اشتهر تطريز قضاء يافا بدقته وأناقته، فالغرز منمقه جميله، والرسومات أنيقه معبره، والثوب غايه فى الاتقان، مما يبرر شده اعتزاز نساء المنطقه بأثوابهن، وعند دراسه رسومات التطريز على ثوب هذه المنطقه نلاحظ ان وحداتها الزخرفيه كانت محاطه فى معظم الحالات برسومات لشجره السرو، تماما كما كانت أشجار السرو تحيط ببيارات البرتقال.
ثوب عروس يازور:
وهو ثوب مصنوع من القماش الابيض المطرز بالحرير الغالب عليه اللون الاحمر مع الاصفر والاخضر والازرق والاسود، برسومات وعروق ورد جميله على القبه والجوانب واسفل خلف الثوب.
نبذه تاريخيه
يحتل التطريز الفلاحى فى فلسطين جزء هام من تراثنا الفلسطينى العريق الذى نعتز به والذى يجذر هويتنا الوطنيه ويعزز ملامحها وتميزها.
امتازت المرأه الفلسطينيه وخصوصا الريفيه باتقانها للتطريز واستعماله فى الكثير من مجالات حياتها فقد زينت به بيتها وثوبها وادواتها الخاصه مستوحيه رسوماتها وزخرفتها والوانها من طبيعه بلادها وبيئتها المحليه. لهذا فنحن نرى التطريز الفلسطينى يختلف من منطقه الى اخرى فى تنسيق الالوان والرسومات فلكل منطقه جغرافيه عناصرها ومكوناتها وتشكيلاتها الزخرفيه المستمده منها والمناسبه لها.
يصعب على الباحث تأريخ فن التطريز الفلسطينى وذلك لاسباب مختلفه اهمها ان الاقمشه والخيطان تهترىء مع مرور الزمن, حيث انها غير قابله لمقاومه عوامل الطبيعه التى تعرضها للاندثار. لذلك فقد ندر ان يجد المرء عينات من التطريز الفلسطينى ترجع الى مرحله ماقبل القرن التاسع عشر.
لقد كان لموقع فلسطين المتميز فى وقوعها على تقاطع طرق مؤديه الى اوروبا واسيا وافريقيا الدور الهام فى اثراء هذا التراث الغنى بالاضافه الى الحضارات المتعاقبه على المنطقه من الحضاره الكنعانيه واليابوسيه والعموريه والغزوات الكثيره التى مرت على على هذه الارض.
لقد خضع التطريز برسوماته وانواعه لتغيرات اساسيه مع مرور الزمن، اذ نجد فى القرن التاسع عشر والربع الاول من القرن العشرين ان الانماط والرسومات التطريزيه كانت هندسيه الشكل فى المقام الاول. اما فى الثلاثينات من القرن الماضى فقد بدأت تظهر مؤثرات جديده غيرت فى خصوصيه التطريز التقليدى، مثل خيطان التطريز المصنعه فى اوروبا والتى صاحبتها الكتيبات الخاصه بالتطريز الغربى ووجدت كلها طريقها الى الاسواق الفلسطينيه، فتسربت الرسومات الغربيه مثل الازهار والطيور والحيوانات الى اثواب النساء التقليديه، وقد بان ذلك جليا فى الخمسينات واستمر الى يومنا هذا.
لقد عرفت قرى النساء الفلسطينيات سابقا من اثوابهن بعد ان يتم تفحص الرسومات والالوان المرسومه عليها فقد شكلت الوحدات الزخرفيه على الثوب مؤشرا هاما لمعرفه هويه القريه او المنطقه، فالمرأه تعرف هذه الرسومات جيدا وترث هذه المعلومات من امها وجدتها، فهى تبدأ بتعلم فن التطريز فى سن مبكره فتنغرس فيها ضروره نقل رسومات قريتها على اثوابها، وكما كانت المرأه امينه قى نقل تراث قريتها كانت خلاقه فى التغيير فى تطريزها فاكتسبت الرسومات التقليديه من ذوقها الخاص بدون المساس بالبنيه الاساسيه للتكوين، ومع ان هذه التغيرات كانت بسيطه الا انها اعطت الاثواب رونقا متجددا.
