فريق "هوية" يوثّق مع شاهد النكبة الحاج سميح ديب داوود أبو هواش
في بيت متواضع تحيط به الأشجار والورود والخُضرة في مدينة صيدا، يعيش الحاج سميح ديب داوود أبو هواش، ابن مدينة حيفا، المولود عام 1941. نشأ في حي ساحلي عامر بالدفء والجمال، قبل أن تقتلع النكبة عائلته من وطنه.
كان والده يعمل سائق شاحنة ينقل الأحجار والرمل إلى مختلف أنحاء فلسطين، ثم انتقل إلى ميناء حيفا ليقود "اللينش". ويعتز الحاج سميح بجذور عائلته، حيث كان جده وأخواله من الرياس العاملين في الميناء.
في طفولته، التحق بمدرسة "مرمشي"، وكان يردد الأناشيد المدرسية المليئة بالبهجة، منها: "عشقت فيه الثمر وبهجة النادي، عشقت ضوء القمر والكوكب الهادي". ومع اشتداد الاعتداءات والمناوشات بين العرب والصهاينة، اضطرت عائلته للنزوح إلى لبنان، حيث استقروا في صيدا القديمة، وعمل والده في مهنة البناء.
رغم قسوة الظروف التي عاشتها فلسطين آنذاك، إلا أنّ الحاج سميح يتذكر طفولته الغنية بالحياة الاجتماعية؛ حيث لعب مع أبناء الحي، ارتاد السوق والسينما، وشارك في الأعياد الشعبية. وكان البحر القريب من منزلهم يمنحه شعورًا بالحرية والجمال.
ويتذكر الزي التقليدي في حيفا، حيث ارتدى جده القنباز والطربوش، بينما تحول والده إلى اللباس المدني بعد الهجرة. ومن الأمثال التي كانت تتردد في بلدته: "لا تعيرنا يا سوي وإنت أضرب مني بشويه".
أما عن الهجرة، فيروي الحاج سميح أن الانفجارات أجبرت العائلات على الرحيل، وأصيب والده بشظية في رجله نتيجة القصف. خرجوا من فلسطين قبل سقوط حيفا بأسبوع، ليستقروا نهائيًا في صيدا.
الحاج سميح ما زال يحمل فلسطين في قلبه وعقله، ويقول بحرقة: "لا يمكن التنازل، لأنها أرضي، حياتي، دمي... أتمنى أن أعود وأموت فيها". وقد ربّى أبناءه على حب الأرض والتمسك بالهوية، رغم امتلاك بعضهم جنسيات أجنبية.
ووجّه رسالة إلى أهل غزة قائلاً: "ظلوا صامدين بأرضكم حتى ما تذوقو معاناة الهجرة، أنتم شعب يقف الله معكم، والنصر قريب".