اجزم
هي قرية من أمهات القرى عتيقة النسب والنسبة نُعتت بالخوالي بعاصمه الجليل ( 0 ) وارتسم من هذا القول على شفاه الدكتور أسد رستم (1) حين قال " إن أقدم مركزين لمشايخ الإقطاع في فلسطين هما قرية "إجزم" وقرية "أبو غوش" . .
وقد أرخ لها الكثير فمنهم من ذهب بأنها كنعانية واسمها اكزيب "أي السيل" وادمج ( زي ) من كلمة إكزيب بحرف ( ز ) حسب اللهجات المحلية فاصبحت "إكزم" وحلت تعاقبا إجزم للأسم إكزم ، وليومنا هذا تسير مياه السيول إليها من المرتفعات عابرة للبحر( 2 ) ، ومنهم من نسب الإسم لطبيعه إجزم الرعوية المناسبه للماشيه أي " ’الجزمة’ وهي ما زاد عن المائة من الغنم " ( 3 ) وبأنها صلاحية " نسبة لصلاح الدين الايوبي " ( 4 ) وآتى ايضا أن الاسم انبثق عن جزم بمعنى قطع وعزم ( 5 ) فقد عرف عن ساكنيها صلابة الرأي والعزم عليه . . . ولا يخفى التذكير بأن أقدم مواطن الانسان في العالم اكتشفت في الكرمل ( 6 ) بل واجمع جل المأرخون على ذلك وعلى مكان وجوده في مغارة الطابون وهي مما يحيط في إجزم ، واكدت التنقيبات التي قامت بها دوروثي جارود ذلك ( 7 ) . . .
تقع إجزم في القسم الغربي من جبل الكرمل ( 8 ) على تله عاليه تحيط بها الجبال والسهول " بلد جميل جداً " تدخلها من شارع فرعي من الشارع العام الذي يربط حيفا ويافا وتل أبيب إلى غزة ومنها لرفح وحينما تدخل الشارع الفرعي ترى إجزم قابعه في بطن الكرمل حيث تتكون من حارتان كسناميين ( الجنوبية ) وتدعى الحارة الفوقا و ( الشمالية ) وتدعى الحارة التحتا ، والجنوبية هي الاعلى ويقطنها دار خديش دار ماضي والزبن والأسعد وعشيرة العواصي اما الشماليه يسكنها اُناس كثيرون هم الصوالحه والزيود والعزايزة والدوايمة وعشيرة الحسن والطوافشة والحماده والحمزة وابو زرد والربوب " و الدراوشه و ابو عابد و البجيرمي و فرحات و جرادات و السويطات و المحسن " ويتوسط الحارتان البلالطه وشرقها عشيرة الوشاحيه ويفصل بين الحارتان المسجد وشمالهُ النبهاني ( 9 ) ، ويبلغ ارتفاع القرية العام 100 متر عن سطح البحر ( 10 ) أما التفصيلي منه فيبلغ ارتفاع الحاره الفوقا 120م والتحتا 100م وبأقصها عند تل رباع الهوى 200م ( 11 ) . . .
تشُمل إجزم مساحه 46905 دونم لا يملك اليهود فيها شبر قط قبل 1948م وتضم قمبازة وام الدرج والمزار والخرب ( 12 ) وعدد سكانها في عام 1945م كان تقديرة 2970م بواقع 422 منزل ( 13 ) لكن الحقيقة عدد السكان بشهادة ساكنيها أكبر وقد تنوعت وظائفهم فشغلوا الوظائف الدينية كالإفتاء والقضاء والخطابه ، والسياسية فمثلوا الكثير من هيئات الدوله ، والصناعيه فعملوا في الميناء ( البور ) و المصفاه ( الفينري ) وبقطاع الإنشاء ، والاقتصادية فامتهنوا مهن متعدده منها العمل كجمالون و مزارعون . . . الخ ( 14 ) . . .
يحد إجزم من الشمال عين حوض ودالية الكرمل ومن الجنوب خربة قمبازة فصبارين ومن الشرق ام الزينات ومن الغرب والجنوب عين غزال ومن الغرب جبع والمزار ( 15 ) وهي ذي طبيعه خلابه كما ذُكر تُطل على سهل ساحلي يبلغ عرضه مقابل المزار 5 كم ويأخذ بالاتساع حتى يصل 8 كم عند عين غزال ويكثر بها المرتفعات كشنه والدالية والمغير ، والمُغر مغر هرماس والسخول الطابون ، والوديان كوادي النحل والمغاره والحنووابو سعيد والدفلى ، والينابيع كنبع الماقورة و الحنانات ، والآبار كبير الهرامس والبير الغربية وهي البير الأكثر ماءً بل وقد درج الإعتقاد بأن الشارب من هذا البير يصبح رأسه صلب ويكتسيه العند ويضرب به المثل ( جزماوي ( 16 ) وشارب من الغربي ) ، أما العيون فكثيرة وتقع في الروحاء " الريحانية ( 17 ) " وتتبع لإجزم وبها عين الشفاق و عين العجله وعين الصفصافه وعين الحاج عبيد وعين سليم ومنها خربة قمبازة ( 18 ) .
