إبادة 18 فلسطينيا من عائلة واحدة بمجزرة الغوطة
محمد سليمان واكد (أبو عاطف) شيخ فلسطيني تستبطن مسيرته نكبة شعبه النازفة دون توقف منذ أن هجر من قريته المجيدل، قضاء الناصرة عام 48، حيث قتلت العصابات الصهيونية شقيقه واستقر في سوريا حيث نُكب مجددا.
نزف أبو عاطف (84 عاما) وعائلته هذه المرة بسيف الأقرباء، لا الأعداء، بعدما أودت الأسلحة الكيمياوية السورية بحياة 18 من أبنائه وأحفاده وأقربائه، في قرية زمالكا في الغوطة السورية على أيدي قوات بشار الأسد.
وبحسب ما تؤكده العائلة في الناصرة نقلا عن أبنائها في سوريا والأردن فقد قضى نتيجة القصف الكيمياوي كل من: محمود محمد سليمان واكد، وعلي حسين غازي، وفاطمة محمد محمود واكد، وأسماء محمد محمود واكد، وهبة محمد محمود واكد.
كما قضى كل من: ريم محمد محمود واكد، وعائشة محمد محمود واكد، ويوسف محمد سليمان واكد، وإيمان عبد الحفيظ يوسف واكد، وبيان يوسف محمد واكد، وحنان يوسف محمد واكد، ومصطفى يوسف محمد واكد، وآمنة يوسف محمد، وأمين سعد غازي واكد، ومحمد سعد غازي واكد وزوجته وولداه.
هجرة وإبادة
وبذلك لم تذق عائلة واكد طعم الفقدان والتهجير مرة واحدة فحسب بل لا تزال تتجرعه، فقد تفرقت عام 1948 نتيجة احتلال الصهيونية قريتها المجيدل، وارتكاب جرائم قتل لكثير من أهلها وتشتيت شملهم بين مخيمات اليرموك وجوبر وعين ترما وزمالكا، علاوة على تشتتهم داخل الوطن من يافا حتى حيفا.
وظل بعض أبناء العائلة في مدينة الناصرة وقراها المجاورة وحافظوا على الروابط العائلية بالتواصل المباشر أو الهاتف بقدر ما كانت تتيحه حدود الجغرافيا والسياسة.
وفجع الأقرباء في الوطن بالنبأ المروع ليلة الخميس حول المصيبة التي حلت بأقربائهم في الغوطة السورية مع مئات السوريين ممن قضوا وهم نيام متأثرين بالغازات السامة المستخدمة من قبل الجيش السوري.
ولليوم الثاني على التوالي يستقبل آل واكد في الناصرة جماهير المعزين وشارات الأسى والذهول ما زالت بادية في وجوههم ولاسيما لدى من ربطتهم معرفة متينة بهم.
يجلس حسن محمد واكد المكنى أبا حسين (84 عاما) متكأ على عكازه بوجه مكتئب داخل بيت العزاء، وهو يشير إلى أن نبأ الفاجعة ليلة الخميس وقع عليه كالصاعقة.
يوضح المسن الفلسطيني في حديث للجزيرة نت أنه هو وأولاده هزتهم الفاجعة من أعماقهم ويقول: "والله الموت أفضل من سماع نبأ هذه البلوى ولكن ما في مهروب من المكتوب".
وينوه أبو حسين إلى أن خاله وابن عمه أبا عاطف عزيز على قلبه لأنهما قضيا فترة الصبا سويا في قريتهما قبل أن تضربها الصهيونية عام 48.
ويلفت الشيخ المكلوم وهو يغالب الدمعة إلى أن صديقه وخاله فقد شقيقه عبد الغني غازي واكد خلال اقتحام العصابات الصهيونية للقرية خلال نكبتها.
أبو عاطف فقد شقيقه عام 1948 وولديه وأحفاده في مجزرة الغوطة (الجزيرة) ويضيف: ها هو اليوم يتجرع كأس العلقم مجددا بعد عقود من الهجرة واللجوء بفقدانه ولديه يوسف ومحمود وزوجتيهما وأولادهما في زمالكا الغوطة.
بشار الكيمياوي
ويوضح الأقرباء في الناصرة أن أبا عاطف فتح بيتا للعزاء حيث يقيم هو وولداه عاطف وعدنان بعد انتقالهم من سوريا نتيجة الأحداث فيها قبل عامين.
ويقول وليد غازي واكد (أبو خالد) إن العائلة في الوطن تستعد للسفر إلى الأردن اليوم أو غدا من أجل مساندة أقربائهم في الأردن في محنتهم التي تنوء تحت أوزارها الجبال.
ويشير متحدثا للجزيرة نت إلى أن العائلة ستقدم كل ما تستطيع من دعم معنوي ومادي للشيخ أبي عاطف وأسرته الناجين من المجزرة الكيمياوية "التي ستتوج الرئيس الأسد بشار الكيمياوي على غرار علي الكيمياوي في العراق".
ويبكي الشاب أحمد واكد مصير عائلته وأبناء شعبه الذي تتناوب عليه النوائب في الوطن والشتات فيذوق مرارة التهجير والفقدان مرة تلو المرة وكأنه وجد ليهجّر ويموت قتلا. مضيفا: هذه المرة أدركت جيدا معنى "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة".
وبينما تولى أفراد العائلة دفن أمواتهم في قبر جماعي بالغوطة، تتفطر القلوب في بيت العزاء حزنا كلما تذكرت تقارير عن دفن بعض الأطفال أحياء لتعذر التمييز بين من مات وبين من كان قد أغمي عليه.
المصدر: الجزيرة نت