هو علي محمد علي قدورة وزوجته زينب شحادة الجشي
من مواليد سحماتا عام 1924م
لطالما أحسست بشيء يثقل صدره ويبكي عينيه، ولكن لم أكن أفهم ما سر ذلك الأمر، فطالما برّرت ذلك بأنه يبكي على عمره لأنه أصبح طاعناً في السن، أو شيئاً من قبيل ذلك.. لكنه رحل قبل أن أعرف ما سر تلك الدموع. كان يشعر بمرارة غُربتين: غربة الأهل، وغربة الوطن، لطالما كان يحس نفسه غريباً بينا مع أننا أهله، مواسياً نفسه بدموع يذرفها على فراق وطنه وغربة إخوته، علّ هذه الدموع تجد سبيلاً لإطفاء شيئ من حنينه وشوقه..
عمل جدي لسنوات عديدة في مهن مختلفة ليرسى به الحال إلى الجلوس في البيت بعد سنوات من الجهد، كنت صغيراً عندما كان في أوج شبابه، ولكني كنت معاصراً له في سنوات هرمه.
(وإنني اليوم أقول كما قال الحاج التونسي: لأننا هرمنا من أجل أن نبصر اللقاء)، هذا ما كان عليه حاله، كان جدي الوحيد من بين إخوته الذي استقر في سورية، أما القسم المتبقي منهم فاستقر في لبنان.
لطالما حاول أولاده إقناعه بالذهاب ولقاء إخوته في لبنان بعد طول غياب، لكن رده كان دائماً بالرفض، مبرراً بكلمات لم يكن لها مبرر سوى أنه لايريد أن يشعل نيران حنين لطالما اعتاد أن يطفئه بدموعه الحزينة. ولسوء حظه، وافق أخيراً بالذهاب إلى لبنان قبل سنوات قليلة من وفاته ليلتهب شوقه من جديد بعدم السماح له بالدخول إلى الأراضي اللبنانية.
هذه كلمات بسيطة عن غربة جدي وشوقه للقاء من جديد. أما عن أيامه التي قضاها في غربته فقد كانت مفعمة بحب الناس وحب أولاده له لكنه كان لايحب الخروج كثيراً من منزله.
توفي جدي في صيف عام 2003 ليوارى الثرى في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك، راوياً ئرى الأرض بدموعه المتألمة، لكن دموعه تلك لم ولن ترحل من قلوبنا..
رحمك الله ياجدي وأسكنك اللهم فسيح جنانه.
علي عمر علي قدورة
30/6/2011