جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
حسن مواسي
جريدة المستقبل -
السبت 26 كانون الثاني 2008 - العدد 2857 - صفحة 15
طردت العصابات الصهيونية بقوة السلاح أهالي 530 مدينة وقرية وعشيرة العام 1948 واستولت على أراضيهم التي تبلغ مساحتها نحو 18.6 مليون دونم، أو ما يساوي 92 في المئة من مساحة إسرائيل القائمة حاليا. واقترفت تلك العصابات ما يزيد على 35 مجزرة كي يتحقق لها الاستيلاء على فلسطين. وتبين الملفات الإسرائيلية التي فتحت أخيراً أن 89 في المئة من القرى هُجر سكانها بسبب عمل عسكري، و10 في المئة بسبب الحرب النفسية (التخويف وإثارة الرعب)، و1 في المئة فقط بسبب قرار أهالي القرية بتركها. ويعيش في إسرائيل الآن نحو مليون ومئتي ألف فلسطيني، وهم يشكلون 18 في المئة من مجمل سكان الدولة العبرية، 50 في المئة منهم في منطقة الجليل من مدينة الناصرة، أكبر المدن وحتى الحدود اللبنانية والسورية، بينما يعيش النصف الآخر ابتداء من منطقة المثلث المحاذية لشمال الضفة الغربية ووسطها وحتى صحراء النقب. ويعيش في مدن الساحل من عكا وحيفا ويافا واللد والرملة أكثر من مئة ألف فلسطيني. من بين القرى التي دمرها الإحتلال قرية تليل، وهي قرية أثرية تقع على الساحل الجنوبي الغربي لبحيرة الحولة، وإلى الشمال الشرقي من مدينة صفد، وتبعد عنها 12 كيلومترا وترتفع 145 متراً عن سطح البحر، تحيط بها أراضي العلمانية وامتياز الحولة. كانت القرية تنهض فوق تل رملي صغير على الشاطئ الجنوبي الغربي لبحيرة الحولة، قرب المكان الذي يصب فيه نهرا "الحنداج" و"وقاص" في البحيرة. كان موقعها القائم على قمة التل يحميها من الفيضانات، واعتبر الكثيرون من العلماء التل الذي بنيت القرية عليه قائما في موضع بلدة "ثيلا" الرومانية، حيث تعد القرية ذات موقع اثري يحتوي على تل أنقاض تحتها. عرفت القرية خلال الحكم البيزنطي بـ"ثيلى"، وفي ظاهر القرية الشمالي الغربي أقيمت قلعة "يسود همعلاه". عام 1596، كانت تليل قرية في ناحية جيرة (لواء صفد)، وعدد سكانها 215 نسمة، وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج كخلايا النحل والجواميس، وكانت منازلها المبنية بالطين والقصب متراصة بعضها قرب بعض. في الأزمنة الحديثة، تمددت القرية في اتجاه الغرب، وفي نهاية الانتداب البريطاني، كانت قد اقتربت من قرية الحسينية التي كانت تتوسع صوب الشرق. وبذلك باتت الاثنتان عمليا قرية واحدة مع مرافق مشتركة، منها مدرسة أنشأتها الجمعية المحلية لتطوير القرية. وكان سكان القريتين كلهم من المسلمين، وكانت الزراعة أهم موارد عيشهم، حيث كانوا يزرعون الحبوب والخضر في الدرجة الأولى، وإن كان بعضهم يعنى بتربية الجواميس، والبعض الآخر بصيد السمك. في موسم العام 1944 ـ 1945، كان ما مجموعه 3388 دونما مخصصا للحبوب و22 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين. احتلت تليل كغيرها من قرى المنطقة المجاورة لبحيرة الحولة، في سياق عملية "يفتاح"، ولم يدون الأرشيف الصهيوني شيئا يذكر عن كيفية حدوث ذلك، إلا أن المؤرخ الإسرائيلي بني موريس يقول إن سكانها نزحوا في نهاية نيسان (أبريل) 1948، وكانت القرى المجاورة خلت في معظمها من السكان جراء القصف بمدافع الهاون وحملة الحرب النفسية التي شنت لزرع الخوف من هجوم وشيك، حيث ان هاتين الوسيلتين اعتمدتا إعدادا للاستيلاء على مدينة صفد من جهة، وتحقيقاً لإفراغ الجليل الشرقي من سكانه من جهة أخرى. ويقول الباحث الفلسطيني مصطفى عباسي أن قضاء صفد، الثاني في أقضية فلسطين من ناحية المساحة، وبخلاف ما أشيع، امتلأ بالسكان وعج بالحياة، لافتا الى وجود 93 قرية فيه إضافة لمدينة صفد. ويضيف أن نكبة قضاء صفد بدأت عام 1947 حين بدأت تتعرض لهجوم "البلماح"، القوات الضاربة التابعة "للهغاناه" التي نشطت كتيبتها الثالثة في المنطقة. وقام المستوطنون اليهود بإنشاء مستعمرة "يسود همعلا" الحصينة على بعد 1.5 كيلومترا شمال غرب موقع القرية، أما مستعمرة "حولاتا" التي أسست عام 1937 على أراضي القرية، فهي على بعد كيلومتر إلى الشمال الغربي من موقع القرية. يغلب على موقع القرية كساء كثيف من الأعشاب والنباتات البرية، وفي جملتها بعض أشجار والنخيل. ولم يبق من القرية إلا منزل حجري واحد له بوابة مقنطرة. أما الأراضي المحيطة فيحرثها اليوم مزارعو مستعمرة "حولاتا". وفي تونس، هناك قبيلتان تحملان اسم تليل في ولاية القصرين، القبيلة الأولى تدعى أولاد تليل التي تنتسب إلى الخليفة الراشد عثمان بن عفان، والثانية قبيلة أولاد عسكر، أما بني تليل فيقطنون جنوب الولاية على تخوم قفصة، حيث تقطن قبيلة الهمامّة الهلاليّة.