تم النشر بواسطة ابو بلال
·٣١ د ·
" لا ما ببيع بلدي ، علوّا نرجع أولما إجينا "
رحلة لجوء الحاجة عائشة محمد حيدر " إم رضا سمارة " من ترشيحا إلى مخيم النيرب
حلب – الجمعة 2025/10/17
هوية – أ . زياد
بعد عدة أشهر من آخر لقاء أجريته السنة الماضية في ذكرى تقسيم فلسطين استقبلتنا الحاجة عائشة محمد حيدر ـ مواليد ترشيحا - عام 36 19 في منزلها الكائن في مخيم النيرب – جانب محطّة القطار ، بعبارة يملؤها المحبّة
" نوّرتو يا خالتي "
كان في استقبال فريق "هـويـة" ابنتها التي استقبلتنا استقبالاً يملؤه
شغفٌ بذكر ماضي والدتها و والدها
____________
و بعد جلسة التعريف بمؤسسة هوية و هدفها السَّامي بإبراز بُغيتها من مقابلات شهود النكبة ، مكثت الحاجة عائشة بعد أن قدّمنا لها شالاً فلسطينياً يحمل شعار المؤسسة
ذهبت تروي لنا قصّتها بكبرياءٍ و شُمُوخ
إذ شرعت { أنا عائشة محمد حيدر ، من مواليد ترشيحا 1936 }
بالحديث بعِزَّةٍ عن ترشيحا التي وُلدت فيها وكبرت و نَعتتها بأنّها أجمل بلد في عكّا
حيث تحدثت عن حاراتها و منزلها المؤلف من طابقين و لديهم أرض يزرع بها والدها التّبغ و الزيتون و التّين و كانت تنشّف التّبغ على أسطوح منزلها و تغطّيه لكي لا يصفرّ ، وكان والدها يمتلك قهوة و يقدّم لزبائنها الشاي و القهوة والبابونج و الزهورات
تستعيد الحاجة عائشة ذكرياتها بأنّها كانت تحمل جرّة الماء على رأسها لمنزلها و لقهوة والدها و وصفت فاكهة التّين بلذّتها و مِيزتها عن باقي القُرَى
و ذكرت بعض أسماء عائلات البلدة [ الكُبَّة ، الرّحمة ، حيدر .... ]
و أنّها قد خرجت من فلسطين و هي بنت ١١ سنة حيثُ لم تدرس في مدارسها ، في حين كانت القرية تضم مسجد ترشيحا بشيخها المصري
و بعد أخذ استراحة بشُرب القهوة استأنفت الحاجة ذكر أعراس القرية بدبكاتها المُميّزة و الكُوفية التي لا تفارق ، و تحنية النساء لأيديهم و من تفاعُلها أصبحت تُنشد و هي تُصفِّق و الابتسامة مرسومة على وجهها ( الهنا يا أمّ الهنا ، يا هنا ..... )
و الأكلات المشهورة في الأعراس و أشهرها الكُبّة التي لا يتوانى أي ترشحاوي في لقاءه ألا يذكرها
و ذكرت بفخر أخلاق شباب قريتها و شهامتهم
__________
و بغَصَّةٍ في القَلب يرافُقها حنينٌ للدِّيار و بعد سنواتٍ من الهجرة تجاعيد وجهها تُعبِّر عن أَلَمَ الهجرة
حيثُ خرجوا من ترشيحا بعد قصف الطيران المتواصل لمنازل أهلها حيثُ خرج جميع أهلها ما عدا ٨ عائلات ما زالت تقنط القرية إلى الآن ومنهم عائلة ( البيك ، الدربي ، خرشد .... )
و قد كان والدها يجمع المال ثمناً الذخيرة التي يواجه بها المحتل الصهيوني
و قد مشوا ليلاً لأيّام في الليل الحالك و البرد القارص افواجا افواجا إلى قرية الرميش في لبنان ثمّ إلى مدينة صور و بعدها بالقطارات إلى سورية إلى أن انتهت معاناة الرحلة و و تلاها معاناة اللجوء و وجع الفقد للديار حيثُ قنطوا بالمهاجع يفصل بين كل عائلة بطَّانيات تكادُ لا تحجب بين عائلة و أُخرى
و الذين هَوَّن عليهم مساعدة أهل القُرى المجاورة من النيرب إلى جبرين و تلّ شغيب
-------------------
ورغم سنوات الشتات الطويلة ما زال الوطن يسكنها، تؤمن أن العودة قادمة لا محالة
و تردّد : { لا ما ببيع بلدي ، علّوا نرجع }
...................
و في نهاية المقابلة
ذكرت مفتخرةً بعادات أهالي ترشيحا في للسّنة الأولى بعد النّكبة بوضع علم أسود في أوّل يوم من كُلّ عيد
ما زالت الحاجة عائشة حيدر
ترى ببصيرتها ذلك اليوم المشهود و هي تعود لأرضها لتعود و تكرّر بيقينٍ تام :
"لا ما ببيع بلدي ، لا ما ببيع بلدي " .
