
بالرغم من حارة السواكنة في الخليل القديمة كانت هي مسقط رأسي إلا أن فؤادي ارتبط في جبال الخليل الغربية حيث كان كرومنا في وادي الكرم، لم تكن هذه المنطقة قبل عقود مجرد منطقة خالية من السكان، بل كانت جزء حيوي ومهم في تاريخ المدينة الحديث، فهي تحتوي على جبل سبتة (المسكوبية) وعين دير بحة وشعب الملح هذه المناطق التي كان لها دور كبير في الثورة الفلسطينية، حيث كان فيها مقر قيادة الثورة في العهد البريطاني ـ شعب الملح – وكان تقام فيها المحاكم الميدانية زمن الثورة، ووقعت فيها أشهر المعارك التي شكلت مفصلًا في تاريخ الثورة في البلاد، وكانت عين دير بحة أهم وأنقى نبع ماء في المدينة، وكان الانجليز يحملون مائها إلى مقراتهم ومكان إقامتهم، وكنت شاهدًا علي جزء من تلك الفترة حينما كانت أمي وكل نساء المدينة يدعون في صلواتهم للثورة والثوار بقولهم (الله يحميك يا منصور) في إشارة منهم للمناضل عبد الحليم الجولاني ورفاقه، وكنت شاهدًا على تدفق اللاجئين إلى محيط كنيسة المسكوبية بعد نكبة 1948م، حيث مكثوا لفترة طويلة هناك، وشهدت المشفى الميداني والمعسكر الأردني فيها إبان حرب النكسة عندما سقطت البلاد في أقل من 6 أيام.
كان ما يهمني هو الحفاظ على تلك الذاكرة التي أحملها من خلال الحفاظ على وجودنا هناك، وشكلت قضية كنيسة المسكوبية جزءً كبيرًا من اهتماماتي، حيث تقع الكنيسة على ما يقارب ال 80 دونم، وتملك عائلتي (مجاهد) جزء منها في القسم الشمالي، وهي تختلف عن الأراضي التي بيعت في العهد التركي وتم تمليكها لرجل مسيحي من عائلة الحلبي في القدس، وتم تأجير أرضنا بعقد إيجار مفتوح بين العائلة والأرشمندت الروسي، بشرط أن يتم تعمير الأرض (المستأجرة من دار مجاهد) وهذا ما لم يحصل، وقديمًا كانت أجرة الأرض تذهب لخدمة الديوان الخاص بالعائلة، حيث طالبت بأرضنا من أجل تحويلها لمنفعة عامة للمدينة مثل بناء مشفى أو مدرسة أو تحويلها لمنتزه عام، وهذا الذي ما زلت أعمل عليه جاهدًا من أجل منفعة عامة لا خاصة، لأن هذا المكان يشكل جزء من ذاكرتي وذكرياتي.
جانب من لقاء فريق التأريخ الشفوي التابع لنادي الندوة الثقافي يوم الاثنين 28/10/2024 مع السيد أحمد مجاهد مواليد مدينة الخليل عام 1944م، الشكر موصول له ولعائلته على حسن الضيافة والاستقبال.
نادي الندوة الثقافي
30/10/2024
