حسن حسين قطامشالمالحة القدس
وُلد جدي (والد والدي ) عام 1885 وتوفي في 1969، يعني بعد نكبة 67سنتين يعني عاش105سنوات.. أنا أذكره وكنت أحلق له, أبي عندما تزوج كان عمره 25سنة.
كان جدي يلبس اللفة والقنبازالعربي , وكان أشقر عيونه زرقاء , كان جميل جداً ووالدي كذلك .هادئ الطباع ويمتلك فوق 80 دونماً من الأرض.. كان مزارعاً يعمل في أرضه , من المالحة وهي تبعد عن القدس 4كلم، وعند أولاد عمي كواشين الأرض . وبيتنا هناك مازال موجوداً ولكن يسكنه ناس من المغرب (يهود).
سكان المالحة سنة1948 غادروها ولم يبق فيها أحد. طلعنا من المالحة سكنا ببيت جالا وبيت لحم، تنقلنا عالحمير والبغال .
جدي شارك في حرب اليمن مع الأتراك . وحج في السعودية ورجع مشي على القدس من شبه الجزيرة العربية .
كان جدي مجاهداً وعنده بارودة , ولي عم واحد .عمي مات قبل سنة ونصف واسمه يعقوب حسين حسن قطامش عاش 92عاماً وانا متزوج بنت عمي يعقوب.. ودفن في بيت لحم (مخيم عايدة) في قبة رحيل زوجة سيدنا ابراهيم .عمي درس أيام المالحة للسابع وكان شرطي مع بريطانيا .ابي كان يأخذ مقاولات..
عمي هواياته الصلاة والصوم حج بيت الله سنة 1950 أما أنا فمن مواليد 1944, كنت صغير ولا أذكر شيء عن اليهود . ولكن سمعت أن اليهود دخلوا القرية و سرقوا ونهبوا وقتلوا . وسمعنا عن دخول الصهاينة لديرياسين وقتلوا حوالي 120شخص من القرية , ودير ياسين هي على حدود المالحة ولفتا وعين كارم والولجة وابوغوش وبيت إكسا وكالونيا والجودة.
والناس خرجت من هذه القرى حفاظاً على العرض والنفس والحياة وبعض الناس من الزعماء العرب قالوا لنا اخرجوا وسوف نعيدكم بعد فترة قصيرة ولغاية الاّن لم نرجع , ولن نرجع حتى يموت جيلنا وجيل جيلنا حتى الوصول إلى نبتة صالحة مثل جيل ونبتة خالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي .
كان أهل بلدنا مسلحين ودافعوا عن القرية ضد اليهود ورجعوا خوفاً على نسائهم هاجروا إلى القرى المجاورة مثل : بيت لحم وبيت جالا ورام الله .
تشتت الناس , سكنوا في بيت جالا وبيت لحم وفي المغر وتحت الشجر ومنهم من جاء إلى الأردن .
نكبة 1948كانت أحقر نكبة في الدنيا شافها الشعب الفلسطيني، حيث الذل والخطر والعقارب والأفاعي .
شعبنا أنظلم والله حماه . أنا طلعت مع أمي وأبي وأخوتي , كنا خمس أولاد و3بنات ,أخي الكبير كان عمره 14سنة , و13و12و10و16و17البنات.
طلعنا بشهر5 وتوفي والدي مباشرة شهر8 (بعد النكبة).
الناس تركت بيوتها وملابسها وثمارها, وأخذت المفاتيح، وأخذوا اللحف والمخدات.
نحن لم نسكن في المخيم, مات أبي وبعدها أمي استأجرت بيت في بيت جالا لم نحاول الرجعة, لأنه كان ممنوع . حياتنا كانت تعيسة جداً, ولم يكن الغذاء متوفراً بسهولة ، استشهد أول شهيد في المالحة سنة 1936 اسمه أنيس قطامش في الثورة وهو أول شهيد.
العائلة في المالحة كنا نعيش مثل الملوك في ملكنا وفي أرضنا أبي كان مقاول حجر في القدس. والأحوال ميسرة, والجيران وكل أهل المالحة هم أخوة, وقرية المالحة وخمس قرى حول الأقصى من بني حسن, أخذنا صلاح الدين الأيوبي من الأردن لحماية الأقصى إلى المالحة على الضفة الشرقية و الغربية , والقرى هم المالحة والولجة وعين كارم ولفتا .
من عائلات البلد , قطامش , عماد, فرج, السفافرة, الأخرس , دار رمضان , دار كوار.
في المالحة كانوا يدقون الحجارة وفيها حلاق ولحام وبقالة وديوان لكل عائلة، في دارحسين محمود هم جواريش والبوكسة عائلة عريقة .
شيخ مشايخ بني حسن , عبد الفتاح درويش (المختار), وكل قرى القدس يضربون له التحية.
كان عنا أكثر من مختار, والنساء كانت تعمل بالأرض والبيت , في الزراعة والتطريز.
وعنا شعراء ومقرئين قرآن (دار الخطيب) وفي عنا مدرسين , وعنا ثانوية بني حسن وكان الطلاب يأتون إلى المدرسة ليدرسوا فيها من القرى الأخرى (من عين كارم وديرياسين).
لوأتيحت لي فرصة العودة إلى البلد , برجع ياريت , لأرجع على أرضي .
لن أبدل بلدي بأي بلد اّخر. ولكني أشكر حكومة الأردن التي أعطتنا الجواز الأردني والهوية الأردنية, لنعمل ونشتغل ويكون لنا كرامة أنا عشت بالكويت 30 سنة هناك .