المحرقة
الموقع:
المحرقة قرية عربية كانت تتبع قضاء غزة قبل عام 1948م، تقع إلى الشرق من غزة على بعد حوالي 18 كيلوا متراً منها، ترتفع حوالي 125 متراً عن سطح البحر، وتحيط بأراضيها أراضي قريتي هوج والكوفخة، وأراضي غزة وبئر السبع من الغرب والجنوب، ويقول كبار السن من أهالي القرية أن أراضي قريتهم كانت أراضي "جفتلك" أي أنها كانت تابعة للسلطان العثماني عبد الحميد الذي منحها لبعض أهالي القرية من سكان غزة ويضيف أهالي القرية أن بعض السكان من غزة قاموا بشراء بعض الأراضي من المنطقة المذكورة من البدو الذي كانوا يعيشون في تلك المنطقة وبجوارها وذلك في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وفي عام 1948م دمرت القرية وأقيم على أراضيها مستعمرة ياخيني .
المساحة والسكان:
بلغت مساحة أراضي القرية في أواخر عهد الانتداب البريطاني 4855 دونماً، أما مساحة القرية نفسها فقد بلغت 290 دونماً، في عام 1922م بلغ عدد سكان القرية 204 نسمة وفي عام 1931م بلغوا 419 نسمة، وفي عام 1945م فقد بلغوا 580 نسمة جميعهم عرب مسلمون.
الحياة الاجتماعية:
عاش أهالي المحرقة مع بعضهم بعضاً كأسرةٍ واحدة، فكانوا متعاونين متحابين خصوصاً وإنهم قدموا من منطقة واحدة سعياً وراء الرزق، وضمت القرية العائلات التالية "المشهراوي، الفيومي، ضاهر، وادي، جحا، عبد العال، البيطار، خضير، القطاع، الميناوي"، وقد عرفت المحرقة العديد من المخاتير من أواخر العهد التركي، وفي عهد الانتداب البريطاني منهم "محمد عثمان المشهراوي، ومحمد مصطفى عبد العال، وهاشم درويش المشهراوي، ومحمد خليل المشهراوي، وقاسم ضاهر".
كان لأهالي المحرقة علاقات طيبة مع البدو المحيطين بالقرية، وهم "عرب القطاطوه، وعرب التيايه (الشيخ ابراهيم العقبي)، عرب الطلالقة، وعرب العِر".
كان لعائلة عبد العال وهي من عائلات المحرقة المرموقة هواية الصيد البري والتي كان الكثير من أبناء عائلات غزة يزورون المحرقة لمرافقة أبناء عائلة عبد العال للذهاب في رحلات صيد بري وكان من هذه العائلت عائلة سيسالم والكثير من أعيان النقب وأعيان غزة في ذلك الوقت.
الحياة الاقتصادية:
كانت المهنة الرئيسية لأهالي القرية الفلاحة، فقد اشتهرت القرية بزراعة الحبوب على مياه المطر إلى جانب زراعة بعض الخضروات وأشجار الفاكهة زراعة غير مروية، وتربية المواشي والدواجن ، كانت المياه في القرية شحيحة، فقد افتقرت القرية إلى الآبار الجوفية، ولم يكن في القرية إلى بئر واحد هو بئر القرية عنقه 90 متراً، وقد حفره وأعاد إعماره محمد الفيومي، حيث اعتاد الأهالي اخراج الماء بالطريقة التقليدية المعروفة بواسطة الدلو والحبل الذي يسحبه الجمل، وكانت المياه تتجمع في "جابية" بجانب البئر وفي بداية الأربعينيات استخدم ما تور لضخ المياه وإخراجها ولكن كميات المياه المستخرجة كانت لا تكفي احتياجات السكان الأمر الذي جعل الكثيرين منهم يخزنون مياه الأمطار في الهربات وكان عددها في القرية حوالي خمسين هرابة، كانت الأراضي الزراعية موزعة على أهالي القرية، وكان لهذه الأراضي أسماء معروفة، مثل "القصيبة، العريض، شِعب النوَّر، أم عمار، الرسم، البطيح أو بطيحة، السَطح، وأرض ابن بري، والشهبة، والخطَّابية، والمرابية أو أم رابي، الرباعية، حيلة القسية، البستان.
