جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
تناولت طعامها وارتدت ملابسها وخرجت للعب أمام المنزل مع أشقائها وأبناء عمها هربًا من درجات الحرارة المرتفعة، ولتروح عن نفسها وتضيع أوقات انتظار والديها المسافرين خارج البلاد في رحلة علاج، لكن هديل لم تعد هذه المرة لتخلد إلى النوم بعد أن اختطفها صاروخ إسرائيلي بشراسة"، كلمات خرجت بحرقة من أم أحمد الحداد جدة الشهيدة. حالة من الصدمة والاندهاش وعدم التصديق لما حدث للطفلة الحداد التي لم تبلغ العامين، سادت داخل منزل العائلة في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة والذي اتشح بالسواد من قبل المعزين من عائلة الشهيدة وجيرانها وأقاربها. لعبة الموت ويطلق أبو عدنان عم الشهيدة تنهيدة ودموعه تنهمر على خديه، ويقول: "ابنة أخي هديل صغيرة جدًا لم تؤذ (إسرائيل) وغير قادرة على ذلك فهي رضيعة، ولكن هم قتلة لا يرحمون أحدا قتلوها بدم بارد واستهدفوا المكان القريب من المنزل الذي كانت تلهو فيه مع أبنائي لتصيبها شظية في رأسها لتنطلق روحها إلى بارئها فورًا وتصعد إلى السماء تشكو لربها ظلم قتلتها". لم يستطع عمها إكمال حديثه عن المجزرة التي ارتكبت بحق ابنة أخيه ليعرفنا على والدته "أم محمد" جدة الشهيدة التي تحدثت بصعوبة لنا نظرًا لعدم قدرتها على السيطرة على نفسها نتيجة لاستشهاد حفيدتها في ظل غياب والديها. وتقول الجدة: "هديل خرجت للعب أمام بوابة المنزل ولكن ليتها ما خرجت وبقيت، لكن قدر الله وما شاء فعل". وتوقفت الحاجة أم محمد عن الحديث وضمت أشقاء هديل إلى صدرها وغرقت في البكاء، ورفعت أيديها إلى السماء وأطلقت دعاءً على جنود الاحتلال الإسرائيلي وقتلة حفيدتها التي لم يتم فطمها بعد، وطالبت المقاومة بأخذ الثأر منهم. وطلب أحد أشقاء هديل " الدخول إلى غرفتهم ورؤية المكان الذي كانت تنام فيه شقيقته الشهيدة وألعابها البسيطة المتناثرة في الغرفة وصورها بصحبة أشقائها، وأشار إلى إحدى الصور ،وقال: "هديل تقف في النص يا عمو بس هلقيت خلص ما راح تكون بينا هي راحت على الجنة". ومع وصف هذا الطفل وحديثه لشقيقته هديل عاد العم أبو عدنان ليغرق في الدموع مرة أخرى حزنًا على ابنة أخيه، وتأثرًا بابن شقيقه الذي لا يعلم بأن شقيقته قد انتهت حياتها مع نزول هذا الصاروخ أمام المنزل. أما عدنان الطفل الذي كان يرافق هديل خلال لعبها وأثناء إصابتها بشظية الصاروخ، وبدأ حديثه بكلمات توحي بأن حالته النفسية لا تزال مضطربة، ليصحبنا إلى مكان استشهادها ويقول: "هي دمها على الأرض موجود وعلى الحائط مش راضي يروح". ويكمل عدنان وصفه للحظة استشهاد ابنة عمه بكلمات متناثرة: "كنا نلعب أمام المنزل كعادتنا في كل يوم، وفجأة سمعت صوت انفجار، وشاهدت الدم يسقط من رأس هديل ولم أسمع صوتها بعد، وقمت بالصراخ حتى أخذني أبي إلى مكان آخر".
المصدر: صحيفة فلسطين