وهناك عامل اخر اثر فى تطور الرسومات التقليديه وهو التزاوج بين ابناء انحاء فلسطين المختلفه، فقد اصبحت النسوه مع اتقالهن مع ازواجهن الى قرى اخرى او منطقه اخرى، ينقلن معهن بعض رسومات قراهن الاصليه الى قراهن الجديده او العكس ويضعنها على اثوابهن.
لقد شجع كذلك تطور وسائل النقل مثل القطارات والباصات اهالى فلسطين على التنقل والتزاور الامر الذى جعل المرأه ترى عن كثب اثوابا اخرى فى مناطق اخرى مما ساهم فى تبادل الرسومات التطريزيه فالمرأه الفلسطينيه متلها مثل غيرها من النساء ترغب فى التجديد وفى خلق عالم جمالى فى لباسها وزينتها.
ومع ان التجديد والتغيير كانا دائما ظاهرين الا نه بقيت بعض الرسومات مقتصره على مواقعها الجغرافيه المحدده فمنطقه رام الله مثلا كانت تعرف باستعمالها رسمه النخله، ومنطقه الخليل بما يسمى خيمه الباشا، ومنطقه يافا برسمه السرو مع قاعده ومنطقه غزه برسمه الوساده او المقص اما بئر السبع ومنطقتها فقد عرفت باستعمالها رسمه الحجب.
ومع ان مثل هذه الرسومات قد تميز منطقه عن اخرى فأننا نجدها ايضا باشكال متعدده وتركيبات مختلفه منتشره فى جميع انحاء فلسطين.
اجزاء الثوب المطرزه
اما بخصوص ترتيب التطريز على الثوب فلم يكن عشوائيا بل مدروسا ويغطى اربع اجزاء رئيسيه من الثوب هى:
1- (القبه): وهى اقرب قطعه الى الوجه، واصلها اللغوى (القب) وهو ما يدخل فى جيب القميص فى الرقاع لكنها تعنى فى اللهجه الفلسطينيه (ياقه الثوب).
2- (الذيال): وهو الجزء الخلفى الاسفل من الثوب واصلها اللغوى (ذيل) وجمعها أذيال، اى ما جر من الثوب اذا سبل.
3- (البنيقه): وهى جانب الثوب واصلها اللغوى (البنيقه) وهى رقعه تناد فى نحر القميص لتوسيعه.
4- (الكم): هو مدخل اليد ومخرجها من الثوب.
انواع القماش والخيوط
كانالتطريز التقليدى يتم على قماش الكتان المنسوج محليا باليد، والمسمى بالرومى او الرهبانى – او على نسيج هو مزيج من الكتان والقطن يسمى احيانا بالقروى – او على قماش من القطن المنسوج بحياكه خاصه لتسهيل عد الخيطان واظهار الغرزه بوضوح، اما بشأن خيوط التطريز، فقد ساد استعمال الخيوط الحريريه المحضره فى لبنان وسوريا فى مزارع للحرير الطبيعى، والتى كانت تصبغ صباغا طبيعيا ايضا ومن بين الاصباغ الطبيعيه التى استخدمت:
النيله – اللون الازرق اوالاسود.
دودة القرمز- اللون الاحمر.
جذور الفوه – اللون الاحمر مابين المعتدل والقانى.
تربه المغرة – اللون الاصفر.
قشور الرمان – اللون الاسود.
قشور شجره الجوز الخضراء – اللون الاخضر.
اعتبر اللون الاحمر اكثر اللوان شعبيه، مع تفاوت درجات هذا اللون من منطقه الى اخرى، حيث كان الاختلاف يعطى تميزا اضافيا لخصوصيات المنطقه. فمثلا تميزت مناطق رام الله ويافا باستعمال الاحمر النبيذى والخليل باستعمال الاحمر الضارب الى البنى وغزه باستعمال احمر يضرب الى البنفسجى وبئر السبع وسيناء باستعمال احمر يضرب الى البرتقالى.
