جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
أشرقت أرض فلسطين بمولد فادي التيني بعد أن جابه في رحم أمه الموت والعياء فنالت ما نالت منه من التعب والمرض إلى أن أنجبته وبمشيئة خالقه في تاريخ 5/3/1979م. ترعرع شيخنا البطل في قرية شويكة البسيطة التركيب في عائلة محافظة مكونة من عشرة أفراد من ذكور وإناث. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدرسة شويكة الثانوية للبنين أنهى فيها تعليمه السنة تلو الأخرى حتى شارف على شهادة الثانوية العامة فقطع طريقه للعمل والكد والتعب لعدة سنوات ومن ثم إلى طريق الكفاح والجهاد. نمى جسد الشيخ المجاهد وروحه الطاهرة على غضب ومقت وحقد دفين لقوات الاحتلال الغاشمة التي حرمته من رؤية أخيه أنور التيني ابن 13 ربيع بتاريخ 31/12/1988م حيث استشهد جراء عيار ناري في الرأس أقعده مدة 25 يوما في مستشفى المقاصد حتى تغمده الله برحمته واستشهد.
تفجرت ثورته وزاد حقده وغضبه، بدأ كفاحه ونضاله كغيره من أقرانه رشق الجيبات العسكرية والآليات المدرعة ونصب الكمائن الصغيرة ورمى العبوات الحارقة ليثبت رفضه لهذا العدو الغاشم، حتى نمت طموحاته وقرر توسيع عملياته قام فادي بفتح محل لبيع قطع المركبات المستوردة كد الكثير الكثير إلى أن بدأ يثمر هذا العمل ثماره وجنى منه ما جنى فكان هدفه الوحيد وأمله الوليد أن يبتاع قطعة من السلاح يطفئ فيها نار قلبه وحقده الدفين على من عذب أشقائه الشهيد منهم والأسير والمعذب والسقيم. فذاك أخوه البكر البالغ من العمر (32 عاماً) حرمته قوات الاحتلال من حياته الزوجية اعتقلته قوات الاحتلال قبل زواجه بفترة وجيزة مكبل الأيدي والأرجل مغمى الأعين ولكن بكرامة وعزة بتهمة شريفة ترفع لأجلها الرؤوس، وحكم عليه أربع سنوات يقضيها حتى الآن. داهمت قوات الاحتلال منزل الشيخ المغوار مرات عديدة تدمر ، تعتقل ، وتضرب وتخرب وتهدد وتتوعد لذاك الأسد، تارة تطلب وماذا تطلب من أبيه أو أمه وأخيه أو أخته بأن يسلم فادي نفسه، ذاك أيمن ضرب ضرباً مبرحاً وسعادة سجن كأخيه أيمن وأهين الصغير أنور وفشلوا هم وعيونهم بأن يصلوا له قبل أن يريد له الخالق ذلك. نزع شيخنا الشهيد جسده من قريته وذهب لإغاثة أمته المظلومة في جنين ومخيمها فرافقه رفاق دينه ودربه فهناك شيخنا رياض بدير واسعد دقة ومحمود طوالبه. كانت قوافل الشهداء من نساء، وأطفال، وشيوخ وشباب وتبعهم ذلك البطل أسعد دقة فطالته يد الغدر والعدوان في قرية عرابة لينشر فيها رائحة المسك وينشر شمس صباحه فيها، وتبعه الشيخ رياض بدير فروى بدمه مخيم جنين بعد أن تخلى عن زوجته، أطفاله، أهله وأحبته في بلدته ليكتب مع الشهداء إن شاء الله، ومن ثم محمود طوالبه وغيره الكثير. وبقي ذاك الأسد المغوار يترصد للعدو من قرية لأخرى ومن مدينة لأخرى حتى طلبته يد العون والإغاثة في نابلس والبلدة القديمة، أُحب وحب من الناس من رأى، ساعد وعاون الشيوخ وحمى وحافظ على النساء ورعى الصغار وداعبهم، فلم يخلو بيت من اسم شيخنا أو روحه وصوته، أحبه الله وحبب جميع خلقه فيه حموه وأعانوه، أسقوه وأطعموه ورعوه. أصيب الشيخ بأمراض عديدة منها ما جاء جراء الجوع ومنها من التلوث ورائحة الجثث المتعفنة والأوساخ ومنها من الإصابات والشظايا والعيارات. أصيب بتكسر في قدمه افقده صحته ولكن رعته أمهات نابلس جميعاً حتى عادت صحته واسترجع قوته فأصيب وأصيب وبقي حيا يقاوم ويناضل إلى أن أصيب بطلقات نارية دمرت ساقه اليسرى أعطبتها فنقل على إثرها إلى مشفى رفيديا في نابلس قرر أحد الأطباء بتر ساقه فكان الأمر كالحكم عليه بالإعدام لم يبقى الشيخ مكتوف الأيدي طلب المساعدة واستغاث بغيره ونال ما نال أبقى على ساقه لكنه استبدل جزاءا منها بأخرى بلاتينية وعكاز خشبية . بقي على حاله ستة أشهر لم تتركه قوات الغدر فيها يرتاح كان متعبا منهكا فقامت بنشر بيان يقولون فيه ويحثون أهل نابلس والقرى المجاورة أن جرذا يختبئ يريدونه حيا أم ميتا فتكشفت أوراقك يا فادي وعرفك الصغير والكبير عرفك من لم يعرفك إلا باسم الشيخ إبراهيم. تنقلت بعكازك ورجلك المعطوب وبقيت روحك تعلو وتعلو في سماء نابلس وفلسطين. عاودت النضال والكفاح الذي لم ينته منذ ولادتك ورويت بدمك الطاهر أنت وستة من رفاقك وهم نايف أبو شرخ القائد العام لكتائب شهداء الأقصى في فلسطين 45 عاماً، جعفر المصري القائد الميداني لكتائب عز الدين القسام وعمر المسمار 24 عاماً، وجدي القدومي 26 عاما وسامر عكوبه. بكت نابلس وحدت على خيرة الشباب وكانت قد أهلكت نفسها من البكاء على شهيدها محمد فقهاء ابن 17 عاماً والاستشهادي إياد المصري الذي قام بتجنيده فادي التيني "الشيخ إبراهيم" ليمزق بجسده الجنود الغاصبين. فهنيئا لك ما طلبت وما تمنيت يا شيخنا هنيئا لك ولصحبك هنيئا لكم الجنة انتم فيها خالدين إن شاء الله. وترجل المغوار... ليرد في الجنة الأنهار... ويسعد بصحبة الأنبياء الأطهار .