مـيـرون
ميرون قبل سنة 1948
كانت القرية تقع على السفح الشرقي الخفيف الانحدار من جبل الجرمق، أعلى جبال فلسطين وتشرف على منطقة كثيرة التلال في الجليل الأعلى. وكان وادي ميرون يمتد جنوبي القرية، ويشكل حدها الجنوبي وكانت القرية الواقعة في الجهة الغربية من طريق عكا - صفد العام، تمتد على محور شمالي غربي - جنوبي شرقي. وقد ذكر الدمشقي (توفي سنة 1327)، الجغرافي العربي، ميرون باعتبارها قرية من قرى صفد، تقع قريبا من كهف مشهور. وروى أن اليهود (وربما غيرهم من سكان القرى) كانوا يقصدون الكهف للاحتفال ببعض مواسمهم ومشاهدة ما كانوا يعتبرونه ارتفاعاً عجائبياً للماء من بعض الأحواض والنواويس الموجودة في الكهف. والمرجح أن الدمشقي كان يشير إلى موسم كان يقام بمناسبة "لاغ با – عومر" (عيد الشعلة)، وهي الذكرى السنوية لوفاة الحكيم التلمودي الحاخام شمعون بار يوحاي الذي دفن هناك، بحسب ما يروى.
في سنة 1596 ، كانت ميرون قرية في ناحية جيرة (لواء صفد)، وعدد سكانها 715 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على الماعز وخلايا النحل، ومعصرة كانت تستعمل لعصر الزيتون أو العنب.
في أواخر القرن التاسع عشر، ذكر الرحالة أن ميرون كانت قرية صغيرة عند سفح التلال العالية في جبل الجرمق. وكان سكان القرية الخمسون يعتنون ببساتين زيتون وفيرة الشجر في شمالي القرية وشماليها الشرقي وقد وصفها بيديكر، في سنة 1912، بأنها قرية صغيرة تبدو قديمة، وسكانها من المسلمين. وكانت إلى حين أجري إحصاء سنة 1931، على الأقل، تتألف من حارتين: حارة للعرب وحارة لليهود. وكانت حارة العرب في الشمال الغربي كبرى الحارتين. أما حارة اليهود فكانت مبنية في الجنوب الغربي حول ضريح، لعله ضريح الحاخام شمعون بار يوحاي. وكانت المنازل في الحارتين متقاربة بعضها من بعض. ويدل إحصاء سنة 1931 على أن السكان كانوا يتألفون من 259 عربياً و31 يهودياً، في حين يبين كتاب (الإحصاءات القروية 1945) أن السكان كانوا كلهم من العرب. وكان في ميرون مدرسة ابتدائية للبنين.
كانت الزراعة وتربية المواشي أهم موارد الرزق لسكان القرية وكانت الحبوب أهم الغلال، تليها الفاكهة. في موسم 1942/1943 ، كان 200 دونم من أراضي القرية مزروعة شجر زيتون، معظمها في شمالي غربي القرية. وكان السكان يستعملون معصرتي زيتون يدويتين لاستخراج الزيت. في 1944/1945 ، كان ما مجموعه 6732 دونماً مخصصاً للحبوب وكان في جوار القرية خرب عديدة تعود إلى الفترة الواقعة بين أوائل عهد الرمان والقرن الثالث عشر للميلاد. وقد كشفت التقنيات في خربة شمع، التي تقع على بعد نحو كيلومتر إلى الجنوب الشرقي، عن بقايا كنيس لليهود شيد في القرن السابع للميلاد. وتضم المكتشفات الأخرى، في جوار القرية ، كهفا ً فيه قبور وصهاريج، وقبوراً منقورة في الصخر، ومعاصر زيتون وجملة من بقايا معمارية متفرقة.
احتلالها وتهجير سكانها
طرد سكان ميرون من قريتهم على دفعتين: الأولى بعيد سقوط صفد في يد الهاغاناه بتاريخ 10 أيار / مايو 1948 ، و الأخرى في أواخر تشرين الأول / أكتوبر بعد أن احتلت القرية نفسها، ومن الجائز أن يكون بعض سكان صفد، في أثناء الهجمات عليها، لاذ بميرون في أوائل أيار / مايو وذلك استناداً إلى المؤرخ الإسرائيلي بني موريس. وقد جرت ميرون أيضاً الى المعركة التي دارت في صفد و حواليها يومذاك ثم غادرت الكتيبة الأولى من لواء يفتاح على القرية، في 28 - 29 أيار / مايو ، ودمرت جسراً كان عند مشارفها واستناداً إلى مصادر إسرائيلية، فإن هذه الغارة كانت شنت في نطاق هجوم أعم على القوات السورية واللبنانية المرابطة في الجليل الشرقي. ويقول (تاريخ حرب الاستقلال): "أدت الغارات على مؤخر قواتهم وعمليات التخريب ضد قراهم المختلفة وطرق مواصلاتهم إلى تجميدهم في أماكنهم".
لكن القرية لم تحتل إلا في 29 تشرين الأول / أكتوبر وكانت استهدفت، أولاً، لتكون أولى القرى المزمع احتلالها في سياق عملية حيرام. ويورد المؤرخ الفلسطيني نافذ نزال أدلة غير مباشرة على أنها هوجمت من الجو، فقد قصفتها ثلاث طائرات إسرائيلية لمدة قصيرة قبيل حلول ليل 28 تشرين الأول / أكتوبر، وفق ما ذكر بعض سكان ترشيحا الذين قصفت قريتهم في الوقت نفسه. غير
أن (تاريخ حرب الاستقلال) يذكر أن وحدات لواءي شيفع (السابع) وكرملي واجهت صعوبات في احتلالها، من جراء مقاومة المدافعين عنها ، إلى أن قرر قادة هذه الوحدات أخيراً تجاوزها والاستمرار في التقدم نحو صفصاف . وما كادت صفصاف تسقط حتى سقطت ميرون ، "بعد أن أبيد معظم سرية العدو التي كانت تدافع عنها". ولا يعرف على وجه الدقة ماذا حل بمن تخلف فيها من المدنيين وإن دلت وثيقة من وثائق وزارة شؤون الأقليات الإسرائيلية على أن سكان القرية هجروا عقاباً لهم على مقاومتهم.
المستعمرات الإسرائيلية على أراضي القرية
تقع مستعمرة ميرون التي أسست على أراضي القرية في سنة 1949 ، إلى الشمال من موقعها مباشرة، إن لم تكن بنيت في سنة الموقع نفسه.
القرية اليوم
على الرغم من أن القسم العربي من القرية دمر، فإن بعض الغرف و الحيطان الحجرية بقي قائماً. وفي أحد هذه الحيطان فتحة على شكل باب، وفي حائط آخر مدخل تعلوه قنطرة. أما فيما عدا ذلك. فإن الأعشاب والأشجار تغطي الموقع الذي بات جزءاً من مستعمرات ميرون .و أما الأراضي المحيطة، فقد زرع جزء منها شجر تفاح، وأقيمت غابة في جزء آخر ، كما يستعمل بعض الأراضي مرعى للمواشي والمنطقة موقع سياحي مقصود.
عدد السكان:
عام 1931: 189 نسمة
عام 1944/1945: 290 نسمة
عدد المنازل عام 1931: 47 منزلاً
كي لا ننسى
قرى فلسطين التي دمرتها إسرائيل
وليد الخالدي