة في قرية ظهر المالح؛ مما يُضطر أبناء القرية إلى الدراسة في قرية طورة المجاورة والتي يفصلها عن القرية بوابة الجدار، ولا يسمح لتلاميذ المدارس ورياض الأطفال وطلاب الجامعات بالمرور إلا من خلال الحصول على تصاريح.
ويضطر منتسبو الجامعات للسكن خارج البلدة لتجاوز مصاعب التنقل، وعدم توفر التيار الكهربائي بشكل مستمر، وهذا ما يفاقم الأعباء المالية والاجتماعية لهم ولأسرهم الفقيرة، وكذلك لا يُتوفر في القرية خدمات صحية ويُمنع نقل المرضى بعد السابعة مساء إلى أماكن أخرى.
ولا تختلف معاناة أهالي "أم الريحان" عن معاناة باقي المواقع المحاصرة، إذ يسرد المواطن محمد زيد معاناته مع بوابة الجدار حين كان متوجهًا لعمله من خلال البوابة في السابعة صباحًا، ففوجئ وأهالي البلدة بأن الجندي الإسرائيلي نسي فتح البوابة في موعدها، وعندها كان لابد من التنسيق مع الارتباط العسكري والانتظار.
ويشير زيد إلى معاناة المرضى، إذ سبق أن فشل في إخراج والده المريض ليلا حين ألمت به وعكة صحية، واضطر للانتظار لليوم التالي رغم خطر حالته.
المصدر: وكالة صفا