محمد قدورة وريا عزام يرويان شهادتهما عن فلسطين والنكبة
ريّا محمد عزّام، لا أذكر مواليد أي سنة بالضبط، لكن أنا مواليد سحماتا بفلسطين. أذكر سحماتا ولا تذهب صورتها من بالي.. أذكر جيراني من دار قدورة وزيدان.
نحن كنا نسكن بالحارة الغربية. جيراننا دار قدورة وزيدان وعلي سليمان وهم أقارب لنا أيضاً.
سنة 1948، كنت صغيرة، وأنا تزوّجت بلبنان، كنت أعيش مع أخي لأ والدي مات بفلسطين ونحن صغاراً. أخي قاسم كان عمره شهر ونصف عندما توفي أبي وأختي أكبر مني بثلاث سنوات وأنا بعدها حسب الترتيب العائلي، وعندي اخ من أبي عمره 12 سنة، بقي مع أمي، وعندي أخوال من بيت أيوب، ونشأ معنا في البيت أيتام.
عمي إبراهيم عزّام، أذكره من أيام فلسطين، عنده بنت واحدة، وعنده خليل وعبد الله وأحمد.. وكنا نحن جيرانه. كان عمي بأميركا – الأرجنتين وجاء من أميركا ليعيش معنا، وعمّر بيته من باطون جيد، وكان بيتنا من تراب. أكثر البيوت كانت من تراب. وكان وضع عمي جيد مادياً.
عمي أحمد لم يتزوج، كان بالأرجنتين ، وجاء ليعيش معنا. وأصبح ضرير. ثم توفي.
أما بيت عبد الرحمن الشيخ كان إبن خالتي وأمه شيخة الشيخ.
سنة النكبة 1948، نحن نكون ذاهبين الى الفلاحة، أثناء حكم بريطانيا الذي امتد لـ 30 سنة، فجاء الجيش البريطاني وطوق البلد ويرجعون الناس البيوت.
بسحماتا كان عندنا بركة كبيرة وساحة بين الحارتين، وكان الإنجليز يخرجون الاهالي ويجمعوهم بالساحة ويبدأون بتفتيش البيوت، فيكون الإنجليز مدمّرين البيوت، خالطين البرغل مع العدس مع الزيت مع الأرز مع الشعير والقمح، والأواني النحاس مقدوحة.
وبعد ذلك هجمت الدبابات على البلد، فغادرنا من البلد بعد قصف الطائرات للبلد.
محمد قدورة يُكْمِل الحديث: بعد قصف الطائرات للبلد، جاء أبي وقال لأخي، خذ أخواتك واختبئوا بمغارة تلما وأخذ الطرش معه.
فبقينا 4 أيام تحت الزيتون عند مغارة تلما، مع قدوم ضابط أردني فقال لنا، أخرجوا من فلسطين الى لبنان وبعد أسبوع بترجعوا، فخرجنا الى ترشيحا، ولم نر اليهود أبداً. أي أنه من أخرجنا هم الجيش العربي، فوصلت الناس الى لبنان وتحديداً البص في منطقة صور، فوجدت الشوادر منصوبة والمعلبات والخبز موجود أيضاً وكذلك الاغطية.
ريا عزام: أذكر في تلك الفترة، أننا كنا نزتّن (نلم الزيتون) وبدأ القصف فوضعنا الغلة (غلل الزيتون) في الغرف وأقفلنا عليها على اساس راجعين بعد أسبوع.
أنا طلعت من فلسطين مع العائلة كلها، أخي وأختي وأنا وأمي.. خرجنا حتى وصلنا بنت جبيل. ثم ذهبنا الى بلاد حوران وبقينا 4 اشهر بكفر شمس، أنا وأخي وأمي ولحقنا الشيخ شحادة الجشي مع إبنه الذي قتل شاب درزي بفلسطين. ووصلنا بلدة حوران التي لا يمكن العيش فيها.
كنا نحن من بيت عزام وأبو قدورة ويوسف حسن الذياب وصالح الأسعد.
كلنا كنا بحوران، فعدنا بالباص (تهريب) إلى لبنان الى منطقة عيتا الفخار وكان الطقس بارد جداً وعملت البوسطة حادث فمات حسن الذياب.
عيتا الفخار استقبلتنا نحن الفلسطنيين بكل صدر رحب، فتوزّعنا على البيوت بعيتا الفخار. وثاني يوم جاء مجموعة شبابا من عنا وأحضروا سيارة وأخذوا الميّت حسن الذياب وغسلوه ودفنوه بعيتا الفخار، وبقينا 3 أيام هناك رغم البرد والثلج، ثم ذهبنا الى بعلبك، فوجدنا كاراجات ببعلبك وعشنا هناك كل مجموعة عائلات بكاراج وقاووش (بثكنة غورو) ويُفصل بين عائلة وأخرى ببطانية. وبقينا سنة تقريباً، فجاء الطبري وعمّر الفواصل بدل البطّانيات وسكنا خمس سنوات هناك. أنا تزوجت بالمخيم بالبقاع. ثم تمّ انتقلنا الى الراشيدية (كانت معمّرة بالبيوت)، وكل عائلة سكنت بمنزل مستقل لوحدها.
قبل اللجوء، كنا نعمل بالفلاحة، كان عنا كرم الحوزة وكرم الخلّة وأبوس وخلة المرين، وكروم تين فوقاني وتحتاني.
كنت أحوّش تين وزيتون وكنا نعمل وعندنا بقر، وبيوتنا مليئة بالمونة والحبوب والزيت بالخوابي الفخار.... والخير كان يعمّ اللبلد والحمد لله لا يوجد أحد فقير ببلدنا، لا أحد يبيع فلاحته.
والله والله يا ريت أرجع أول يوم على فلسطين ويا ريت أموت ثاني يوم هناك.