المحتوى |
(مغلس) قضاء الخليل
تهدف هذه الدراسة إلى إعطاء صورة واضحة عن بلدة مغلس إحدى قرى الخليل التي هاجر أهلها عام النكبة 1948م,والتي كانت منذ القدم تزخر بالحياة والرخاء إلى أن تفرق أهلها في المدن والقرى والمخيمات غربي النهر وشرقيه. لقد كانت قرية مغلس مزدهرة بأهلها الذين فتحوا مضافاتهم وبيوتهم لعابري السبيل , يلقونهم بالبشاشة والترحاب وطيب المعاملة. نعم لقد أرادوا لهذا الوطن أن يمحى من التاريخ أو تزور حقيقته فيلبس غير ثوبه, لكنه حي ثابت ضارب بجذوره في أعماق التاريخ بأرومته الخالدة التي تفصح عنه بطبيعتها , وها هي قرية مغلس عبر هذه الحلقة تتحدث عن نفسها من بطون الكتب والموسوعات الفلسطينية والوثائق التي لم تنشر بعد والرواية الشفوية , وخصوصا من فم المربي الفاضل الأستاذ محمد سعيد جبر أبو عجمية( أبو هشام) الذي تربع على كرسي التعليم 43 سنة وما زال قلمه سيالا. التقيت المربي الفاضل في بيته العامر في مدينة الخليل وكان يرافقني في هذا اللقاء الأستاذ عمار إسحاق النتشة أحد مسؤولي مكتبة بلدية الخليل العامة وكان اللقاء وتيقنت أن الذاكرة الفلسطينية لا يطويها النسيان مهما تعاقبت الأجيال وتوالت الأيام وها هو الأستاذ أبو هشام ابن قرية مغلس يتألق قولا وفعلا وإنجازا حاملا شواهد الماضي من تاريخ وجغرافيا وتراث قرية مغلس البلد الطيب أهلها.
التسمية
تقول الرواية الشفوية أن اسم مغلس بضم الميم وفتح الغين وكسر اللام المشددة وسين هو الاسم الموروث عن الاباء والأجداد الذين قالوا أن هذا الاسم اشتق عن الموقع الذي وصل إليه عمرو بن العاص رضي الله عنه عند محاربته الرومان في اخر الليل حيث أمرهم القائد عمرو أن يناموا في هذا الموقع عندما أغلس أي سار بغلس والغلس ظلمة اخر الليل واللهجة العامية تقول لمن لا يرى في الليل يقال له مغلس فيعتقد أن هذا الموقع الذي أغلس فيه القائد وجيوشه مع الأيام حول الموقع إلى اسم مغلس والله تعالى أعلم.
لكن مؤرخنا مصطفى الدباغ رحمه الله صاحب موسوعة بلادنا فلسطين يقول أن مغلس اسم علم لم نهتد لمعرفة السبب الذي نسبت إليه القرية ويذكرنا الدباغ رحمه الله بأبي الحسن سري ابن المغلس السقطي وكان معروفا في زمانه بالورع والزهد وفقيها في علوم التوحيد وكان من أهل بغداد وهو خال أبي القاسم الجنيد وأستاذه توفي 251هـ في بغداد.
الموقع
تقع قرية مغلس في قضاء الخليل وهي في أقصى الشمال الغربي منه على بعد 30 كيلو مترا من مدينة الخليل وتعتبر القرية من قرى العرقيات التي لها أرض في السهل والجبل وكانت حتى عام 1939م تتبع قضاء الرملة لكنها حولت إلى قضاء الخليل بعد ذلك, وكانت القرية تتصل بالقرى المجاورة بطرق ترابية أهمها طريق القوافل القديم الذي يصل بلدة بيت جبرين بمدينة الرملة , وبنيت قرية مغلس على تلة ترتفع 200م عن سطح البحر وهي تشرف على امتداد السهل الساحلي غربا وتواجه السلسلة العريضة لجبال القدس .
المساحة والحدود
ذكرت الوثائق الفلسطينية وخريطة فلسطين أن مساحة أراضي قرية مغلس عام 1944/1945 بلغت "11456 " دونم ومسطح القرية "150" دونم ومنها "173" للطرق والوديان ولا يملك اليهود فيها شيئا, ويحدها من الشمال قرية جيليا قضاء الرملة وقرية إذنبة من الشمال والشمال الغربي وهي أيضا من قضاء الرملة , ومن الغرب والجنوب الغربي قرية تل الصافي , ومن الجنوب والشرق قرية عجور.