وتُعرف إجزم بين الفلسطينين من خلال المثل الشعبي المتداول " إلك في إجزم حق حصان " ( 19 ) وعرف المثل الشعبي الآخر بأن " ذكيهم لبيب وتيسهم عجيب ( 20 ) " والمقصود بالعجيب صفه العند وهي ثوب أهلها ويتضح ذلك بقصه " عنزة ولو طارت " . . .
وقد قدمت إجزم قوافلاً تجسدت فيها أروع البطولات والتضحيات فبذل رجالها الغالي والنفيس لنيل الشهاده بل وتمخضت الشجاعه لديهم من رحم العزم والجزم فآبوا أن يخرجو منها إلا لها وهذا ديدن صغيرها وكبيرها ذكرها وأُنثاها ، وأُعلنت نكبة فلسطين في 15- 5- 1948م وأذآعت ألإذاعة ألإسرائيلية باللغة العبرية في ضحى يوم الإثنين27 / 7 / 1948 م ، الموافق 26 / رمضان / 1368 هجري ، نبأ سقوط ( اجزم ) قائله : لقد أسقطنا " الحمامة البيضاء " وكسرنا جناحيها ، وما برح بني صهيون إجزم قط إلا بعد التأكد بأن القرية خالية مـن المسلحين ، و كان آخر المقاتلين المنسحبين من القرية ، هما المناضلان البطلان : ( يوسف مفلح الفياس ومحمد ألإنجليزي ) وقد تم الانسحاب العام بسبب قصف القريه بالطيران الحربي وبالمدفعية تتابعاً دون انقطاع مما أدى إلا استشهاد الكثير وبإحصائية قُيدت بعد آخر معركة بلغ عدد الشهداء 130 شهيدا ثلاثة منهم استشهدوا داخل إجزم ( 21 ) هم حفظي خديش , محمود أبو شلاش و علي نصار ولم يدفنوا انذاك ( 22 ) .
ومما جاء عن صمود إجزم على لسان كاتب كتاب تاريخ حرب الاستقلال اليهودي" أن تلك القرى الجريئة العنيدة ، لم تصمد أمام هجماتنا المتكررة فحسب ، بل إنها تمكنت مـن منع حركة مواصلاتنا عـلى الطـريق الساحلي الذي يصل بين مدينتي ( حيفا ـ يافا ) ، وإن محاولات احتلال القرى ( 23 ) فشلت عدة مرات وكان ذلك من تاريخ 18 / 7 / 48 ــــ 26 / 7 / 1948 م .
اشتهرت إجزم بشخصياتها وحدث بالخصوص ولا حرج ، فلا تكاد اسرة إجزميه تخلوا من علمِ يُستعلم به ومن شخصياتها الشيخ مسعود الماضي الهرماسي زعيم الساحل من عكا لرفح بلا منازع وابنه الشيخ عيسى الماضي متسلم يافا ، والشيخ مصطفى خديش الهرماسي مؤسس المدرسة المُشاده عام 1881م بتنفيذ المعارف ، والعالم الشيخ يوسف النبهاني وقد شغل القضاء وكان شاعرا وأديبا ومن مؤلفاته كتاب "جامع كرامات الأولياء" في مجلدين ، والشيخ محمد الماضي حاكم حيفا ، والعالم والمفكر الاسلامي الشيخ تقي الدين النبهاني ، والشيخ محمد خديش المشهور بعقاد حيفا ، أخ العالم الشيخ يوسف خديش "الحبية" صاحب رواق بلاد الشام بالأزهر الشريف ( 24 ) . . . ومن آوائل المدرسين في القرية الشيوخ ( توفيق البجيرمي ، حفظي الخُديّشْ ، محمد بلقيس ) ( 25 ) وقد تتلمذ بسابق العهد اكثر رجال القرية على يد الشيخ طه خديش ( 26 ) . . . ومن المخاتير الشيخ مصطفى الحسن ، الحاج عمر مصطفى الحسن ، الوجيه أحمد الحسين عبد الهادي الربوب ، الوجيه حسين الحاج ، الوجيه مرشد الزيدان العواصي ، السيد مصطفى أحمد العمّار، الوجيه توفيق عارف الماضي ، تعقبا للقدم ( 27 ) . . . ولاتخلُ عائلة اليوم من ( طبيبٌ أو مهندسٌ أوعالمٌ أومؤرخٌ، أومعلمٌ ، أو ضابطٌ ، أو موظفٌ، أو تاجرٌ ..... ) جميعهم يُجمع على العودة لإجزم التي حل مكانها اليوم مستعمرة (كرم مهرال) (28).
----------------------------------------------------------------------------
المصادر:
( 0 ) لفظ يدرج على ألسنة أهل القرية .
( 1 ) أستاذ دائرة التاريخ في الجامعة الأمريكية في بيروت / الدكتور اسد رستم .
