نقطة تحديدها على الخريطة 2585/2005 يعرف الموقع باسم خان جب يوسف حيث كانت تستريح القوافل وهو قرية عربية تقع جنوب شرق صفد على طريق عكا ـ دمشق ترتفع 240 متراً عن سطح البحر وتشرف على سهل الطابغة. كما يقع إلى الشمال منها كيبوتس عميعاد، على الحد الفاصل بين السهل والجبل إلى الشمال منه توجد جبال الجليل الأعلى صفد وأمامه سهل الطابغة (جنوسار).
كانت طرق التجارة والنقل الداخلي تتمركز حول عقدتين أساسيتين للمواصلات في عهد المماليك هما صبتا الجندين (الولايتين) طبريا والرملة مع مركز إضافي هو القدس.
العقدة الأولى طبريا: وتتوزع فيها شبكة طرق تذهب إلى المواقع التالية:
1 ـ إلى دمشق عن طريق ضيق ـ جاسم، الكسوة، دمشق.
2 ـ طبريا، بانياس، قدس.
3 ـ طبريا، جب يوسف، كفر كيلا، مرجعيون، القرعون، عنجرن بعلبك.
4 ـ طبريا، الجش، صور.
5 ـ طبريا، عكا.
6 ـ طبريا، طريق اللجون، قلنسوة، الرملة.
7 ـ طبريا، بيسان، تعاسير، نابلس، القدس.
كان الطريق التجاري عبر فلسطين الذي يربط دمشق بالقاهرة هو طريق القوافل الرئيسي قبل استخدام البواخر وشيوع النقل البحري في القرن التاسع عشر الذي أفقد هذا الطريق البري كثيراً من أهميته حتى بالنسبة لدمشق، التي أصبحت تنقل إليها البضائع ومنها عبر بيروت بطرق برية وحديدية حديثة.
ونظراً لأهمية الطريق التجاري عبر فلسطين قبل ذلك عمدت الحكومة العثمانية إلى تقوية سلطتها في فلسطين لحماية الطريق ببناء الحصون والقلاع وإقامة الحاميات العسكرية فيها كما بنت فيها النزل جمع (منزول) أو الخانات وهي محطات لراحة المسافرين على الطريق الرئيسية ومن هذه الخانات أو المنازل: خان جسر بنات يعقوب، خان جب يوسف، خان المنيه، خان عيون التجار
أما خان جب يوسف فقد ذكره المقدسي في القرن الرابع الهجري في كتابه "أحسن التقاسيم" بأنه كان محطة من المحطات الواقعة على طريق دمشق، يليه في المنزل بانياس الذي نزل فيه صلاح الدين الايوبي.
وذكره ابن بطوطة سنة 1355م، في رحلته حيث قال: وقصدنا من طبريا زيارة الجب الذي ألقى فيه يوسف وهو صحن مسجد صفد وعليه زاوية والجب كبير عميق شربنا من مائه المتجمع من المطر وأخبرنا (قَيّمه) الذي يحافظ على المقام، أن الماء ينبع منه أيضاً، كما ذكره الرحالة الألماني Samuel Kiechel صموئيل كتشل سنة 1587م، في رحلته من سوريا إلى فلسطين حيث قال "بعد القنيطرة مررنا بجسر بنات يعقوب حيث يقوم هناك خان وانتقلنا منه إلى خان آخر فيه جامع صغير يسمى (جب يوسف)".
أما ارحالة أكيلانت روشيتا الإيطالي Aquilante Riccetta فقد قال أثناء رحلته في أوائل 1599 أنه اتجه من سعسع في سوريا نحو جسر بنات يعقوب ويصف الخان هناك بأنه في حالة سيئة ثم يصف جب يوسف بأنه وسط خان قديم على شكل دير مربع يبلغ طول جانبه الواحد مائتي خطوة وعلى مرمى بندية منه يوجد جامع صغير خرب.
