لذكرى الصحافيه المقدسية فاتنه الدجاني
تمهل يا غياب..
محمد دراغمة
زاولت الصحافية المقدسية فاتنة الدجاني 15 عاما، كانت محررة، وأحيانا مراسلة، في صحيفة الحياة اللندنية، وكنت التقيها في زيارتي السنوية للصحيفة…
كانت تعيش في لندن، وكانت القدس تعيش فيها…
قالت لي: لندن اعطتني الكثير، لكنها لم تعطيني وطنا، لم تعطيني القدس، اريد العودة إلى مدينة الروح…
عرفتها على الدكتور نادر صالحة، وكان حينها رئيسا لقسم الصحافة والاعلام في جامعة القدس، وبعد أن استمع الى افكارها في تدريس الصحافة، قرر ترشيحها فورا للتدريس في القسم.
بعد شهور اتصل بي الدكتور نادر ليشكرني على هذه المعرفة، فقد حملت معها إلى الجامعة خبرة استثنائية، حيث درست في واحدة من أعرق الجامعات اللندنية، وعملت في واحدة من أعرق الصحف العربية.
كانت تستضيفني في محاضراتها حيث تعرفت على أسلوبها الاستثنائي في تدريس الجيل الجديد من طلبة الاعلام، اسلوب يجمع بين الادوات الجديدة وعمق الأدوات القديمة، يجمع بين الصحافة الانجليزية والعربية.
كانت سعيدة بعودتها الى القدس، وكانت تسميها عودة الروح.
ويشاء القدر أن تصاب بمرض نادر، مرض يأخذ ضحاياه في رحلة إلى الأبدية البيضاء، رحلة لا عودة منها.
عرفت عن دخولها المستشفى من صديقنا المشترك مازن مصطفى الذي يزورها كل يوم. ولانني أتواجد خارج البلاد لمدة شهر في مهمة عمل، لم يتسنى لي زيارتها، فاتصل بمازن بحثا عن بصيص أمل، ويأتيني الجواب الصادم: لا أمل، فقد دخلت في غيبوبة لا عودة منها. أرفض قبول جواب مازن، وأتصل بصديقة عمرها، ماري شحادة، التي تسمعني بحرقة ذات الجواب.
ولأننا من بلاد المعجزات، يظل لدينا أملا بمعجزة ما ، معجزة تعيد الينا الانسانة التي كانت تملأ الحياة حياة.
تقول لي ماري إن فاتنة كانت وسط كل هذا الألم سعيدة بشيء واحد، هو أنها ستموت في القدس وليس في بلاد الغربة الباردة.
فتمهل يا موت على فاتنة القدس.
منقول من صفحه دوز