مغلس قبل أربعمائة سنة تقريبا:
كانت قرية مغلس مزدهرة بأهلها خصبة أراضيها ففي عام 1596م كان فيها 77 عائلة ورب كل أسرة يدفع ضريبة مزروعاته وكانت قيمة الضريبة 25% وكانت القرية تتبع ناحية الرملة التابعة إلى لواء غزة وذلك مع بداية الحكم العثماني, وقد اشتهرت بالزراعة الصيفية والشتوية, وفيما يلي كمية الضريبة التي كانت تدفعها قرية مغلس آنذاك: دفعت بدل ضريبة الحنطة "القمح" 6250 أقجة, و2100 أقجة على الشعير , و1600 أقجة على الأشجار والفواكه المثمرة , و1660 أقجة على السمسم, و670 أقجة رسوم الزواج بالإضافة إلى 700 أقجة ضريبة الماعز. والأقجة عملة تركية مصنوعة من الفضة وكانت في بداية العهد العثماني غالية الثمن ولها قيمتها الشرائية العالية, ولكن خف وزنها وقل عيارها في نهاية الدولة العثمانية.
خرب قرية مغلس
هذه القرية بالرغم من صغرها إلا أنها مشهورة بخربها الأثرية, وهذه الخرب تحتوي على أساسات لبيوت قديمة ومدافن وصهاريج ومن هذه الخرب:
1- خربة العويمرية: تقع في جنوب القرية وتعرف باسم خربة عمورية وبها بقايا برج وعقود وبيوت مهدمة, وقد عثر في عهد الانتداب البريطاني في هذه الخربة على اثار رومانية.
2- خربة الصغير: تقع هذه الخربة في الجهة الجنوبية من القرية وتحتوي على أساسات لبيوت قديمة مهدمة وصهاريج وتكثر فيها المغاور والآثار القديمة.
3- خربة السمراء: تقع غرب القرية وتحتوي على أمقاض جدران لبيوت قديمة ومغر وبئر ماء.
4- خربة الشاة: تقع في جنوب القرية وتحتوي على بقايا محلات وصهاريج ومغر منقورة في الصخر وترتفع 200 متر عن سطح البحر وفيها أبراج للحمام.
5- خربة فراد: وهذه الخربة شمال القرية ويكثر بها المغر المنقورة في الصخر وأحجار قديمة والفخاريات واثار لبيوت قديمة.
6- خربة عطربة: تقع هذه الخربة في جنوب القرية وتضم رجوم"أكوام" من الحجارة.
7- خربة دير البطم: وهي من الخرب المشهورة في قرية مغلس وتحتوي على اثار رومانية مثل أساس للبناء وأبراج وصهاريج ومغر.
مغلس من القرى الموقوفة على مصالح المسجد الإبراهيمي
حظي المسجد الإبراهيمي في الخليل بأوقاف واسعة الانتشار في فلسطين الى جانب أوقافه في القاهرة وحلب وغيرها من ولايات الدول العثمانية وذلك لما له من مكانة دينية مرموقة عند المسلمين, وفي فلسطين حوالي 170 موقع من القرى والمزارع والمدن الموقوفة ومنها أكثر من النصف موقوفة كاملة مثل: مغلس, بني نعيم, زكريا , حلحول, الظاهرية, أرطاس, برير, عبسان الكبيرة والصغيرة, صوبا, يطا, بيت أولى, نوبا, أم خالد, دير غسانة, القباب, اللطرون, دير عمار, قباطية, طفر قاسم, بيت نوبا, بيت نبالا.
مغلس والنكبة
وصل إلى مسامع أهل القرية أن القوات اليهودية ستقوم بهجوم واسع على القرية فخرج أهالي القرية إلى منطقة أم المغر وهي منطقة مليئة بشجر الخروب والمغر, والقوات الإسرائيلية في تلك الفترة شنت هجوما كبيرا في المنطقة ومن ضمنها ما احتلته كان مغلس وكان أهل القرية مرابطين حولها نتيجة بث الذعر واقتراف المجازر في مناطق من فلسطين ينتظرون الرجوع إليها, وقد استشهد مصطفى أحمد المغالسة وأسر عدد من أبناء القرية منهم عبد القادر خالد أبو عجمية ومحمد عبد القادر وأحمد عبد القادر وحسن خليل حسن وأيوب إسماعيل أيوب. وهكذا هجر أهالي قرية مغلس وهم لا يعلمون شيئا عن غدهم تاركين ورائهم الأرض اعز ما يملكون غارقين في البحيرة لما أصابهم وحلّ بهم موزعين في البقية الباقية من الوطن الغالي والأردن وشتى أطراف العالم على أمل العودة إلى بلدتهم مغلس إن شاء الله.
جريدة القدس
الأحد 29/5/2010
منقول بواسطة احمد خليل احمد ابوعجمية الدعجاني
|
Preview Target CNT Web Content Id |
|