"هوية توثق ذاكرة الحاجة أمينة الخطيب عن عكّا قبل النكبة"
في مبادرة توثيقية لربط الأجيال بذاكرة الوطن، قامت مؤسسة هوية – بالتعاون مع الأستاذ زياد غضبان – بتسجيل شهادة الحاجة أمينة محمود الخطيب (من مواليد عكّا عام 1936) في مخيّم النيرب بحلب، حيث تُعدّ من كبار المعمّرات الفلسطينيين في سورية.
استعادت الحاجة أمينة، بعينين تلمعان بالشوق، تفاصيل طفولتها في مدينة عكّا قبل النكبة. بدأت حديثها عن والدها الذي عمل في جمع مادة الزفزف (رمل البحر)، ثم وصفت منزل عائلتها المبني من حجارة سور عكّا العظيم، وأجواء الحياة الاجتماعية البسيطة التي جمعت بين الزراعة وتربية المواشي.
وروت ذكرياتها عن المدرسة التي التحقت بها لسنة واحدة فقط، والعادات الشعبية التي كانت تزين الأعراس ورمضان، بما في ذلك صناعة الكعك الجماعية التي ملأت ليالي العيد بالفرح. ولم تنسَ أن تذكر قصة "التفاحة الواحدة" التي تقاسمتها مع إخوتها السبعة، في مشهد يجسّد البساطة والرضا.
وتحدّثت الحاجة بإسهاب عن الأهازيج في الأعراس، وعن الرحلات مع عائلتها إلى الطيرة وبلدة أُمّ الفرج، مؤكّدة أن ذاكرتها ما تزال تحتفظ بأدق تفاصيل الحياة اليومية من خيرات البحر والحقول وحتى "لمبة الكاز" التي أنارت لياليهم.
لكن ذاكرة الطفلة لم تفارقها لحظة الهجرة المؤلمة عام 1948، حين قُصفت المدينة واضطرت مع عائلتها للنزوح وهي في سنّ الحادية عشرة. روت كيف تشتّت شمل العائلة بين صيدا وريف حلب، إلى أن استقرّ بهم الحال في مخيّم النيرب، الذي كان آنذاك معسكراً فرنسياً، حيث استقبلهم أهالي المنطقة بكرم وسند.
واختتمت الحاجة أمينة حديثها بنبرة مؤثرة قائلة:
"كنّا قاعدين بجنان النعيم... جنّة الدنيا عكّا."
مؤكدة أن حقّ العودة لا يسقط بالتقادم، وداعيةً من قلبها لأهالي غزة بالصبر والثبات والنصر.
