يتابع الفلسطينيون شؤون حقوقهم في أرض فلسطين، ويبحثون عن كل ما يثبت هذا الحق فيها.
يشعر الفلسطيني أن ليس من حقه الاستكانة، والتروي عن شؤون وطنه المسلوب، لذلك هو دائم الحركة والبحث عما يؤكد حقه في أرضه، ويثبت ذلك الحق على الملأ، وكأن الكيان الغاصب يحتاج لمزيد البرهان عن عدوانيته، واحتلاله، وقيامه بتنفيذ حالة غير متكررة في التاريخ بأن يفد تسللا إلى ارض الغير، نابشا مقولات وهمية عن حقه في هذه الأرض، في آلاف السنين الماضية.
كل ما في الكيان الصهيوني الغاصب مكشوف، وفاضح، في عدوانيته، وهمجيته، ومجازره غير المسبوقة عن سابق إصرار وتصميم استغرقه مئات السنين، وانتظر حتى آنت اللحظة المؤاتية لينقض على الفريسة التي طالما رصدها هدفا لمشروعه الاستيطاني، برعاية استعمارية مباشرة.
ويأتي عام ١٩٤٨، عام النكبة. وفي الحقيقة، هو لحظة ذروة النكبة، لأنها بدأت قبل ذلك التاريخ بكثير، لكن تنفيذها مشروعا استيطانيا عدوانيا جرى في ما عرف عام النكبة أي ١٩٤٨.
قبل النكبة، كانت حكومة فلسطينية تحكم فلسطين تحت الانتداب البريطاني الوافد منتصرا على أنقاض حربين عالميتين، وحشيتهما جعلت أي انتصار انكسارا وهزيمة للانسانية جمعاء. لكنه، سيطر، وهيمن، ومارس البشاعات المكتنزة في تاريخه الاستعماري العريق. وحشية غير مسبوقة يسجلها التاريخ للمستعمر البريطاني الذي كان شاهدا على المجازر الصهيونية بحق فلسطين الشعب والأرض، دون أن يرف له جفن، ولا يوفر ساعدا لمساعدة المغتصب في توفير ظروف اغتصابه.
الفلسطينيون في حركتهم الكاشفة للكذب الممارس بالقوة، والمفروض على البشرية بالقوة، ما انفكوا ينبشون كل ما تصل إليه أيديهم لمزيد من تثبيت اغتصاب بلدهم من قبل عدوهم، ولذر الحقائق في عيون العالم الاستعماري الذي يتغاضى عن حقائق فلسطين بكل وقاحة، ويدافع عن الاغتصاب، أقله لسبب أنه من فعلته.
كثيرة هي الأدلة والاثباتات التي ينبشها الفلسطينيون لإدانة الصهيوني المغتصب، ومظلته الحركة الاستعمارية الغربية. ابرز ما تمكن من الفلسطيني من كشفه هو جواز المرور لاثنين من الصهاينة اللذين تبوآ مركز رئاسة الحكومة في سلطات الاحتلال، وهما شيمون بيريز، وغولدا مائير.
في العام ١٩٣٨، وهبت حكومة فلسطين شيمون بيريز جواز سفر أو وثيقة عبور ليتمكن من الدخول إلى فلسطين. كان يومها في ريعان الشباب، واقسم، وفق شرط منح الجواز-الوثيقة "الولاء والإخلاص لحكومة فلسطين واحترام قوانينها، وقال القسم وحرفيته: “أقسم بالله العظيم أن أكون وفيا ومخلصا لحكومة فلسطين". ودخل بيريز فلسطين في الثاني من آب (أوغسطس) من ذلك العام وفق الوثيقة التي منحته إياها حكومة فلسطين آنذاك.
وفي العام ١٩٢١، حصلت غولدا مائير، الأوكرانية الأصل، والمجنسة أميركيا، على وثيقة دخول لفلسطين، واعترفت شخصيا بذلك، قائلة: "أنا فلسطينية وأحمل جواز السفر الفلسطينى منذ العام 1921 وحتى عام 1948”.
كلا الشخصين اللذين أقسما الولاء لفلسطين عبر الولاء لحكومتها، ترأس حكومة بلاده، وفي كل حكم من حكمهما، شن حروبا على فلسطين والفلسطينيين، ضاربين قسمهما بعرض الحائط، فأي قسم يمكن التحدث عنه مع صهاينة وظفوا مفهوم "الغاية تبرر الوسيلة" بأصفق وجوهها.
وثائق أخرى تسقط الادعاء الغربي بحقوق الانسان، والعدالة والمساواة، وادعاء العدو الصهيوني بأرض فلسطين هي مجموعة النقود المعدنية مصكوكة زمن حكومة فلسطين بين سنوات ١٩٣٥و ١٩٤٣، وعلى النقود كلام لا لبس فيه عن حق الفلسطينيين بالأرض.
هويات وهبتها الحكومة الفلسطينية لمواطنيها شاهد قاطع لا يقبل الشك، كثيرون من الفلسطينيين لا يزالون يحتفظون بها:
أغطية المجارير قبل النكبة حملت اسم فلسطين، وعليها "Government of Palestine- Haifa District”.
وحمل مطار اللد لافتة الترحيب باسم حكومة فلسطين بالمسافرين عبر المطار، وعليها: “Welcome to Lod Airport”، وهو اليوم مطار بن غوريون
كثيرة هي الشواهد على فلسطينية فلسطين ولا هوية أخرى، ومنها مواصلات وصلت المجتمعات العربية من مصر حتى العراق عبر خط سكك فلسطين قبل تكريس نكبة العالم العربي في تقسيم المنطقة عبر اتفاقية سايكس-بيكو.