صالح بركات بركات
ميعار - عكا
أنا صالح بركات محمد علي بركات، من قرية ميعار قضاء عكا، مواليد ميعار 27 سيبتمبر 1946.
ميعار قرية تبعد عن عكا حوالي 15 كيلومتر، على منطقة مرتفعة جبلية نوعاً ما، بلد كتير حلوة، وفيها أراضي زراعية كثيرة، حولها قرى كثيرة.
كل أنواع المزروعات ممكن أن تزرع فيها، بالإضافة الى كروم الزيتون والحمضيات، والخضار وكروم العنب كانت كثيرة فيها..
مختار ميعار كان الحاج مرعي طه آنذاك، وعنده مضافة وكان مختارا صلباً وقوي جداً. كان في مسجد صغير وكان في شيوخ تعلم قراءة القرآن للأطفال، شيخ المسجد هو عبد الحافظ شحادة.. وأيضاً كان في مدرسة بميعار وتدرس المرحلة الإبتدائية.
بيوت ميعار من طين وحجر مقطع (حجر كليّن) يقطعوه من الصخور ويعمروا به، والسقف من خشب وطين.. من عائلات ميعار، عائلة طه وهي أكبر عائلة بميعار، بركات، العكرية، النمر (النمارية) هذه أبرز عائلات ميعار..
أهالي ميعار، كلهم مسلمون لا يوجد مسيحيون.
عند المرض كان الناس يذهبون الى عكا للطبابة. فلم يكن هناك عيادات أو أطباء بالقرى الصغيرة.
الخروج من ميعار، البلد جابهت في البداية ولم يخرج أحدٌ من الناس بالسهل، وخاصة لما سبعه وذكرت أن المختار كان رجل قوي وشديد، وأبى أن يستسلم بسهولة، ولكن بعد الإصطدام باليهود، كان يجب الخروج من ميعار، ولكنهم خرجوا على بلد قريبة من ميعار، وهذا ما أعرفه، ولا أعرف أكثر من ذلك، فأنا طلعت صغير، ولا اعرف كيفية المقاومة.
لم يكن بميعار مقاهي، ولكن هناك دكاكين قليلة، ويمكن كان في لحام وحلاق.. أذكر إسم الحلاق (حسن عبد الكريم النمر).
إنارة البيوت كانت بالسراج.. ولم يكن هناك كهرباء.
أما الاعراس فهي شعبية.. وحسب ما كنت أسمع أن العرس كانوا يحضروا له قبل يومين أو ثلاثة، والعريس ينعزم عند أقربائه، وقبل بليلة كانوا يعملوا تعليلة وسهرة ودبكة، ثاني يوم (يوم العرس)، يحضّرون الطعام ويعزمون الناس وبعد ذلك يأتي شعراء يلقون قصائد شعرية، والزفة كان الناس يمشون بصف طويل يغنون (حَوَلَيمو) ويغنون أغاني شعبية.
وهنا مقبرة خاصة لأهل البلد ولا تزال حتى الآن.
وعند اللجوء، لجأنا للبقيعة حيث بقينا عدة أيام، ثم خرجنا الى لبنان مع الناس الذين خرجوا. والقرية عندما خرج الناس منها دمّرت بالكامل واليهود محوها,
لم يأخذ أحد من الناس أشياء مهمة باستثاء القليل، فقط الدواب للركوب عليها، وبعض القطيع والجمال والحمير.. فقط للإستخدام..
وأول مكان لجأنا إليه في لبنان هو البازورية، بقينا فيها لغاية 1958، البازورية قرية جيدة، أجور البيوت رخيصة.. سكنا فيها عشر سنوات، عندما انتهت المرحلة الإبتدائية، كنا مجبرين أن ننزل الى مكان فيه مدارس مراحل متوسطة، فنزلنا الى مخيم البص.. وعمّرنا بالبص. مخيم البص كان فيه بيوت عادية. هو بالأساس كان مخيم للأرمن.
الأنروا فتحت عيادة بالبص ومدرسة للأنروا.. أنا ذهبت الى ميعار بعد ما أرسل عمي لي دعوة، وجدت ميعار ممسوحة والبلد فارغة..
لا بديل عن فلسطين ولا كل أموال الدنيا تعوضني عن ذرة تراب من بلدي وخاصة ميعار..