عدنان الحاج موسى وجورج بيادة – "هوية"
وجدناه والعائلة بانتظار وصولنا إلى منزلهم في منطقة الهلالية في مدينة صيدا وقد استعد ليدلي لنا بما يحفظ من ذكريات، ويضع بين يدي المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية "هوية" ما يحتفظ به من وثائق تربطه وعائلته بحيفا.
هو راتب الصفدي من مواليد حيفا عام 1931.. شاب عربي، طوله 169 سم، عيناه بنيتان، شعره أسود، ويعمل حلاقاً في حيفا.. هذا ما تفيد به بطاقة هويته الصادرة في 21/4/1946.
ووالده سعيد محمد سليم الصفدي (مواليد 1891) ووالدته بهيجة ( مواليد 1901) وكانا يسكنان في حارة اليهود في حيفا، كما تفيد المعلومات في شهادة ميلاد راتب الصادرة عام 1931.
إلا أن العائلة كانت قد غادرت حيفا واستقرت في عكا لبضع سنوات إلى أن جاءت العصابات الصهيونية وارتكبت ما ارتكبته من جرائم قتل وتشريد.. حينها، في العام 1948، وصلت أنباء مجزرة دير ياسين وما تخللها من جرائم بشعة، فكان الوالد سعيد الصفدي واحداً ممن فقد الثقة بإمكانية الجيوش العربي على مواجهة العصابات الصهيونية، فقرر ترك الدار والتوجه إلى لبنان مصطحباً معه أفراد عائلته..
الحاج راتب خرج برفقة والده حاملاً معه بارودته مروراً بصفد ثم إلى بنت جبيل، فعاش السنوات الطوال لاجئاً في لبنان حيث تزوج من بنات البلد وصار له من الذرية قرابة 75 فرداً بين أبناء وأحفاد وأبناء الأحفاد.
انتهز الفرصة في العام 1982 أثناء الاجتياح الإسرائيلي لزيارة فلسطين، فوصل إلى بيته ولكنه وجد يهودياً يسكنه بل ربما يدعي ملكيته.. عاد الحاج راتب إلى لبنان وهو يأمل بالعودة ثانية إلى بيته، ولكن لتكون عودة نهائية بعد تحرير حيفا وتحرير بيت عائلة الحاج راتب من محتليه، وهو بالمناسبة يحتفظ بقطعة حجرية صغيرة من عتبة الدار التي أصر على اقتنائها لتكون شاهداً بل أثراً ملموساً من حقه المغتصب.
يحتفظ الحاج راتب اليوم وقد بلغ الثانية والثمانين من العمر بعدد من الوثائق المهمة، والتي أصرت زوجته على استخراجها من بين كثير من الأوراق والملفات، وبالإضافة لشهادة ميلاده وبطاقته الشخصية الصادرة في فلسطين قبل العام 1948، يحتفظ الحاج راتب بشهادة مدرسية من " المدرسة الحديثة الوطنية" التابعة لجمعية الإحسان الإسلامية بعكا، والتي تفيد بأنه قد ترفع إلى الصف السابع.
تشعر بتمسك العائلة بحقها بالعودة إلى فلسطين من خلال الاحتفاظ بهذه الوثائق لعشرات السنين، وتزداد قناعة بإيمان هذه العائلة بحقها عندما يحتشد أربعة أجيال ( الحاج وزوجته وبناته وحفيداته وحفيدات بناته) لالتقاط صورة عائلية توثقها "هوية" في صفحة العائلة، كرسالة واضحة الدلالة بأن عائلة الصفدي بكل سلالتها لن تنسى انتماءها لفلسطين عموماً ولحيفا خصوصاً.
الحاج راتب الصفدي شاهد على النكبة.. وهو شاهد على العودة إن شاء الله تعالى.