فى حوالى سنه 1930 استورد تجار فلسطين الخيطان المصنعه فى اوروبا، وبدأت تحل شيئا فشيئا مكان خيطان الحرير الاصليه اللماعه والجميله. لقد ادخلت هذه الخيطات والكتيبات الاروبيه للزخارف القادمه معها الثوب الفلسطينى فى مرحله جديده وعهد جديد.
الثوب بعد النكبه
أثرتنكبه فلسطين والحروب المتتاليه على المنطقه، على سير وتطور التطريز، فبعد ان كان مقتصرا على القريه الى حد كبير، انتقل منها الى المدن والبلاد العربيه الاخرى التى نزح اليها الفلسطينيين، وقد ترك هذا الاغتراب عن الوطن وتفرق شمل العائله الفلسطينيه أثاره على كافه نواحى الثقافه والحضاره الفلسطينيه، لقد اضطرت المرأه الفلسطينيه فى كثير من الاحيان عن التخلى عن دورها التقليدى والمقتصر الى حد كبير على اعمال المنزل ورعايه الاسره واصبح لزاما عليها العمل على حمل الاعباء الجديده واهمها المشاركه فى زياده دخل الاسره. وهنا لجأت الى مهارتها فى التطريز لانتاج قطع فنيه مطرزه تبيعها وتستعين بريعها للصرف على احتياجات عائلتها مما ادى الى ادخال اشياء جديده على الثوب حسب الطلب او المنطقه المسوق فيها.
لقد اثرت الاحداث الفلسطينيه على التطريز وفن الثوب الفلسطينى فقد ادخلت الانتفاضه من بدايتها سنه 1988 ثوب جديد سمى بأسمها (ثوب الانتفاضه) يزين هذا الثوب عدا عن الرسومات التقليديه، رسومات مطرزه لخارطه فلسطين والعلم الفلسطينى واغصان الزيتون وحمامه السلام وقد ظهر فى منطقه الخليل وانتشر ارتداؤه فى سائر قرى فلسطين وتعداها الى الخارج حيث تواجد الفلسطينيين.
توزيعات التطريز ومناطقه الرئيسيه
مما لا شك فيه بان التطريز الفلسطينى منتشر فى جميع مناطق وقرى ومدن فلسطين وهناك سمات مشتركه تجمع جميع الاثواب الفلسطينيه فى جميع المناطق من حيث استخدام اللوان او الاشكال المحدده مع احتفاظ كل منطقه بسمات اخرى مميزه لها عن المناطق الاخرى واحيانا تميز قريه عن الاخرى ومن نفس المنطقه عن جاراتها من القرى برموز خاصه بها.
وحتى لا نقع فى التشعب والتوهان فقد قسمنا مناطق فلسطين الى سته اقسام رئيسيه تتمايز فى بينها من حيث الخصوصيه فى التطريز وتتفرع منها مدن وقرى اخرى لها خصوصيتها ايضا قيما بينها.
مناطق التطريز/
1- منطقه القدس – وتتفرع منها منطقه رام الله وبيت لحم.
2- منطقه الخليل.
3- منطقه الشمال – تتفرع منها منطقه عكا – صفد – طبريا.
4- منطقه بئر السبع – تتفرع منها شمال سيناء.
5- منطقه يافا - تتفرع منها اسدود – صرفند – بيت دجن – السافريه – يازور – يبنه.
6- منطقه غزه – المجدل – هربيا - بيت لاهيا – دير البلح – خانيونس.
ملاحظه هامه:
هناك قرى كثيره جدا فى فلسطين لها اثواب ولكننا سجلنا فقط القرى التى نملك لاثوابها صور وعدم ذكر قرى اخرى لايعنى تغيبها او تجاوزها ولكن لاننا نفتقد لصور اثوابها حاليا فهى كثيره وكثيره جدا. وسيتم اضافتها تباعا واثراء الموضوع كلما حصلنا على الجديد.
المصدر: منتديات جنيفا http://genevaa.yoo7.com/t37557-topic#ixzz2UPyWT99g