( 2 ) كتاب إجزم الحمامه البيضاء / الأستاذ مروان ماضي .
( 3 ) كُتيب ديوان أهالي إجزم في الاردن / إربد ، شارع حكمة / منشور بالاجماع .
( 4 ) عضو ديوان اجزم في جنين / المقدم يحيى خديش .
( 5 ) كتاب إجزم قضاء حيفا / اللواء لبيب قدسية ، معجم بلدان فلسطين / المؤرخ محمد شراب .
( 6 ) الاستاذ جميل خرطبيل .
( 7 ) نشر في موقع فلسطين بالذاكرة / محافظة حيفا / قرية إجزم .
( 8 ) كتاب إجزم قضاء حيفا / اللواء لبيب قدسية ، معجم بلدان فلسطين / المؤرخ محمد شراب .
( 9 ) كتاب الأعلام الجغرافية الفلسطينية بين الطمس والتحريف / أ .د. يحيى عبد الرؤوف جبررئيس مجمع اللغة العربية الفلسطيني /بيت المقدس وأستاذ علم اللغة بجامعة النجاح الوطنية نقلا عن مصدرة " شهادة الحاج جودي خديش " ، اضافه اللواء لبيب قدسية في كتاب إجزم قضاء حيفا / فصل العائلات ، اضافه اللواء لبيب قدسية في كتاب إجزم قضاء حيفا / فصل الشخصيات : ( دار خديش و دار ماضي ) يطلق عليهم بنو هرماس ، اضافه السيد جمال الاسعد : الاسعد يطلق عليهم ابو سعيد ، االلواء لبيب قدسية / مختص بشؤون العشيرة : ( الدوايمه و العزايزة ) يطلق عليهم الخضور .
( 10 ) معجم بلدان فلسطين / المؤرخ محمد شراب .
( 11 ) كتاب إجزم الحمامه البيضاء / الأستاذ مروان ماضي .
( 12 ) كُتيب ديوان أهالي إجزم في الاردن / إربد ، شارع حكمة / منشور بالاجماع نقلا عن مصدره ( الموسوعه الفلسطينية ) .
( 13 ) كتاب بلادنا فلسطين / السيد مراد الدباغ .
( 14 ) كتاب إجزم قضاء حيفا / اللواء لبيب قدسية ، كُتيب ديوان أهالي إجزم في الاردن / إربد ، شارع حكمة / منشور بالاجماع .
( 15 ) كتاب إجزم قضاء حيفا / اللواء لبيب قدسية / خارطه إجزم .
( 16 ) كتاب إجزم قضاء حيفا / اللواء لبيب قدسية أورد بان النسبة لإجزم هي إجزمي ( الإجزمي ) وهي اصح من الجزماوي .
( 17 ) الريحانية أو الروحاء : ورد ذكرها "بالريحانية" في عقد زواج اجراه خطيب وامام قرية إجزم الازهري الشيخ محمد خديش بعام 1922م وقد كان ساكنيها من عائلة الحسني وعائلة ابو خديجه ، اما في كتاب إجزم الحمامه البيضاء للاستاذ مروان ماضي اوردها الروحاء وعرف جغرافيا إجزم وكذا اللواء لبيب قدسية في كتابه إجزم قضاء حيفا .
( 18 ) قيد مشترك من أهالي القرية وورد في كتاب إجزم الحمامه البيضاء و إجزم قضاء حيفا .
( 19 ) كتاب الأعلام الجغرافية الفلسطينية بين الطمس والتحريف / أ .د. يحيى عبد الرؤوف جبر .
( 20 ) لفظ عام .
( 21 ) كتاب إجزم قضاء حيفا / اللواء لبيب قدسية / سقوط (قرية اجزم) ــ قضاء حيفا بأيدي العصابات الصهيونية .
( 22 ) شهادة عمار حسين محمود عمار من مواليد 1928 .
( 23 ) كتاب إجزم قضاء حيفا / اللواء لبيب قدسية / سقوط (قرية اجزم) ــ قضاء حيفا بأيدي العصابات الصهيونية ، المقصود بالقرى هي قرى مثلث الرعب ( إجزم ، عين غزال ، جبع ) ، وقد كان الجناحين عين غزال وجبع.
( 24 ) كتاب إجزم قضاء حيفا / اللواء لبيب قدسية / أهـم الشخصيات البارزة في ( قرية إجزم ) خلال العهـدين ( العثماني و البريطاني ) .
( 25 ) كتاب إجزم قضاء حيفا / اللواء لبيب قدسية / الوضع التّعليمي والصحي .
( 26 ) شهادة الحاج فواز فايز الماضي من مواليد 1932م
( 27 ) كتاب إجزم قضاء حيفا / اللواء لبيب قدسية / المخاتير .
( 28 ) معجم بلدان فلسطين / المؤرخ محمد شراب.
كاتب النبذة:احمد خديش الأجزمي / عمان - الاردن / 00962788889683