لم يكن في القرية سوق يعقد بل كان الأهالي يذهبون للسوق في غزة والذي كان يعقد كل يوم جمعة، كانت الحرف والمهن في القرية محدودة، فقد وجد في القرية بعض الدكاكين البقالة (5 دكاكين)،كان من أصحابها "هاشم محمد علي المشهراوي، وعطا جعرور، ومحمد القطَّاع"، وكان العرب البدو المحيطين بالقرية يشترون حاجياتهم ولوازمهم من هذه الدكاكين، ووجد في القرية مطحنة للحبوب، كانت تملكها عائلة المشهراوي، وكانت المنتوج من الحبوب يتم بيعه وتسليكه إلى كبار التجار من القرى والمدن الأخرى، وقد عرفت القرية الكثير من هؤلاء التجار ومنهم "الحاج عبد الله السرساوي من حي الشجاعية، وسالم الشيخ من حي الشجاعية، وديب سالم عيسى من برير".
التعليم:
عرف أهالي المحرقة التعليم من خلال بعض المشايخ الذين كانوا يعلمون الأطفال القراءة والكتابة والحساب وحفظ القرآن -الكتَّاب- كان التلاميذ يتلقون تعليمهم في جامع القرية ثم انتقلوا إلى أحد دواوين آل المشهراوي في وسط القرية، وفيما بعد تعلموا في بيت توفيق البيطار، كان الطفل يستمر في التعليم سنتين أو ثلاث سنوات ثم يخرج من المدرسة ولم يكمل معظم التلاميذ تعليمهم خارج القرية، من المدرسين الذين عملوا في المحرقة نذكر "الشيخ بدر عمار من غزة، والشيخ خالد سرحان من برير، والشيخ محمود جحا من المحرقة، والشيخ جميل المجدلاوي من المجدل، والشيخ حسن لبد من المجدل" أما التلاميذ الذين أكملوا تعليمهم في غزة "مسعود منيب المشهراوي، والعبد جحا".
الصحة:
لم يكن في القرية أي عيادات أو مراكز صحية، بل كان المرضى من الأهالي المحتاجين للعلاج يذهبون إلى غزة، وقد اعتمد السكان على الطب الشعبي لمداواة مرضاهم سواءً كانوا صغاراً أو كباراً، كان في القرية بعض الدايات اللواتي كنَّ يقومن بتوليد النساء نذكر منهن "عائشة خليل المشهراوي، وعزيزة عبد العال، وأم ابراهيم الوادي".
جامع القرية:
كان في القرية جامع واحد في وسط القرية ليس له مئذنة مساحته حوالي 300 متر مربع، له باب واحد يفتح نحو الغرب.
المستعمرات القريبة:
كانت أقرب مستوطنة يهودية للقرية هي مستوطنة "أم الجديان" التي كانت تبعد عن حدود أهل القرية حوالي 2 كيلوا متر إلى الشمال الغربي.
النزوح والرحيل:
يقول أهالي المحرقة أنه في يوم من أيام الحصاد 27/ أيار/1948م قام اليهود بشن هجوم في الليل من الجهة الغربية، وكانوا قادمين من "مستعمرة أم الجديان"، وألقوا بقنابل دخانية وأطلقوا النيران، وكان في القرية عدد من المسلحين الذين قاموا بالدفاع عن القرية ولكن دون جدوى، ثم انسحب اليهود وحاصروا القرية وتركوا الجهة الجنوبية مفتوحة، ولم يجد الأهالي سبيلاً سوى النزوح والرحيل، خصوصاً بعد ما سمعوا الكثير عن ما جرى ويجري في القرى والمدن الأخرى، فاتجهوا إلى غزة وقد استشهد عدد من أهالي المحرقة سنة 1948م نذكر منهم " الشهيد راشد أسعد المشهراوي، والشهيد ابراهيم محمود المشهراوي، والشهيد أحمد حامد المشهراوي وأيضا عدد من الشهداء من أبناء العائلات الأخرى والجرحى الذين أصيبوا ".
مكان التواجد:
يتركز أهالي المحرقة في مدينة غزة، ويوجد عدد منهم في الدول العربية، وقد تعلم الكثير من أبناء المحرقة –بعد 1948م- تعليماً عالياً فمنهم الأطباء والمدرسون والمهندسون.
اللهم حرر جميع الأراضي الفلسطينية من دنس اليهود الغاصبين.
أرسلها: هاني ربحي أحمد عبد العال