17/2/2019
محمد خالد-صيدا/جنوب لبنان
لم يكن اللاجئ الفلسطيني عدنان الحاج موسى يتوقع الحصول يوما ما على أي وثيقة قديمة تثبت وجود منزل لأجداده في قريته أم الفرج قضاء عكا شمال فلسطين المحتلة، لكن تطوعه مع المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية (هوية) بمدينة صيدا جنوب لبنان، فتح له المجال أكثر في الحصول على وثائق بريطانية تثبت ملكية أجداده لمنازل في أم الفرج.
يصف عدنان (30 عاما) فرحته قائلا "لم أصدق أنني حصلت على هذه الوثيقة ووثائق أخرى لأهالي قريتي من خلال البحث، بهذه الوثائق نثبت أن فلسطين لنا، بالأدلة والوثائق وندحض الرواية الإسرائيلية أن لا وجود لفلسطين"، ويضيف "بهذه المستندات نثبت ملكيتنا لأراضينا داخل فلسطين المحتلة ويمكن استخدامها في المحافل الدولية من أجل استرجاع حقوقنا كاملة".
تأسس مشروع "هوية" عام 2008، وهو حسب القائمين عليه مشروع وطني يسعى للحفاظ على جذور العائلات الفلسطينية، إذ يحمل على عاتقه الحفاظ على حق الإنسان الفلسطيني بأرضه المحتلة، سواء الذين بقوا داخل الوطن أو الذين يقبعون في الشتات منذ عشرات السنين.
ويقول مدير المشروع ياسر قدورة إنه "يدعم الفلسطيني حيثما كان ليطالب بحقه مدعوما بالوثائق والصور والروايات التاريخية الصحيحة.. لذلك حرصنا على الاهتمام بتوثيق تاريخ وحاضر كل عائلة فلسطينية، بغض النظر عن حجمها أو طائفتها أو حتى وضعها الاقتصادي أو نفوذها السياسي".
ويهدف مشروع "هوية" لتوثيق كل ما يمكن توثيقه مثل شجرة العائلة، تاريخها وشهادتها على النكبة، والوثائق من أوراق ثبوتية إلى كواشين الأرض، إضافة إلى صور العائلة، مع الاستفادة من التقنيات الحديثة لوضع ما يتم جمعه بين يدي الجيل الجديد كي يكون مادة تدعمه في المطالبة بحقه في قريته أو مدينته.
يوضح قدورة أن ما يقدمه للمشروع ليس بحوثا في علم الأنساب بقدر ما هو شهادات ودراسات تاريخية لإثبات حقوق الشعب الفلسطيني والحفاظ على هويته.
كما يعمل المشروع على تعزيز التواصل بين أفراد العائلة الذين تفرقوا وتشتتوا بفعل النكبات المتكررة التي حلت بالشعب الفلسطيني، وتوثيق الصلة بين الأجيال الجديدة ومن عاشوا في فلسطين وشهدوا نكبتها.
أما عن آلية عمل المشروع، فيقول قدورة "نعمل على بناء شجرة العائلة الفلسطينية، إذ تجاوز عدد شجرات العائلات التي تم جمعها منذ انطلاقة المشروع 6400 شجرة، بعض منها كان موجودا في الكتب والمراجع والبعض تم جمعه من العائلات مباشرة، ومعظمها منشور على موقع هوية www.howiyya.com
وتعمل هوية من خلال مشاريعها على جمع الوثائق والصور العائلية كالوثائق التي تؤكد انتماء العائلات والأفراد إلى بلداتهم الأصلية في فلسطين، وتنشر الوثائق في صفحة كل عائلة على الموقع الإلكتروني.
كما يشمل المشروع "بنك صور شهود النكبة" الذي يهدف لجمع صورة لكل شخص شهد نكبة عام 1948 حتى لا يكونوا في المستقبل مجرد أرقام وأسماء، و"شهود النكبة-الذاكرة الشفوية" الذي يوثق شهادة كبار السن على النكبة، ومشروع "حكاية وطن" الذي يسلط الضوء على المدن والقرى الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، ويزيد الوعي بما تعرضت له هذه البلدات من هدم وتهجير.
ومن المشاريع الأخرى "بصمة عائد" وهو حلقات مصورة تسلط الضوء على أعمال قام بها الشعب الفلسطيني وساهمت في الحفاظ على الهوية الفلسطينية، لا سيما في مجال التوثيق للتراث والبلدات والعائلات الفلسطينية.
ولا يخلو مشروع هوية من صعوبات، يقول قدورة إن أبرزها بالإضافة للتمويل المادي، هي المصدر الأساسي للمعلومات وهم كبار السن، الشاهد والراوي الحقيقي لما عاناه الشعب الفلسطيني قبل وبعد نكبة 1948، أي جيل بلغ من العمر ما يقارب الثمانين عاما، وهؤلاء باتوا قلة، وهو ما يتطلب العمل معهم في أسرع وقت ممكن.
ويشهد "هوية" تفاعلا كبيرا خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتيح الفرصة أمام الفلسطينيين للمشاركة في التوثيق لعائلاتهم عبر الموقع وما يرافقه من صفحات خاصة بالمشروع على منصات التواصل الاجتماعي، فهناك مساحة تفاعل يومي بين إدارة المشروع والمتصفحين، وكذلك بين المستخدمين أنفسهم الذين يتعرفون على بعضهم من خلال الموقع والذين تربطهم صلة القرابة.
ويسعى مشروع هوية لأن يكون مصدرا أساسيا للمعلومات عن كل ما يتعلق بالعائلات الفلسطينية، ويسخر إمكانياته لدعم القضية الفلسطينية.
المصدر : الجزيرة