قاسم س. قاسم
«كبارهم سيموتون، وصغارهم سينسون». عبارة قالتها غولدا مائير، الرئيسة السابقة لوزراء إسرائيل، وجسدت طموحها بمحو الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني، على أمل أن تنسى الأجيال الفلسطينية المقبلة أرض الأجداد.
وبما أن مقاومة الاحتلال لا تقتصر على السلاح، بل تتعداه لتشمل مقاومة محو التاريخ والذاكرة التي يعتمدها الإسرائيلي عبر وسائل شتى، ليس أقلها تغيير أسماء القرى الى العبرية. أطلقت منظمة ثابث الفلسطينية أول من أمس مشروعها «حكاية قرية من فلسطين» في قاعة المركز العربي الفلسطيني في مخيم برج البراجنة، «لحفظ الذاكرة الشفوية الفلسطينية، ونقل أخبار القرى التي هجر منها أبناؤها، وخصوصاً أنه لم يبقَ ممَّن عاش النكبة سوى 7% من الجيل الأول في المخيمات»، بحسب المدير العام للمنظمة علي هويدي. لكن، أين الشباب؟ فالناظر الى القاعة يجد أن غالبية الحضور من كبار السن، رغم أن المشروع موجه إليهم وإلى الأجيال الأخرى لتبقى «الذاكرة حيّة من جيل الى آخر».
هكذا، اجتمع أبناء قرية كويكات ليتذكروا مراحل التهجير من القرية. عبد المجيد العلي الذي كان يبلغ حينها 12 عاماً، يتذكر القرية بتفاصيلها: بيوتها وبساتينها و«الطرش». كبار السن في القرية تأملوا في صور قريتهم التي عرضت على شاشة أمامهم. تمر صورة مدرسة كويكات، يضحك أبو جمال العلي. يسحب قلماً ليرسم خريطة مدرسته وكيف كانت الطريق المؤدية إليها مسوّرة بالأشجار. عبد المجيد العلي استذكر كيف كان أهله يعتمدون على زراعة القمح والشعير. ثم يتناول حجراً رملياً كان يضعه أمامه بيد ترتجف قائلاً: «هذا الحجر من منزلنا في كويكات»، ثم يضعه ليسحب رفشاً صغيراً «وهذا الرفش كان يستعمله والدي في الزراعة». لكن كيف حصل عبد المجيد على هذه القطع؟ يهمس لك أحد أقربائه «كان يعمل في الأونروا واستطاع أن يحصل على ترخيص للدخول إلى قريته، فوجد منزلهم أنقاضاً، أخذ الحجر وعاد». أبو سمير شحادة، تذكر وصوله إلى لبنان وسكنهم عند «قرايبين مرتي في العباسية، لكن والدي عاد مع والدتي وإخوتي إلى فلسطين خلسة ليحصد القمح، وبقيت أنا وزوجتي هنا». هكذا، استعاد المسنّون ذكرياتهم عن «الأيام الحلوة» والمرّة، كتسليم جيش الإنقاذ العربي «القرية لليهود بعدما أمرونا بتركها»، يقول أبو عبد قاسم. لكن المستمعين، الشباب، لم يكونوا هنا.
جريدة الأخبار
13/7/2010
تمت الاضافة من قبل
info@howiyya.com
بتاريخ
13/07/2010