يرة الجِشّ بلسان الحاج أبو خالد زيدان
حلب – الجمعة 14/11/2025
هويّة – أ. زياد غضبان
بدعوة كريمة من أبناء الحاج كايد زيدان (خالد، موفّق، وزيدان)، وبالتنسيق مع صديق العائلة مربّي الأجيال الأستاذ أحمد محمد أبو حسان، قام وفد «هويّة» يوم الجمعة الرابع عشر من تشرين الثاني بزيارة الحاج أحمد كايد زيدان "أبو خالد"، المولود في قرية الجِشّ عام 1941.
بعد أداء صلاة الجمعة وصلاة الاستسقاء في البلاد، لبّى الوفد دعوة أبناء الحاج أحمد لإجراء مقابلة مع والدهم، سنديانة الجِشّ وعمودها، والذي يحظى بمكانة كبيرة بين أهالي المخيم.
استقبلنا الحاج وأبناؤه بحفاوة كبيرة وابتسامة تعبّر عن دفء الذاكرة وصدق الانتماء. وبدأ أبو خالد باستعادة ذكريات طفولته في الجِشّ حين كان في السادسة من عمره، وذلك بعد أن تَعرّف على مؤسسة «هويّة» وهدف الزيارة.
تحدّث عن نفسه وعن والده، الذي كان يملك عدداً من البساتين المزروعة بالخضراوات المتنوّعة (كالملفوف، والأرنبيط، والنعنع، والبندورة، والزيتون...). كما وصف دارهم الواسعة التي بعض الغرف وكان والدي يمتلك بعض المواشي مثل البقر والماعز، فيما كانت جدّته تمتلك نحو 300 رأس غنم.
ويقع منزلهم بالقرب من مسجد الجِشّ، ولم يتذكّر من الجيران سوى بيت "أبو العبد زينة" المقابل لمنزلهم. كما تحدّث عن "النّبعة" في بستانهم حيث كان أهالي القرية يقضون أوقاتهم الجميلة على ضفاف مياهها.
وتابع حديثه عن معالم القرية من مساجد وكنائس، إذ كان نصف سكان الجِشّ من إخوتنا المسيحيين، إضافة إلى ديوان القرية الذي يجتمع فيه الرجال للسهر وتبادل القصص والأخبار. وروى كيف كان يرافق والدته إلى مدينة صفد لبيع الحليب ومحاصيل الأرض وعصر الزيتون في معصرتها.
ويصف الحاج تلك الأيام بأنها حياة بسيطة وجميلة تحكمها العادات والكرم والطمأنينة. ومن العادات المميزة في الأعراس أن كبار الطائفة المسيحية كانوا يهبون محاصيلهم للعريس دعماً له، كما كانت القرية مشهورة بالدبكة بقيادة أبو قاسم عزّام، وعازف المجوز أبو سليم. فيما حافظ كبار السن على لباسهم التقليدي المعروف بـ (الأمباز، الشروال، الحطة والعقال).
التهجير عام 1948
في عام 1948، كان الحاج أحمد كايد في السادسة من عمره، اضطر الحاج أحمد وعائلته إلى مغادرة قريتهم تحت القصف والخوف من الموت. ناموا ليلتين في مغارة القرية، ثم خرجوا سيراً على الأقدام نحو بنت جبيل مروراً بيارون، وصولاً إلى مدينة صور اللبنانية، حيث استقلّوا القطار باتجاه سورية – وتحديداً إلى مدينة حلب.
هناك بدأت رحلة اللجوء الصعبة؛ إذ عمل هو وأخوه الأكبر علي في أعمال حرة متعددة، حتى تمكّن من بناء نفسه والزواج وتربية أولاده على الصدق والأمانة، إلى أن أصبح لكلّ واحد منهم أسرته وبيته. واليوم، يفخر الحاج أحمد أبو خالد بأبنائه وأحفاده الذين يملؤون حياته دفئاً.
كلمة الحاج أبو خالد
وفي ختام اللقاء، يؤكد الحاج أنه رغم مرور السنين لم يسقط حقّه في العودة، قائلاً:
"ما ببيع أرضي… لا ما بقبل. حدا ببيع عرضو؟ حدا ببيع وطنو؟"
ويختم بوصيته لأبنائه وأحفاده:
"تمسّكوا بالأرض… بقضية فلسطين… وبحقّ العودة. الأرض هي الروح."