وفي كانون الأول سنة 1670 قال الرحالة إبراهيم الخياري في كتابه تحفة الأدباء وسلوة الغرباء (1628 ـ 1762) وهو شافعي من المدينة المنورة يقول: توقفنا في القنيطرة بمناطق سهلية تلتها أخرى جبلية وعرة فيها آثار خرائب إلى أن وصلنا إلى جسر بنات يعقوب ثم تابعنا سيرنا في أرض صعبة المسالك إلى أن وصلنا إلى خان معمور وعند باب الجب اليوسفي وهو مبني بالحجارة وتعلوه قبة وله أبواب وبجانب البئر مسجد أما الخان ففيه أماكن خربة.
أما الشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسي الذي عاش 1640 ـ 1731 وهو عالم دمشق وفقهيها وقد كتب كتابين هما:
1 ـ الحضرة السنية في الرحلة القدسية 1690م.
2 ـ الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر والحجاز سنة 1693.
فقد زار الخان في 28 آذار سنة 1690 وقد خرج مع جماعة من أصحابه في قافلة من دمشق إلى فلسطين ووصلوا في اليوم الرابع إلى جسر بنات يعقوب الذي يصفه أنه مبني من الحجارة وبقربه خان ووصل في اليوم الخامس إلى جب يوسف ويذكر وجود خان عامر البناء وعلى الجب قبة لطيفة البناء وبالرب منه مسجد للصلاة.
أما الشيخ مصطفى الصديقي البكري فقد ذكر في كتابه "الخمرة الحسية في الرحلة القدسية" أنه في 20 آذار سنة 1710 أثناء وجوه في بالقنيطرة كان خطر قطاع الطرق قائماً مع انهيار الأمن في هذه المنطقة القريبة من دمشق والتي لم يسبق للرحالة من القرنين السابقين أن ذكروا وجود خطر البدو فيها، ويذكر مبيته في الخان عند جسر بنات يعقوب ثم وصوله إلى جب يوسف وقد بات فيه ويصفه بأنه ضيق وأشار إلى بركة ماء واسعة ينتفع بها المارّة بجانب الجب.
في حزيران سنة 1812 مر بهذه البقعة الرحالة السويسري بيركهاردت وقال عنها: يقع الخان في سهل ضيق والخان أخذ بالانهيار بسرعة وعلى مقربة منه بركة واسعة وهنا ترى البئر التي يقال أن البناء يعقوب ألقوا أخاهم يوسف فيها وهي في فناء صغير بجانب الخان يبلغ قطرها 3 أقدام وعمقها 30 قدماً وهي منحوتة في الصخر، تحيط بالمنطقة قطع كبيرة من الحجارة السوداء (البازلتية) وتنزل فيها قوافل المسافرين لتستريح، يقع الخان على الطريق الرئيسية الممتدة من عكا إلى دمشق ويقيم فيها ستة من الجنود المغاربة الذين يزرعون الحقول القريبة منه.
تحيط بالمنطقة عدة خرب مثل خربة العكيمة، الشيال، الطباق، الرميثات، وخربة خان الباشا.
معركة جب يوسف سنة 1937
كانت طبيعة هذا الموقع تجعله محاذياً لطريق صف ـ طبريا الرئيسية وطريق صفد ـ الحولة وقراها في الشمال الشرقي. أما الانسحاب من الموقع في بر صفد فهو أمر يسير في المنطقة الوعرة التي لا تصلها السيارات وتؤدي إلى حارة الوطاة على مسافة لا تزيد عن أربعة كيلوترات. وهي معقل المرحوم قائد المجموعة (عبد الله الشاعر) وكان بصحبته في هذه الموقعة الشهيد عبد الله الأصبح. وتمت في هذه الموقعة مهاجمة سيارة نقل يهودية بحراسة سيارتين للشرطة البريطانية.
سكن المنطقة عرب السياد وكانوا يملكون 11000 دونم وقد استقر هناك وبنوا بيوتهم من اللبن والحجارة البازلتية والكلسية وبلغ عددهم سنة 1945 (170) نسمة وفي سنة 1948 طردوا من القرية وهدمت القرية بكاملها، وأقيم على أراضيها كيبوتس عميعاد.
المصدر: كتاب من قرانا المهجرة في الجليل