بدأ التعليم في قرية بيت صفافا كما في قرى فلسطين، حيث سادت طريقة الكتاتيب، والذي وضع الحجر الأساسي لهذا التعليم المرحوم الجليل الشيخ جابر إبراهيم العمري.
يقول الأستاذ موسى عثمان- رحمه الله - قبل حوالي 80 سنة(1): بدأ نظام الكتاتيب على يد شيخنا الجليل في بيته المكون من غرفتين، غرفة يملكها الشيخ الجليل وهي الغرفة الشرقية التي يتعلم فيها الطلاب، والغرفة الغربية يسكنها الشيخ جابر وعائلته (زوجته وأولاده الثلاثة وبناته).
كان هناك باب يصل الغرفة الشرقية والغربية، أمام المدرسة مباشرة ساحة ضيقة من الإسمنت، وعلى طول الغرفتين، يليها كوخ صغير من الطين.
كان الشيخ - رحمه الله - يربي في مدخل الكوخ النحل، ويخزن فيه الأدوات القديمة التي يضيق بها البيت، وأمام هذا الكوخ وخلفه قطعة ارض ضيقة كان يزرع فيها أنواعا من الشجر المثمر، وكنا نرى الزهر على هذا الشجر والحب والثمر الناضج، ولكننا لا نجرؤ على قطعه حلالا أو حراما.
أما الغرفة الشرقية التي كان الطلاب يتعلمون فيها فهي مستطيلة ومنخفضة عن سطح الأرض، وكانت تفرش بالحصير المصنوع من القش.
كان الشيخ الجليل يجلس أمامنا على جلد خروف، وكان الطالب يلبس القبعة (الطاقية) على رأسه أو الكوفية والعقال أو بدون عقال ويلبس (القمباز)، والذي كان مفتوحاً من العنق حتى القدمين ويغلق حين اللباس، وكان لكل طالب حقيبة من القماش تعلق على جانبه برباط طويل، يمتد حول الرقبة من جانب واحد، وحول إحدى اليدين، بحيث تكون الحقيبة بهذا الرباط من جانبيها، وأن تكون تحت الإبط بقليل، وتابع الأستاذ موسى عثمان العاص قائلا (وهو يعيد ذاكرته النشطة):-
كان لكل طالب لوح من الخشب السميك، أما الحقيبة فكانت تحفظ فيها كتب الدين ودفاتر الحساب، وأما اللوح فكان يكتب عليه الألف والباء وسور صغيرة من القرآن الكريم. وكانت تمحى هذه الألواح بإشارة من الشيخ الجليل نفسه، و إلا بقي التلميذ في سورته أو درسه في الألف والباء.
كان محو اللوح -وخاصة في فصل الشتاء - صعبا، إذ كان التلميذ عليه أن يذيب شيئا من التراب الأصفر والأبيض( القلالة)، بقليل من الماء ثم يطلي بيده اللوح من هذا الخليط السائل الذي يدمل الكتابة، ويصبح اللوح نظيفا، ثم يضعه التلميذ في الشمس ليجف، أو يجفف على النار، ثم يقدمه لفضيلة الشيخ بعينه، و يمرر كفه عليه، فإذا ما تأكد من نظافته ونعومته، كتب عليه درسا جديدا، وإلا طلب إلى التلميذ مسح اللوح ثانية.
اختتم الأستاذ موسى عثمان العاص حديثه بقوله: إن الشيخ الجليل جابر إبراهيم أبو شبانه ( العمري ) - رحمه الله-، حاذق البصر، مرهف الحس، سليم الجسم، بل إنه شباب الشيوخ في جلسته ومشيته، وفي نطقه ومنطقه، عالم جليل لا يشق له غبار، رحمه الله وأدخله فسيح جناته.
بقلم الكاتب
مصطفى عثمان...
أرسلتها: ماجدة صبحي